انتهى عام 2006 بسرعة وجاء وقت الحصاد والتقييم لأهم الأعمال التي توجت أصحابها فنيا.. هذا العام تميز، وعلى عكس العادة، بركود كبير في الوسط الفني الجزائري، حيث عاش سوق الكاسيت أزمات خانقة عرفت سقوط أعمال الأصوات المعروفة التي كانت في السابق تصنع فرحة وثراء المنتجين. أصحاب أعلى المبيعات في سنة 2005 أقلق نجوميتهم خلال هذا العام ولم يحققوا أي نجاحات تذكر.. عاصمة الغرب الجزائري الباهية وهران التي كانت مركز إطلاق الأغاني والألبومات الناجحة في السوق لم تقدم أي عمل ناجح هذا العام باستثناء ألبوم الشاب بلال "01 مليار" الذي وجد رواجا خلال الصائفة الماضية، مع أخذ بعين الاعتبار أن بلال مغترب في فرنسا أما الصوت الوحيد الذي حقق مبيعات لم تكن منتظرة فهي "سميرة الوهرانية" بألبوم "عيت حشمانة" بينما شهد هذا العام السقوط حر للشابة خيرة بألبوم "ميرسي بوكو" وعلى نفس المنوال تعثر هواري الدوفان وحقق ألبومه الأخير فشلا ذريعا في سوق الكاسيت بينما بقي اسمه لامعا في مجال إحياء الحفلات، وفي قائمة الأسماء التي سقطت هذا العام نجد أيضا عباس، حسان، محمد لمين، سهام ونوال. قراءة بسيطة في نتائج سوق الكاسيت هذا العام تثبت بأن الساحة الرايوية تحتضر وتعاني من الإفلاس الشديد، فهل يشهد عام 2007 نهاية ظاهرة رواج أغنية الراي بعد أن استهلكت نفسها ولم تنجح في تقديم أي جديد؟ المؤكد هو أن نجوم هذه الأغنية قد أعلنوا إفلاسهم فعلا، وإلا بماذا نفسر إقدام خمسة من أصحاب أعلى المبيعات في السوق على إعادة أغنية واحدة وإطلاقها في نفس الوقت وهي أغنية "والله ما يسوى" للفنان حسين الجسمي، حيث نجدها في ألبومات كل من عباس، أنور، كادير، جنات وهواري الدوفان. من جهة أخرى وفي الخط الموازي تماما تعيش الأغنية السطايفية أجمل أيامها بعدما تصدرت إيرادات هذا الصيف بفضل جيل جديد من المطربين قدمها بشكل مختلف تماما، حيث تعتبر أغنية "زوالي وافحل" للثنائي سليم وجميلة من أنجح الأغاني.. هذا وتجدر الإشارة إلى أن الأغنية السطايفية قد دخلت على خط المواجهة مع أغنية الراي العام الماضي، بفضل ألبوم "حلاقة" لحكيم الذي كان المنافس العنيد لنجوم الراي وهو ما يوحي أن الأغنية السطايفية تعد بالكثير في السنوات المقبلة بعدما حجز مطربون مثل زينو وعبدو وسليم مكانا لهم في الصفوف الأولى لأحسن ألبومات هذا العام. صولي تختار المشرق العربي يبدو أن الجفاف الذي ضرب سوق الأغنية الجزائرية هذا العام وألحق الكثير من الأضرار بالمنتجين كان وراء توجه شركة ̃صوليŒ نحو السعي وراء شراكة مع أكبر منتج عربي وهي امبراطورية روتانا وهو ما توج باتفاقية هي الأولى من نوعها في المغرب العربي تم الإعلان عنها رسميا في فندق السوفيتل الخريف الماضي، وبموجب هذه الشراكة صارت "صولي" هي الممثل الوحيد لروتانا في الجزائر، حيث بدأت بالفعل بطرح إنتاجات تحمل شعار الشركتين. والاتفاق بين صولي وروتانا يضم كل أنواع الانتاجات الفنية من ألبومات غنائية إلى أفلام سينمائية وحتى تقديم أصوات جزائرية عن طريق قنوات الفضائية التابعة لروتانا. وفي هذا الإطار كانت صولي قد رشحت كلاّ من زكية محمد وعبدو درياسة للانضمام لقافلة الفنانين المتعاقدين مع روتانا، ومن المنتظر أن يتم الإعلان الرسمي بانضمامهما خلال سنة 2007. صفقة صولي روتانا أكدت أيضا الاهتمام الكبير الذي صارت توليه هذه الأخيرة بالسوق الجزائرية التي صارت تستهلك بشدة الأغنية المشرقية بفضل الرواج الكبير للفضائيات العربية التي صارت تحظى بأكبر نسبة مشاهدة في الجزائر وأنهت عصر "أم 6" و"تي أف1" وأيام الهيمنة الإعلامية الفرنسية على الجزائر. عام وظواهر تحجب الفنانات من القاهرة إلى الجزائر نجاح وتألق في مصر.. وعلامات استفهام في الجزائر من أهم الظواهر التي ميزت الوسط الفني في 2006 هي عودة الحجاب إلى الواجهة بشدة أكثر من أي وقت مضى.. الحجاب في الوسط الفني هذه المرة انتقل أيضا الى الجزائر وشكل حدثا إعلاميا بارزا، خصوصا أنه جاء في سياق استثنائي وغير منتظر على الإطلاق بعد الدعوات التي وجهها الرئيس إلى مجموعة من المثقفين والفنانين لزيارة البقاع المقدسة وكانت نتيجتها إعلان تحجب ثلاث مطربات هن نعيمة عبابسة، نادية بن يوسف وملكة الراي الزهوانية التي كانت مفاجأة أدهشت الكثيرين. والملفت في حجاب الفنانات الجزائريات أنهن لم يعتزلن الفن، بل مازلن يزاولن نشاطهن بشكل عادي جدا وهو ما طرح أكثر من سؤال حول حقيقة هذا التحجب، خاصة أن الزهوانية ظهرت أكثر من مرة في حفلات خاصة بعيدا عن الكاميرات بدون حجاب وفي نفس الأجواء السابقة التي تميّز حفلات الراي المغلقة. وتبقى نعيمة عبابسة الوحيدة التي التزمت بوضع بعض النقاط التي تتلاءم مع وضعها كفنانة محجبة مثل اقتصار إحيائها لحفلات وأعراس نسائية وهي الطريقة الرائج ةحاليا في المشرق العربي، حيث شهد عام 2006 عودة قوية للفنانات المحجبات إلى الواجهة من خلال التلفزيون بشكل ملفت ،حيث قدمن أهم الأعمال الدرامية لهذا العام مثل مسلسل "قلب صبية" الذي سجل عودة الفنانة القديرة سهير البابلي بعد 12 سنة غياب عن الأضواء ومسلسل "حبيب الروح" الذي عادت به الفنانة المحجبة سهير رمزي بعد 15 سنة من انسحابها من الوسط الفني. هذا ويشكل تحجب الممثلة حنان ترك أهم حدث فني عربي لهذا العام حيث قدمت مسلسل "أولاد الشوارع" متخمرة!!! حجاب حنان ترك أثار ضجة كبرى في الوسط الفني المصري والسبب أنه جاء ليكذب نظرية كانت رائجة ومفادها أن الفنانات يقدمن على التحجب بعد أفول نجوميتهن وتراجع الطلب عليهن، فيما اتخذت حنان ترك قرارها بالتحجب وهي في أوج تألقها وعطائها الفني وتعتبر أمل السينما المصرية ونجمة شبكة التذاكر الأولى، ومازالت حنان تواصل عملها بشكل عادي حتى سينمائيا مع شروط جديدة طبعا مثل الاعتراض على المشاهد الساخنة حتى ولو كانت لا تظهر فيها. ممثلة أخرى صنعت هي الأخرى الحدث بحجابها وهي حلا شيحة التي كانت قد تحجبت ثم خلعت الحجاب وقدمت بعض الأعمال السينمائية ثم عادت مؤخرا وارتدت الجلباب والنقاب هذه المرة وقالت توبة من التمثيل. شارع الفضائيات المشرق يبتلع المغرب العربي والجزيرة تفتح جبهة المواجهة مع أمريكا بعد الازدهار الكبير الذي شهدته الفضائيات العربية وبعد التكاثر الكبير لها في المشرق العربي، صارت كبرى المحطات العربية الناجحة تبحث عن سوق استهلاكية جديدة تزيد من مداخيلها بعد أن وصلت الحرب الاشهارية بين القنوات الفضائية في المشرق والخليج ذروتها، فما كان من أصحاب الامبراطوريات الإعلامية العربية إلا التوجه إلى سوق المغرب العربي الذي مازال يحتفظ بعذريته لقلة الفضائية وتبعيتها للإعلام الرسمي حتى ولو كانت تحمل شعار "قناة خاصة". وكانت امبراطورية مركز بث الشرق الأوسط "أم.بي.سي" هي الأولى في النزول إلى السوق المغاربية بإعلانها عن إطلاق "آم.بي.سي المغرب العربي" في شهر أفريل الماضي، لتتبعها شبكة الإرسال اللبنانية "آل.بي"سي" التي مازالت لم تنطلق في البث فعليا ولكنها تملك تواجدا رهيبا في الساحة الإعلامية الجزائرية جعلته ترسم مخططا إعلاميا محكما سيبدأ العمل به في 2007 حيث من المقرر أن تنتج وحدها عشرة أعمال درامية جزائرية خلال السنة تبثها حصريا على شاشتها. قناة الجزيرة هي الأخرى انضمت إلى قافلة المراهنين على السوق المغاربي ولم يمنعها انشغالها بجبهة المواجهة التي فتحتها مع أمريكا بعد إطلاق "الجزيرة الدولية" من إنشاء الجزيرة للمغرب العربي، ورغم أنها محظورة التواجد في كل من تونسوالجزائر إلا أنها اكتفت في الوقت الحالي بمكتب في المغرب في انتظار ما ستسفر عنه مفاوضاتها من أجل إعادة فتحها مكتبي تونسوالجزائر. وفي نفس السياق، ورغم اعتراض الكثير من البرلمانيين على المشروع بسبب تكاليفه الباهظة، أطلقت فرنسا قناة "فرانس 24" وهي قناة إخبارية موجهة للبلدان الفرنكفونية وللمغرب العربي بشكل خاص، في محاولة منها الحفاظ على مكانتها في ظل حرب الفضاء الجديدة والتي ابتلع فيها المشرق العربي أهم الدول الفرنكفونية التي كانت فرنسا الى وقت قريب تعتز بتبعيتها لها ثقافيا على الأقل.. فرانس 24 لن تكتفي بالفرنكفوليين بل ستحاول استقطاب المعربين أيضا، فقد أعلنت أنها ستقوم خلال العام الجديد بإنشاء القسم العربي للقناة التي ستقدم نشرات أخبار باللغة العربية وهو نفس المنهاج الذي اتخذته القناة المغربية الفرنسية "ميدي سات" التي خرجت إلى الوجود مؤخرا لتفتح جرح قديم إسمه "انغلاق المجال السمعي البصري في الجزائر". الزهوانية الأكثر مبيعا حسب إحصائيات لوندا مع نهاية العام قدم الديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة قائمته الخاصة بالألبومات الأكثر توزيعا في السوق.. وتقدم لوندا هذه الإحصائيات نسبة الى طلب المنتجين لطوابع حقوق التأليف عن أي انتاج غنائي، لكن تبقى هذه الاحصائيات غير دقيقة على الإطلاق، لأنه من المعلوم أن المنتجين يتلاعبون في هذه النقطة بالذات حيث نجد في قائمة لوندا للسنوات الماضية أسماء غير معروفة على الإطلاق تحتل رأس القائمة والسبب أن المنتجين يقومون بسحب طوابع بأسمائهم ووضعها على إتناجات أخرى لمطربين معروفين يكثر عليهم الطلب في سوق الكاسيت. وحسب ترتيب لوندا لعام 2006 عادت المرتبة الأولى للزهوانية بألبوم المديح الديني الذي قدمته بعد عودتها من الحج بعنوان "سيدي محمد رسول الله" عن شركة صولي. بينما احتل لطفي دوبل كانو المرتبة الثانية بألبوم "كاميزول" عن دار دنيا وفي المرتبة الثالثة الشاب بلال وألبوم "01 مليار" عن شركة "ريدسون. عام الانتصارات النسائية بامتياز إنه عام الانتصارات النسائية على مستوى سوق الأغنية سواء في الغرب أو الوطن العربي، وحتى الجزائر حيث سجلت الزهوانية أعلى المبيعات على حساب الشاب بلال وانتهت الحرب الدائرة في المشرق العربي بين نانسي عجرم وإليسا لصالح هذه الأخيرة التي تربع ألبومها "بستناك" عرش المبيعات في كل العالم العربي بعد جولة متعادلة في السنة الماضية بين ألبومها "آه ونص" لنانسي و"كل يوم في عمري" لإليسا التي حققت سابقة تعتبر الأولى من نوعها وهي حصولها على جائزة الموسيقى العالمية مرتين على التوالي. أما عالميا فكان الصراع مقتصرا على ثلاث نساء أيضا هن ماريا كاري، شاكيرا والعجوز العنيدة مادونا حيث واصلت ماريا كاري حصد جوائز ألبوم "تحرر مي مي" وكانت الجولة العالمية "جولة ساحة الرقص" لمادونا الأنجح عالميا بينما تربعت شاكيرا على عرش مبيعات السنة بألبوم "الأرداف لا تكذب" وهو ما يثبت بأن سحر الشرق مازال يحتفظ بكل بريقه. الكينغ حقق نجاحا متوسطا والأمير بطل أكبر فضيحة لسنة 2006 رغم أن الكينغ خالد قدم ألبوما مميزا خاصة من الناحية الموسيقية، إلا أن نجاحه لم يتجاوز حدود العادي وحتى أغنية ماس ولولي التي قدمها مع ديانا حداد لم تصمد طويلا في مواجهة زحمة الألبومات الصيفية التي نزلت لنجوم الأغنية العربية مثل نانسي عجرم، عمرو دياب وإليسا، أما أمير الراي الذي كان من المنتظر أن يكون ألبومه "ليالي" الذي سجله في القاهرة فقد تصدر الصفحات الأولى للجرائد والمجلات ولكن على الصعيد الشخصي وليس الفني، حيث كان بطلا لأكبر فضيحة لسنة 2006 بعد أن ألقت عليه السلطات الفرنسية القبض في مطار أورلي بتهمة "العنف العمدي والاحتجاز" ضد شخص إيزابيل سيمون مصورة فني مختصة في متابعة نجوم الراي في فرنسا والتي اتهمته بإجبارها على الإجهاض والاعتداء عليها لفظيا وجسديا، القضية شهدت تطورات خطيرة، كما ألقت الشرطة القبض على ميشال ليفي منتج الشاب مامي بتهمة الاشراك في الجريمة. وإذا كان موعد محاكمة مامي قد حدد بتاريخ 7 جانفي المقبل فإن السلطات الفرنسية رفضت الإفراج عنه رغم كل الضمانات التي قدمها محاموه لقاضي التحقيق.. الشاب مامي في حالة ثبوت التهمة عليه مهدد بعام سجنا نافذا على الأقل وغرمة مالية كتعويض للمدعية عن الأضرار المعنوية والجسدية التي لحقت بها. هذا وتجدر الإشارة إلا أنه تم إلغاء كل نشاطات مامي المبرمجة لعام 2007 في حين نزل ألبومه ليالي في هذا الطرف الاستثنائي جدا دون أن يحقق أي نجاح يذكر.