إحتضن أول أمس رواق الباهية بمديرية الثقافة لوهران معرضا للفنانة التشكيلية عوف مو خليفة والذي سيتواصل إلى غاية 17 فيفري الجاري ، حيث امتزجت الألوان الجميلة المعبرة عن العديد من المواضيع المختلفة سواء مناظر طبيعية من مآثر المدينة ومنها ميناء وهران وغابة كريشتل ومناظر عامة لأحياء سيدي الهواري وباب الحمراء وجامع شارع فيليب إلى جانب لوحات تعبّر عن المناظر الجميلة لغروب الشمس على أمواج البحر وغيرها من الألوان البديعة التي ترجمتها ريشة الفنانة التشكيلية السيدة عوف. وعلى هامش هذا المعرض الذي يضم 20 لوحة فنية ذات طابع خاص للفنانة كان لنا معها هذا الحوار الشيق. لوحاتك المعروضة تعكس الصورة الواقعية للحياة العادية فهل وجدت صعوبة في ترجمتها على اللوحة؟ الفنان الحقيقي هو الذي يمرّ على جميع المراحل والمدارس من تجريدية وواقعية وانطباعية و غير ذلك ثم بعد ذلك يختار الأسلوب الذي يناسب ذوقه وشخصيته لكن أن يبدأ الفنان بالتجريدي دون إتقان المدارس الأخرى خاصة الواقعي فإنه لايستطيع أن يتميز في أعماله فحتى بيكاسو أو إيسياخم كونوا لأنفسهم أسلوبا ولكن بعد تمرن طويل في مجال الرسم. كيف بدأت السيدة عوف رحلتها مع الريشة والإبداع؟ الفضل الأول والأخير يعود لوالدي رحمه الله فلقد سجلني في مدرسة الفنون الجميلة بعد الإستقلال في سنة 1962 تحت إشراف بلدية وهران والتي رجعت فيما بعد تحت وصاية وزارة الثقافة منذ سنوات فقط وبعد ذلك ذهبت للعاصمة لأحضر لشهادة خاصة بتصميم الأزياء في ثانوية خروبة، وفي ذلك الوقت كنت أدرس في النهار وأعمل كحارسة داخلية في الثانوية، كنا آنذاك عشرة فقط من القطر الجزائري واحدة من وهران وهي أنا وواحدة من بجاية وواحدة من عنابة وخميس مليانة وثلاثة من العاصمة ، بعد ذلك أي سنة 1966 1967 كانت مسابقة الدخول للمدرسة العليا للفنون في الحراش وكانت أول دفعة تتكون كأستاذة في الرسم الفني وعملت في أول مركز للعمل في مجال الرسم بالحراش وأعطينا دروسا للتلاميذ من أجل أن ينالوا الشهادة في مركز التكوين المهني. هل بقيت فترة طويلة في العاصمة أم عدت إلى مسقط رأسك وهران؟ تحصلت على منصب أستاذة تم تنصيبها في عام 1968ودرست في مدرسة عقبة بوهران ولم يكن هناك برنامج من الوزارة فوضعت برنامجا للتنشيط وهذا حسب توجيه التلاميذ، كنت أعلمهم الرسم إلى جانب كنت أعلم رسم المرأة وهي ترتدي ملابس وفي 1973 إلتحقت بمعهد يغموراسن وترقيت إلى منصب جديد وأشرفت على تكوين أساتذة لمواد مختلفة في العلوم، القواعد، الرسم الخاص بهيكل الإنسان وغيرها وفي سنة 1982 إتصلت بي الوزارة من أجل أن أقدم تجربتي الخاصة في المجال التربوي ، ومن أجل تكوين أساتذة في مجال تعليم الرسم الفني وكانوا معي زملاء ومن بينهم من مصر وواحد سوري وكان لدينا ثلاثة أقسام للمتربصين من كل الغرب الوهراني وبعد ذلك قرّرت الوزارة تكوين مفتشين وكنت الوحيدة من الغرب من بين أربعة الذين إلتحقنا بمدرسة إطارات ببن عكنون. كان حظك سيدتي أن تكون أول امرأة من الغرب الجزائري مفتشة في مادة الرّسم الفني فهل فتح لك هذا المنصب آفاقا جديدة؟ أجل كنت محظوظة جدا، ربما بفضل دعاء الوالدين وكذلك والدي المثقف الذي فتح أمامي فرصة التعليم وتحسين مستواي فلقد تم اختياري بعد ذلك للذهاب إلى فرنسا من أجل إكمال دراستي في مجال الفن وكان حظي أنني تتلمذت على يد السيد فليكونيس الذي كان أصلا من مواليد وهران فجده هو صاحب اللوحات الفنية والزخرفة الموجودة بمسرح وهران والبلدية فلقد نحت روائع لازالت موجودة إلى غاية اليوم وبعد عودتي أصبحت مفتشة جهوية للطنف الوهراني أي أشرف على خمس ولايات منها مستغانم، عين تموشنت، تلمسان، بلعباس وطبعا وهران والحمد لله تخرج تحت يدي العديد من الأساتذة في الرسم الفني وقمت بترسيم كل الإطارات كأستاذة إلى غاية سنة تقاعدي عام 1999، وهذا بعد 14سنة كمفتشة جهوية. ربما كثرة إنشغالاتك لم توفر لك الوقت لرسم اللوحات التي حلمت بها، فهل حققت ما كنت تريدينه بعد تقاعدك؟ أجل استطعت أن أقوم بعدة معارض ولكن حتى خلال مساري المهني شاركت في أول عرض خاص بتزيين الستائر الخاصة بالقصر الرئاسي في عام 1974 من أجل تقديم أوبيرات خاصة بالناجحين في الباكالوريا ، كما شاركت في معرض دولي بالقاهرة لعدة سنوات وهذا في سنة 1978 و1990 1991 1992 ولقد سعدت بذلك كثيرا عندما استضافتني إذاعة صوت العرب التي كنت أحلم برؤيتها منذ الصغر. لنعد إلى لوحات معرضك على ماذا ركزت أكثر في مواضيعك؟ ركزت أكثر على المناظر الخاصة بأحياء وهران وبعض لوحاتي تعكس زرقة البحر التي تسحرني وتعطيني مشاعر جميلة أترجمها من خلال ألواني . ماذا عن أبحاثك الأخرى خارج الريشة؟ صدر لي كتاب عام 2004 حول اللباس التقليدي الجزائري عن مؤسسة إيناك بالعاصمة ومحتواه يتحدث عن الأزياء التقليدية، عن المرأة والرجل وعن كامل القطر الجزائري ويحتوي على صور ووثائق نادرة وللعلم فلقد انطلقت في هذا البحث منذ سنة 1966 حيث نصحتني »جاني نوييك« بذلك من خلال تاريخ الفن الخاص باللباس الفرنسي فقلت في نفسي تاريخ بلدي أولى بذلك. ما هي مشاريعك المستقبلية في مجال الإصدارات دائما؟ هناك كتاب حول الرسامين الأوائل بوهران وهو جاهز فقط لم أجد دارا للنشر تتبنى المشروع وفي مجال الألوان والريشة؟ هناك العديد من المواضيع التي أحب أن أجسدها وأكيد سأخرج ما في داخلي من أحاسيس لتترجمها الألوان. كلمة أخيرة؟ أشكر السيدة ربيعة موساوي التي استدعتني رفقة الأستاذة فاطمة بن عبو لتنشيط هذا الرّواق الفني من خلال المعارض الفردية أو الجماعية وخصصت لكل فنان أسبوعين من العرض ، أما فيما يخص معرضي فأنا أدعو محبي الفن التشكيلي والألوان أن يزوروا المعرض حتى تكون هناك حركية بين العارض والمتلقي وأشكركم على فتح فضاء الجمهورية للتعريف بشخصي وبفني الذي يصبّ في تراث الجزائر وجمالها الخلاب.