هل ربط قمة مراكش حول المناخ بإفريقيا , يجعل منها قمة ناجحة و متميزة عن القمم الأخرى ؟ أم أن نجاح القمم يقاس بالنتائج , لا بمكان انعقادها ؟ و لكن لا بأس أن نعتبر أن قمة مراكش خصصت جزءا من اهتمامها للقارة السمراء. و جمعت القادة الأفارقة في قمة موازية للعمل الإفريقي حول المناخ و قضايا أخرى . و أقامت جناحا لإفريقيا أسندت مهام تأطيره و تنشيطه للبنك الإفريقي للتنمية و اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة الخاصة بإفريقيا, المكلفة بدعم عملية تهيئة الظروف المساعدة على تنمية القطاع المالي , روح المقاولة و نشاطات القطاع الخاص بالقارة السمراء. و هو الفضاء الذي تمت فيه مناقشات حول مواضيع ثرية بالدلالات , كالمال و المناخ و التصنيع و تكييف الفلاحة و نقل التكنولوجية ... ولكن , سواء تركز الاهتمام على إفريقيا أو شمل العالم كله , فإن انشغال المدافعين عن البيئة يكمن في انحصار النقاش حول التغيرات المناخية في البنوك و الشركات التي يحملونها مسؤولية الاحتباس الحراري, كونها تُسَبِّق الربح على أي اعتبارات أخرى. التكنولوجيا جزء من المشكلة المناخية و يرى نشطاء المناخ أن بعض المكلفين بمعالجة المسألة المناخية , لا صلة لهم بالواقع الذي يعيشه الأفارقة في قراهم و أراضيهم , و بالتالي يخطئون عندما يراهنون على التكنولوجية لحل مشاكل الاحتباس الحراري , و منهم من يعتبرها العامل الأساسي في ارتفاع درجة حرارة الأرض .و المثال, يجدونه في البنك الإفريقي للتنمية أو في اعتقاد هذه المؤسسة المالية أن التنمية الفلاحية بإفريقيا تمر حتما بتوفير الأسمدة و الكل يعلم أنها تلوث التربة و تفرز الغازات الدفيئة المتسببة في الاحتباس الحراري ويحتاج إنتاجها إلى استهلاك مفرط للطاقة . و يتساءل حماة البيئة كيف ما لا يصلح للفلاحة الأوروبية , يصلح للفلاحة الإفريقية ؟ في إشارة إلى عزم الاتحاد الأوروبي على وقف استيراد الأسمدة المغربية لاحتوائها على نسبة عالية من الكادميوم العنصر الكيميائي السام , بينما تسعى مجموعة مكتب الشريف للفوسفاط المغربية التي تستعمل تقنيات شركة مونساتو الأمريكية (المغضوب عليها بيئيا) في إنتاج الأسمدة , تسعى من خلال إنشاء مركب جديد للمخصبات الفلاحية بإفريقيا , إلى إغراق السوق الإفريقية بالأسمدة الكيمائية تحت عناوين براقة , ك"المساهمة في إحداث ثورة خضراء حقيقية في القارة السمراء" ...و ك"فلاحة ذكية لمواجهة التغيرات المناخية" أو العنوان المستعمل بكثرة خلال أشغال قمة مراكش "تكييف الفلاحة الإفريقية" . و هي المبادرة التي تحظى بتشجيع بعض المنظمات الأممية مثل منظمة التغذية و الزراعة التي تدعم مشاريع تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية بتمويل من القطاع الخاص . * أقنعة خضراء خلال القمم و يعتقد حماة البيئة , أن مثل هذه المبادرات , إنما وجدت كمطية للشركات المتعددة الجنسيات للاستحواذ على أموال الصندوق الأخضر للمناخ للأمم المتحدة , دون مساهمة فعلية في الحد من عوامل الاحتباس الحراري , و من هذه العوامل ما يسمى بالفلاحة الذكية , التي تقضي على الزراعة الطبيعية, و ترهن السيادة الغذائية للشعوب .علما أن حوالي 27 دولة إفريقية ركبت إلى حد الآن موجة "مبادرة تكييف الفلاحة مع التغيرات المناخية ", على حساب الفلاحة الريفية المحلية و تقريب الإنتاج من المستهلكين , النمط الأكثر رأفة بالمناخ و بالطبيعة . و يمكن للمهتمين بقضايا المناخ , أن يلاحظوا بسهولة , كيف أن قمة مراكش مثلها مثل قمة باريس , قد فتحتا شهية رجال المال و الأعمال ,الذين راحوا يتنافسون في تنظيم حملات ترويج و إشهار لمنتوجاتهم لصالح "الاقتصاد الأخضر", و في جميع القطاعات . و في هذا الشأن صرح رئيس مجلس إدارة المجمع الصناعي الطاقوي الفرنسي "أنجي", أن 70% من الاستثمارات الموجهة لتجسيد أهداف الحد من التغيرات المناخية , مصدرها خواص . و يعتبر قطاع الطاقة من القطاعات الأكثر استقطابا للمستثمرين الباحثين عن الربح المضاعف بغض النظر عن طريقة إنتاج الطاقة . فالمغرب مثلا ؛ لجأ إلى الاستثمار الأجنبي لإنجاز محطة للطاقة الشمسية إلى جانب محطات أخرى تشتغل بالفحم والغاز دون استبعاد إنجاز أخرى نووية.كما يسعى المغرب إلى اقتطاع جزء من السوق الإفريقية عبر شركة "ناريفا" بالتعاون مع مجمع "أنجي" الفرنسي ,بدءا بمصر و الكامرون و السينيغال و غانا و الكوت ديفوار . هذه الأخيرة التي أبرم معها اتفاقا لإنشاء محطة لتوليد الكهرباء تشتغل بالفحم ؟ مما يسقط كل الأقنعة "الخضراء", التي يلبسها منظمو قمم المناخ خلال أيام معدودات يزداد بنشاطاتها و تنقلات أطرافها ,انبعاث الغازات الدفيئة بنسبة معتبرة . و لذا فنصيحة نشطاء البيئة, تدعو إلى عدم ترك القرار بخصوص حماية المناخ , بين يدي الشركات المتعددة الجنسيات و رجال المال .و وضعه بين يدي الشعوب , لأنها هي التي تقاسي ويلات الاحتباس الحراري و أضرار التغيرات المناخية فالقرار قرارها و لا شك أنها تتوفر على اقتراحات و حلول موضوعية في هذا الشأن .