تميزت الإحتفالات بالمولد النبوي الشريف لهذه السنة بالإعلان عن الإفتتاح الوطني لتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية التي ستحتضنها عاصمة الزيانيين على إمتداد 2011 حيث لا تزال التحضيرات سارية من أجل إستكمال مجمل المشاريع المدرجة ضمن برنامج هذا الحدث الثقافي الهام، الذي ستنطلق فعالياته الدولية رسميا شهر أبريل المقبل، وفي هذا السياق تحدث مدير الثقافة لولاية تلمسان السيد حكيم ميلود للجمهورية بإسهاب عن تفاصيل هذه التظاهرة في الحوار التالي: الجمهورية: هل لنا أن نعرف أهم المراحل التي ميزت ولاتزال عملية التحضير الخاصة بتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية؟ - حكيم ميلود: التحضيرات لهذا الحدث الثقافي الهام، تميزت بإطلاق جملة من المشاريع الثقافية الهامة، التي استفادت منها الولاية في إطار هذه التظاهرة، فكل المشاريع تسير بوتيرة حسنة، وننتظر في المستقبل القريب إنهاء عملية الإنجاز من أجل إستلامها حتى تكون في الموعد خلال الإفتتاح الرسمي شهر أبريل المقبل. الجمهورية : كيف تعيشون أجواء الإفتتاح الوطني اليوم ؟ -ح. ميلود: نحن نتقاسم هذه الفرحة اليوم مع المواطنين، وهذا في إعتقادي أهم شيئ، لأن الثقافة يساهم فيها الجميع، ولا يستثنى منها أحد، والشيء الجميل أن الإفتتاح الوطني للتظاهرة تزامن والإحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف مما أعطى لهذا الإفتتاح قيمة ثقيلة وأبعادا روحية وثقافية مرتبطة أساسا بعادات وتقاليد الجزائريين الخاصة بإحياء هذه المناسبة العظيمة والعزيزة على كل الأمة الإسلامية جمعاء، وهذا طبعا من خلال مشاركة عدد كبير من ولايات الوطن التي جاءت خصيصا من أجل إستعراض طقوسها وموروثها الثقافي والحضاري بعاصمة الثقافة الإسلامية. الجمهورية: هل أنتم راضون عن حفل الإفتتاح الوطني؟ -ح. ميلود: لقد شهد حفل الإفتتاح الوطني إقبالا جماهريا كبيرا فاق كل التوقعات رغم الظروف المناخية والأمطار الغزيرة التي تهاطلت في ذلك اليوم وبالتالي فإن هذا الحضور المكثف للجمهور جعل الحفل أكثر بهاء وكما هو معلوم فإن الهدف الأساسي للثقافة هو أن تمس شريحة واسعة من المجتمع وبصراحة ما لمسناه أول أمس خلال الإفتتاح الوطني جعلنا نتأكد بأن الثقافة أصبحت جد قريبة من الناس، وهذا في حد ذاته مؤشر إيجابي ومهم في نفس الوقت بل ويمكن إعتباره مقياس نجاح أي تظاهرة مهما كان بعدها ومهما بلغ حجمها. الجمهورية: لاحظنا أن الكثير من المشاريع لا تزال ورشات مفتوحة، هل تأخر عملية الإنجاز كان وراء برمجة إفتتاحين للتظاهرة؟ - ح ميلود: لا يوجد أي تأخر فيما يخصالإنجاز المواعيد المحددة من أجل إحتضان فعاليات التظاهرة واستقبال الضيوف الذين سيأتون من مختلف أنحاء العالم أما عن تاريخ الإفتتاح الرسمي فقد أعلنت عنه وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي في وقت سابق من خلال ندوة صحفية عقدتها بالجزائر العاصمة. والمتمثل في 16 أبريل المقبل الذي سيتزامن والإحتفال بيوم العلم، فغير هذا لم يحدد أي تاريخ رسمي آخر للتظاهرة. الجمهورية: برنامج التظاهرة أولى أهمية كبيرة للترميم، هل مست العملية كل المعالم التاريخية والأثرية التي تزخر بها الولاية، أم أن الأمر إقتصر على مدينة تلمسان لوحدها؟ -ح.ميلود: مشروع ترميم المعالم الأثرية والتاريخية بتلمسان ليس بجديد بل هو مستمر منذ حوالي عشر سنوات أو أكثر وبالتالي فهو ليس بمشروع مناسباتي، وبالنسبة لعمليات الترميم المدرجة ضمن برنامج التظاهرة فهي تمس أغلب المعالم الموجودة عبر قطر ولاية تلمسان ككل، وهذا ليس جديدا على الولاية بإعتبار أنها استفادت فيما مضى من عديد برامج الترميم المختلفة لتضاف إليها عمليات أخرى في إطار التظاهرة وكل هذا من أجل تثمين التراث وحماية ذاكرة المنطقة من التلاشي والإندثار حتى تبقى شاهدة على تاريخ الولاية الحافل بالمحطات المهمة، الذي أهلها لأن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية على مدار السنة الجارية. الجمهورية: وزارة الثقافة هي اليوم ترافع للسينما الجزائرية، وعلاوة على هذا فإن الإنتاج السينمائي خلال هذه التظاهرة سيكون معتبرا، هل تتوفر تلمسان على قاعات مؤهلة لإحتضان عروض هذه الأفلام الجديدة؟ - ح. ميلود: بالنسبة للسينما سيتم في إطار هذه التظاهرة إنجاز أكثر من 35 فيلما بين وثائقي وخيالي، وبالتالي فإن هذا يقتضي توفير القاعات التي ستحتضن عروضها، فعلا وزارة الثقافة تولي عناية فائقة وأهمية كبرى للقطاع السينمائي، وبالتالي فإن موضوع قاعات العرض أخذ بعين الإعتبار وتم دراسته ويحتوي في المستقبل القريب على 6 صالات سينما فعلاوة على قاعة دار الثقافة يجري حاليا ترميم قاعة للسينما وإنجاز قاعات أخرى بكل من المركب الثقافي ومركز الدراسات الأندلسية لنتفق على شيء هو أن قطاع السينما عانى الكثير بل الأمرين خلال السنوات الأخيرة الماضية، لكن وزارة الثقافة لها مشروع مهم يعنى أساسا بإعادة إحياء ورد الإعتبار لكل قاعات السينما المنتشرة عبر مدن الوطن، وفي الآونة الأخيرة حرصت على تمرير قانون الإنتاج السينمائي في البرلمان وهذا يدل على أن القطاع الثقافي يسعى جاهدا من أجل بعث تقاليد السينما في الجزائر وهي ليست مهمة سهلة بإعتبار أن هناك عددا كبيرا من القاعات أهملت فيما مضى وتدهورت حالتها إلى أن أصبحت في وضعية كارثية، أما الآن فهي تحاول استدراك ما فات وترميم هذه الهياكل وجعلها في الواجهة وضمن أولوياتها. الجمهورية: هل الهياكل التي ستحتضن فعاليات التظاهرة ستكون جاهزة في أبريل المقبل؟ -ح. ميلود: بمشيئة المولى ستكون جاهزة وفي الموعد خلال الإفتتاح الرسمي لاسيما الهياكل المعنية بإحتضان فعاليات التظاهرة. حاليا انتهت الأشغال بالمركب الثقافي وبالمتحف ومركز الدراسات الأندلسية هذا فضلا عن إتمام عمليات ترميم عدد كبير من الآثار والمعالم التاريخية التي هي اليوم بأحسن حال وجاهزة لإستقبال الزوار والسياح على حد سواء من جهة أخرى نحن على وشك الإنتهاء من إنجاز أروقة المعارض ومسرح الهواء الطلق فكل هذه المشاريع ساهمت إلى حد كبير في تدعيم الهياكل الثقافية بالولاية التي تعتبر مكاسب كبرى حصدتها من خلال هذه التظاهرة. الجمهورية: وماذا عن هياكل الإستقبال لاسيما وأن الإشكال طرح بحدة خلال الإفتتاح الوطني؟ ح. ميلود: لقد تم إدراج عدة مشاريع من أجل تعزيز هياكل الإستقبال بالولاية لإيواء كل الضيوف والوفود القادمة من مختلف القارات حيث إنتهت الأشغال بفندق سلسلة ماريوت الذي سيتم إفتتاحه خلال الشهر الداخل كما سيتم في غضون الأيام القليلة المقبلة إنتهاء الأشغال بفندق "ايبيس" وكذا ترميم فندق الزيانيين وكلها فنادق فاخرة ستضمن الراحة والخدمات بالولايات المجاورة على غرار وهران وعين تموشنت لاسيما وأن الطريق السيار شرق-غرب قد ساهم في التقريب بين المدن وسهل من عملية التنقل بينها حيث تتم بسهولة، فالحدث لا يعني تلمسان لوحدها بل كل ولايات الوطن معنية بالتنشيط والمساهمة لإثراء وإنجاح هذه التظاهرة الوطنية والحدث الدولي في آن واحد. الجمهورية: ما هي الأسماء البارزة التي ستسجل حضورها في التظاهرة؟ - ح. ميلود: أفضل التحدث عن التظاهرات بدل الأسماء الشيء الجميل الذي يحمله برنامج تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية الغني والثري هو أن جل الدول الإسلامية ستحضر وتشارك في هذا الحدث الذي ستحتضنه بلادنا بإعتزاز وإفتخار من أجل التعريف بفنانيها ومثقفيها وكذا بتاريخها وموروثها الحضاري الذي يختلف من بلد إلى آخر وبالتالي هي فرصة ثمينة للتعارف وإكتشاف الآخر وأيضا سانحة لتبادل الأفكار وتوطيد العلاقات والأواصر بين البلدان الإسلامية وعليه فإن برنامج التظاهرة غني بالنشاطات النوعية والضخمة في مختلف الميادين على غرار المسرح والسينما والملتقيات العلمية والفكرية سينشطها نخبة من الباحثين والأساتذة الجامعيين كما ستشهد التظاهرة أيضا إقامة معارض ومهرجانات كبرى بعضها يكتسي طابعا محليا وبعضها الآخر يحمل بعدا دوليا. الجمهورية: إن تظاهرة بهذا الحجم تتطلب توفير إمكانات وقدرات بشرية هائلة ومؤهلة تفوق طاقة تلمسان كيف ستتعاملون مع هذا الجانب؟ -ح. ميلود: كون الحدث يعني الجزائر بشكل عام وبالدرجة الأولى، فإن كل أبناء الوطن مطالبون بالمساهمة في إنجاح هذا العرس الجزائري من خلال شبابها ومفكريها وشيوخها ومثقفيها وفنانيها فكل هؤلاء معنيون بهذا الحدث من أجل إبراز التراث الحضاري والثقافي الوطني في أحسن صورة، وهذا ليس بغريب أو صعب على القدرات والإمكانات البشرية الهائلة والمؤهلة التي تتوفر عليها بلادنا. الجمهورية: إلى أي مدى تغير وجه المدينة اليوم؟ - ح. ميلود: كل المشاريع التي تم إعتمادها وبرمجتها في تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011 تعتبر مكاسب كبرى وحقيقية غاية في الأهمية إذ بات إنجازها وتوفيرها أكثر من ضروري بل وحتمية مؤكدة وقد ساهمت كل المشاريع في إبراز أصالة المنطقة وتثمين تراثها وتاريخها وترميم ذاكرتها فكل هذه المشاريع أيضا أدت إلى تغيير بل وتجميل وجه المدينة لتكون أجمل عاصمة للثقافة الإسلامية وتحريك مشهدها الثقافي وإنعاش حركيته ولهذا لن أبالغ إن قلت لكم بأن تلمسان اليوم تولد من جديد.