امتلأ ميدان التحرير وسط القاهرة بمئات الآلاف من المحتجين الذين طالبوا بإسقاط الرئيس حسني مبارك، في حين ما زال مئات الآلاف يتدفقون على الميدان تلبية لدعوة منظمي الاحتجاجات لتنظيم مظاهرات مليونية، في يوم أطلقوا عليه يوم حب مصر ضمن ما بات يعرف بأسبوع الصمود. وقالت مصادر للجزيرة أن المتظاهرين وسعوا نطاق احتجاجهم ليشمل مقر الحكومة حيث منعوا رئيس الوزراء الجديد أحمد شفيق من الوصول إلى مقر عمله. كما يعتصم آلاف آخرون أمام مقري مجلسي الشعب والشورى ومقر وزارة الداخلية قرب ميدان التحرير. ويشارك في مظاهرات اليوم بعض أساتذة الجامعات. وقالت الناشطة إسراء عبد الفتاح إن المتظاهرين قرروا اليوم تنظيم اعتصام عند مبنى التلفزيون الرسمي تأكيدا لمطالبهم بتنحية مبارك، وسط تصاعد الاحتجاجات بالشارع على الدور الذي لعبه الإعلام الحكومي منذ تفجر الثورة. وأكدت الناشطة أن المنظمين لا يستبعدون تنظيم مسيرات متحركة أمام أماكن حيوية بالقاهرة في وقت لاحق. وفي أول رد من الشباب منظمي هذه المظاهرات على بيان عمر سليمان نائب الرئيس والتي أكد فيها أن مبارك تعهد بعدم ملاحقة المتظاهرين، أكدت الناشطة نوارة نجم أن الشعب لا يثق بسليمان، وأن جميع وعوده والنظام مجرد سراب. وقالت نوارة إن أجهزة النظام الحالي ما زالت تحتجز تسعة من النشطاء، ودعت العمال للانضمام للثورة وعدم تصديق سليمان الذي قالت إنه ذراع النظام الذي ظل يعمل على حمايته طوال السنوات الماضية. وقالت الناشطة إن مبارك من الممكن أن يلجأ لأي مناورة من أجل أن يبقى على رأس السلطة. وبدوره توقع الأمين العام للمؤتمر الناصري العام صلاح الدسوقي أن يشارك عدة ملايين بمظاهرات اليوم بالقاهرة، وقال إن مئات الآلاف من أبناء القاهرة قرروا أن يتجمعوا بعدة ميادين، ردا على محاولات السلطات محاصرة ميدان التحرير باعتباره حاضن الثورة، ولتأكيد أن كل مصر هي حاضنة للثورة وليس ميدان التحرير فقط. وفي تلك الأثناء أكدت مصادر للجزيرة أن مئات الآلاف يتدفقون للميدان، بينما ينتظر مئات آلاف آخرون السماح لهم بدخول الميدان. وفيما يتعلق بمفاوضات جرت مؤخرا بين سليمان وبعض رموز المعارضة وبعض من قالت السلطات إنهم يمثلون الشباب، أكد منسق عام جماعة الإخوان بائتلاف شباب التغيير محمد عباس، أن الشباب لم يفوضوا أحدا ليمثلهم أمام السلطات، وأنهم لم يجلسوا مع أي رموز من النظام، مؤكدا أنهم وضعوا عدة شروط لبدء التفاوض، وعلى رأسها تنحي مبارك، وهو ما لم تستجب له السلطات بعد، وفق تأكيد عباس. وتوقعت الصحفية أروى الطويل من ميدان التحرير أن يشارك الملايين في مظاهرة اليوم، مؤكدة أن ظهور الناشط وائل غنيم على شاشة أحد التلفزيونات المصرية بعد اعتقاله 12 يوما، وحديثه بعفوية وصدق عن مشاعر الشباب، قد أثار تعاطف الكثير من المواطنين خاصة أولئك الذين لم تكن لديهم صورة حقيقية عن أسباب تفجير هذه الثورة. وكان غنيم قد أكد أمس -في أول تصريح له بعد الإفراج عنه- أن التغيير قادم لا محالة، في حين اعتبرت الناشطة إسراء عبد الفتاح أن الثورة ستكتسب زخما كبيرا بعد الإفراج عن غنيم مشيرة إلى أنه لعب دورا أساسيا في تفجيرها. بقية المحافظات ولا تختلف الأجواء بالقاهرة عنها في بقية المحافظات والمدن حيث أكد الصحفي أحمد صبري أن سكان الإسكندرية خططوا لتسيير مظاهرة مليونية بعد صلاة ظهر اليوم من مسجد القائد إبراهيم، مشيرا إلى أنها ستكون المظاهرة المليونية الثالثة منذ تفجر الثورة في ال25 من الشهر الماضي. ولم يستبعد صبري أن تشهد مظاهرات اليوم تصعيدا واشتباكات مع قوات الأمن التي قال إنها انتشرت بشكل محدود بشوارع المدينة. وأشار إلى وجود حالة من الاحتقان بين أهالي الإسكندرية ضد عناصر الشرطة بعد سقوط عدد من أبناء المدينة برصاص الشرطة خلال أيام المظاهرات. وفي الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية، قال الناشط السياسي أمجد عبد العزيز، إن من المقرر أن يشارك مئات الآلاف بمظاهرة ستنطلق عصر اليوم من أحد ميادين المدينة. وقد بدأ الكثير من أبناء المحافظة بالتدفق على الزقازيق للمشاركة بمظاهرات اليوم، وسط انتشار محدود لرجال الشرطة اقتصر على انتشار رجال المرور، بينما لوحظ انتشار مصفحات عسكرية. وفي العريش أوضح الصحفي حازم البلك أن القوى السياسية وشخصيات مستقلة دعوا لتشكيل لجنة حماية الثورة، التي دعت لاعتصامات حاشدة، وأقامت خيمة ضخمة جدا بأحد ميادين المدينة. ووفقا للبلك فإن اللجنة أصدرت عدة قرارات منها مواصلة الاعتصام السلمي لحماية الثورة، وحل جميع المجالس الشعبية محل الحزب الوطني، الذي قررت حظر نشاطه، بسبب الفساد الذي ارتكبه أعضاء الحزب على حد تأكيد اللجنة. وفي سوهاج توقع سياسيون ومستقلون أن يخرج سكان المدينة ولأول مرة بكل قوة معلنين تأييدهم للإطاحة بالرئيس مبارك وتنحيته، بعد أن أعطت هذه المحافظة الواقعة وسط الصعيد مهلة للسلطات للاستجابة لمطالب الشعب. وأوضح الدكتور محمد المصري أمين عام لجنة التنسيق بين القوى والأحزاب السياسية المعارضة أن السبب في تأجيل المظاهرات حتى الآن هو انتشار السلاح بشكل كبير بين أبناء المحافظة، مؤكدا أنهم تصدوا بكل حزم للبلطجية واللصوص الذين حاولوا إثارة الخراب بعد أن تخلت الشرطة عن واجباتها وفتحت أبواب السجون أمام السجناء.