توصلنا من خلال جولة إستطلاعية قادتنا إلى سوق الكاسيت بوهران إلى أن الشعبية التي كانت تعرفها الأصوات النسوية في أغنية الراي، قد بدأت تتلاشى وتغيب مع مرور الوقت، وبدأت أيضا تفقد جمهورها وبريقها الذي صنعته في فترة معينة بفضل أغاني شاعت واشتعلت كاللهيب ولكن سرعان ما إنطفأت وانتست تماما. هي حال السوق أم وضعية مغنيات الراي أم مشاكل وعراقيل أخرى، دخلت عالم أغنية الراي أو مغنيات الراي بتعبير أدق حالت دون بقاء نجوميتهم واشراقتهم التي اكتسحت الساحة في وقت ما، ولا أحد ينكر ما حققته بعض المغنيات من نجاح في الوسط الوهراني والغرب الجزائري، وحتى بولايات الشرق والوسط حيث ذاع صيتهن خارج الوطن ونذكر من بين الأصوات التي سطعت في السنوات الأخيرة وغابت اليوم عن الواجهة الشابة خيرة التي تراجعت نسبة مبيعاتها وتراجع الإقبال على ألبوماتها ذلك لكونها لم تعد تأتي بالجديد ال »التوب« كما ذكر أحد باعة الأشرطة. وكانت بدورها الشابة جنات صاحبة شهرة واسعة لدى أوساط الشباب وحتى العائلات الوهرانية وحضور هذه الأصوات كان لا بد منه في الحفلات والأعراس عن طريق »الديجي« وتراجعت شهرة جنات إذ يتواجد حاليا في السوق ألبومها الذي صدر الصائفة الماضية تغني فيه عن العروس ويوم الزفاف بكلمات نظيفة ومعبرة وموسيقى جميلة، وحتى هذا الألبوم حسب الباعة لم يعد يسجل نسبة كبيرة من المبيعات، وتصل يضيف نفس المصدر إلى 20 بالمائة حتى 30 بالمائة وتعود الأسباب أيضا إلى غياب الجديد بحيث أصبح جمهور الراي يبحث دائما عن المغني الذي يأتي بالجديد أو البديل وذلك ما يشير إلى أن هناك ملل بحيث أن شهرة أي أغنية قد لا تتجاوز مدتها أقل من سنة وأكثر الأوقات التي يحرص بعض فناني الراي البروز فيها بقوة هي الصائفة ولكن بعدها يدخل سوق الكاسيت في سبات عميق. وأكد أصحاب محلات بيع الكاسيت بوهران منهم من تخصصوا في التسجيل والتوزيع لسنوات طويلة عايشوا فيها مسيرة نجوم الراي مثل شركة »حب الموسيقى« و»ديسكو مغرب« وكلاهما توقفتا نهائيا عن التسجيل بحيث تكتفي الأولى ببيع الأشرطة. أما الثانية فقد غيرت نشاطها تماما ودور أخرى أكدت أن الصوت الرايوي النسوي قد بدأ يفقد مكانه في الساحة الرايوية وفي سوق الكاسيت ولم يعد مطلوبا من قبل الجمهور العريض وبالموازاة تحقق الأصوات الرجالية في أغنية الراي أكبر نسبة مبيعات تصل حسب المختصين إلى أكثر من 80 بالمائة وما تبقى يحرزه صوت أو إثنان كالشابة دليلة التي تكتسح الساحة حاليا ويصل حجم مبيعات ألبوماتها إلى 50 بالمائة وتتميز بأغاني الأعراس الخفيفة والراقصة وإن كانت أغلب كلمات أغانيها بدون معنى ولكن أكثر ما يتابعه الجمهور العاشق للراي في الصوت النسوي هو الإيقاع والموسيقى وكذا الصوت عكس الرجال الذين يقدمون ما يروق للسامع من كلمات حتى وإن كانت غير محترمة في بعض الأحيان، وتركز المبيعات في هذه الفترة على أغاني الراي العاطفية لكل من هواري الدوفان وحسني الصغير وغيرهما. وبالموازاة ومن خلال جولتنا بسوق الكاسيت اكتشفنا أسماء جديدة ظهرت وتخصصت في أغنية الراي ولا تزال تبحث عن مكان مرموق بين النجمات المختفيات ومن بين الأصوات النسوية الرايوية الجديدة نذكر الشابة آمال والشابة قمر والشابة كنزة وسوسو من العاصمة وتلقب أيضا بسوسو الدزيرية وتغني الراي بفصاحة لهجته الوهرانية، إلى جانب الشابة دانات التي ظهرت قبل مدة ولا تزال تواصل العمل لأخذ مكانها في السوق. والظاهر من خلال ما توضح لنا هو أن طابع الراي أصبح يستقطب الصوت النسوي في الوقت الذي غابت فيه النجمات اللائي صنعن جانبا مميزا من هذا اللون الغنائي المحبوب والشعبي أمثال الشابة فضيلة، وخيرة وجنات، وكذا الشابة سهام والزهوانية وإن كانت أغلب هذه الأسماء غائبة عن السوق، فالأكيد أنها حاضرة في الحفلات والأعراس لإحياء سهرات خاصة هي بالنسبة لها أربح من المغامرة وتسجيل ألبوم قد لا يحقق لهن الربح المطلوب بحيث أصبحت عملية تسجيل أغنية صعب جدا ودائما تخاف المغنيات من الخسارة وذلك ما أكده أهل الخبرة والميدان بأحد شركات التسجيل والتوزيع السابقة. ومن هنا يتضح أن شعبية الصوت النسوي في أغنية الراي لم تبق بذلك الحجم الذي كات فيه أصوات الراي القديمة التي كانت تعد على الأصابع وتقدم الجيد حريصة على نوعية الإنتاج أما مع بروز كميات أكبر فإن النوعية تراجعت وذلك هو سبب تراجع مكانة الصوت النسائي الرايوي في سوق الكاسيت.