أكدت لنا الأستاذة زيتوني أنه لا يوجد تعريف في القانون الجزائري للعنف الأسري بل يوجد تعداد للجرائم الواقعة على الأسرة على أساس العنف في مختلف التصنيفات من المخالفات إلى الجنح إلى الجنايات فالتعاريف أصلا متروكة للفقه و لشراح القانون و لكن التعريف العالمي للعنف الأسري يمكننا أخذه من المادة الاولى من إعلان الأممالمتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة الصادر بقرار الجمعية العامة رقم 48/104 بتاريخ 20 ديسمبر 1993 و الذي عرف العنف ضد المرأة و الأسرة كما يلي: ( يعني مصطلح العنف ضد المرأة أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية النوع الاجتماعي و يترتب عليه أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة ) و تنص المادة 02 على أنواع العنف على سبيل المثال لا الحصر كما يلي: أ- العنف البدني والجنسي و النفسي الذي يحدث في إطار الأسرة بما في ذلك الضرب و التعدي الجنسي على أطفال الأسرة الإناث و العنف المتصل بالمهور و اغتصاب الزوجة و ختان الإناث و غيره من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة والعنف غير الزوجي والعنف المرتبط بالاستغلال. ب- العنف البدني والجنسي و النفسي الذي يحدث في إطار المجتمع العام بما في ذلك الاغتصاب و التعدي الجنسي والمضايقة الجنسية و التخويف في مكان العمل و في المؤسسات التعليمية و أي مكان آخر والاتجار بالنساء وإجبارهن على البغاء. ج- العنف البدني و الجنسي و النفسي الذي ترتبه الدول أو تتغاضى عنه أينما وقع. أما بالنسبة لإشكالية العنف الأسري و مدى اعتباره ظرفا مشددا فالأمر حسب الحالات و ليس قاعدة عامة، على اعتبار أن العنف الأسري إذا ما كان ضد قاصر شكل ذلك ظرفا مشددا أي أن إلإعتداء ضد قاصر حتى و إن كانت مدة العجز أقل من 15 يوما فإن الجاني يتابع أمام قسم الجنح و ليس قسم المخالفات و إذا كان هناك استعمالا لسلاح أبيض كان ظرفا مشددا بامتياز. وإن المشرع الجزائري في إطار العنف الأسري لم يجعل من تنازل الضحية شرطا واقفا لوضع حد للمتابعة القضائية إلا في حالات جاءت بنص خاص كتلك التي تضمنها نص المادة 2 من القانون 15-19 المعدل لقانون العقوبات جعلت صفح الزوجة ضحية العنف الأسري يضع حدا للمتابعة الجزائية المحركة و المباشرة ضد الزوج . و من تم فالملاحظ أن المشرع الجزائري نظرا لتنامي ظاهرة العنف الأسري خاصة ذلك الذي تتعرض إليه الزوجة قد شدد العقوبة من جهة و من جهة أخرى أراد الحفاظ على العلاقة الزوجية بان جعل من تنازل الزوجة المعنفة سببا لوضع حد للمتابعة القضائية ضد الزوج المتهم مراعاة لمصلحة الأسرة دون المساس بالحق العام. و الجدير بالذكر انه من خلال الممارسة اليومية للعمل القضائي سواء أمام المحاكم أو المجالس القضائية يلاحظ الصرامة و الردع في قضايا التعدي على الأصول و سوء معاملة الأصول و لعل مرد ذلك إلى ضرورة الحد من التعدي على الوالدين في ظل تنامي الظاهرة أما فيما يخص مسألة العنف ضد الزوجة فان السادة القضاة يتعاملون بليونة أكثر حفاظا على الحياة الزوجية بين الطرفين ومراعاة لمصلحة الطرفين معا خاصة في ظل وجود أطفال. كما نص المشرع الجزائري على حماية الطفل من جميع أشكال العنف المادي و المعنوي في القانون 15-12 المؤرخ في 15/07/2015 المتعلق بحماية الطفل المنشور بالجريدة الرسمية العدد 39/15 لا سيما فيما يخص القضاء على ظاهرة تسول الأطفال و استخدامهم لأغراض غير مشروعة وهذه ثورة كبيرة في توفير حماية فعالة للأطفال في الجزائر. كما تمت حماية المرأة مجددا من العنف الأسري بموجب القانون 15-19 المؤرخ في 30/12/2015 المعدل لقانون العقوبات والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 71/15 كتحيين لالتزامات الجزائر الدولية في مناهضة العنف الزوجي المادي و اللفظي و النفسي و المعنوي و بالتالي تكون الآن قد توافرت كافة آليات مكافحة العنف الأسري سواء تعلق بالوالدين أي الأصول أو الأبناء أو الزوجة و يبقى الميدان هو الرهان لضمان التطبيق الحسن للقانون و إقامة العدل وفقا لما هو مسطر له في برنامج الإصلاح الشامل للعدالة الذي سطره فخامة رئيس الجمهورية و يسهر على تطبيقه معالي وزير العدل حافظ الأختام.