اشتركت كل من الفنانتين العصاميتين، نور شراز وآسيا زيماموش، في معرض تشكيلي بعنوان »الروابط المقدسة« احتضنه مؤخرا المسرح الوطني الجزائري »محي الدين بشطارزي«. حب الريشة والرسم دفع كلتيهما الى دخول هذا العالم الجميل والاستمتاع بكل فنونه وتشكيلاته، إضافة الى استغلاله في طرح مواضيع ذات طابع انساني في المقام الاول. الرسامة نور شيراز من مواليد سنة 1973 هي أستاذة مختصة في الإعلام الآلي ومتحصلة على شهادة شرفية من جمعية الفنون الجميلة في الفن التشكيلي سنة 1995، وهي عضو في ورشة الفن التشكيلي للفنان شعيب زواوي منذ سنة 1993، كما أنها متحصلة على ديبلوم في مجال الديكور، وفوق كل هذا تشتغل ممثلة لإحدى الجمعيات التي تنشط في المجال الاجتماعي. نظمت شراز 29 معرضا منذ سنة 1996، والانطلاقة كانت من قصر الثقافة مفدي زكرياء، وفي حديثها مع »المساء« اشارت هذه الفنانة إلى أن فنها ما هو إلا إحساس ونشاط إنساني في المقام الاول، فهي تحترم كثيرا هذه القيم وتتألم لفقدانها أو لتجاوزها، وهذا راجع إلى تكوينها الاسري ولعملها الجمعوي الذي احتكت من خلاله بمختلف الشرائح وعرفت معاناة الكثيرين، لذلك فهي مثلا ترسم في مواضيع العنف والإعاقة والحرمان وغيرها، مع الاحتفاظ بلمسة فنية خاصة، مفضلة الالوان الداكنة جدا أو الفاتحة جدا ولا تميل الى الألوان الوسط. ما يلاحظ في معرض هذه الفنانة، أنها تصر على إرفاق لوحاتها بتعليقات خاصة بمضمون اللوحة، فمثلا أحد تعليقاتها كتب عليها »لا أرى الضوء التي ترون ولا تدفئني الشمس التي تدفئكم«، وهي تخص الإنسان الضرير. كما استعملت هذه الفنانة تقنية خاصة، وهي تشكيل لوحات من قصاصات صور فوتوغرافية، موضحة ل»المساء«، أنها تعتمد هذه التقنية عندما تعجز عن تجسيد موضوع ما يثيرها او يهمها تحاول التطرق اليه، أي أنها تكملة لرسمها، ومن أهم لوحاتها بهذه التقنية لوحة »لحظة«، الى جانب لوحات اخرى عرضتها الفنانة منها لوحة »كانت اللغات«، وهي لوحة مضيئة دليل على نور اللغات. أما الفنانة الهادئة آسيا زيماموش، فجلست قبالة لوحاتها تتأملها تماما كما يفعل أي زائر أو مدعو للمعرض، لا تتردد في إعطاء تفسيراتها للتسع لوحات التي عرضتها. تحدثت آسيا مع »المساء« عن مسيرتها الفنية بكل تواضع، فهي فنانة عصامية عشقت الريشة والرسم منذ نعومة أظافرها، تحب التأمل خاصة في الطبيعة وبالذات في البحر، سواء في سكونه أو هيجانه، فهو يشبه في طبعه الإنسان، كما انه انعكاس لوجدانها ولحالتها النفسية. كما تتناول آسيا مواضيع خاصة بالمرأة من خلال موضوع العادات والتقاليد والأمومة، مستعملة كل الألوان، وتميل اكثر الى الالوان المتدرجة سواء الزيتية أو المائية. رغم إعاقتها، فإن آسيا تتحدى الكرسي المتحرك في أن ينال من حركتها، فهي تسعى وتجتهد على الرغم من هدوئها وخجلها، والفضل في ذلك تقول يرجع إلى الجمهور الذي شجعها دوما، وتتمنى أن تتاح لها فرصة التكوين مع فنانين محترفين. من أحب اللوحات الى قلب آسيا لوحة »القصبة«، لأنها من عشاق هذا الحي وتحب دوما رسمه من زوايا مختلفة وبمواضيع متعددة، أما جمهورها فيفضل لوحات »غروب الشمس«، »البحر« وغيرها. شاركت آسيا في عدة معارض بالعاصمة. ويبقى أملها الانخراط في الاتحاد الوطني للفنون الثقافية وإقامة معارض خارج الوطن، كما تتمنى أن تكون لها ورشتها الخاصة وأن تتحسن ظروفها المادية، اكثر لاقتناء ادوات الرسم، خاصة القماش والأطر.