تبذل الدولة مجهودات جبارة لأجل القضاء على أزمة السكن في الجزائر، يبدو ذلك جليا من خلال المشاريع المليونية للسكن ، خلال العشرية الأخيرة ، إلا انه ومع كل ما يتم بذله ، لازالت هنالك الكثير من الطلبات ، والعديد من الأزمات الاجتماعية المتعلقة بالسكن في المقام الأول ، ولعل من بينها مشكلة الكراء التي تتربص بكثير من الأسر الجزائرية ، خاصة الأسر الجديدة ، أي من الشباب المتزوجين حديثا ، ممن ليس لكثير منهم خيار آخر غير اللجوء إلى كراء سكنات ، للانطلاق في حياتهم ، وما يلاحظ أن اغلب المتزوجين حديثا الذين يلجؤون للكراء، تكون زوجاتهم عاملات أيضا ، وهذا بالنظر إلى الأسعار الخيالية التي يتطلبها تأجير منزل ، سواء كان في قلب المدينة ، أو في الأحياء الواقعة على أطرافها ، وان كان في كل الأحوال لا يقل عن ال10 آلاف جزائري ، وهو ما لا يمكن أن يتكفل به شخص واحد ، وبالتالي فمن الضروري أن يكون الطرفان عاملين ، وإلا فإنهما لن يتمكنا مطلقا من توفير ابسط ضروريات الحياة . ومع أن كثيرا من المنازل المعروضة للإيجار لا تتجاوز في أحسن الأحوال غرفتين ، وأغلبها قد يتكون من غرفة واحدة ومطبخ ، إلا أن الأسعار تبدو مرتفعة للغاية ، ناهيك عن أن المؤجرين مجبرون على دفع مبلغ مسبق ، لفترة عام كاملة ، وهو مبلغ قد يشكل ثروة بالنسبة لهؤلاء ، ولا يملكون خيارا آخر مناسبا ، وغالبا ما تتراوح مبالغ الكراء ما بين 10000 إلى 15000دج ، وأحيانا أخرى أكثر، تبعا للمكان الذي تقع به الشقة ، هذا بالنسبة لمن يؤجرون شققا، في حين أن هنالك من يلجؤون إلى بعض أصحاب الفيلات الذين يقومون كذلك بتأجير طوابق منها ، أو غرف محددة ، وأحيانا تكون أسعار هذه الأخيرة أقل من أسعار الشقق التي بقلب المدينة ، لاسيما وان كانت في مناطق بعيدة عنها ، وان كان في معظم الحالات لا يقل عن 15000 دج ، ويتجاوزه بكثير كلما زادت الغرفة ، وكلما كان موقع الشقة في حي راق أو في حي آخر قريب. ويشترط صاحب البيت أن تدفع له قيمة مسبقة لعام كامل على الأقل، يدفعها الزبون دفعة واحدة مقابل إبرام عقد لدى الموثق، وهو العقد القابل للتجديد بعد انقضاء تلك الفترة ، أو المنتهي في حال رغبة أي من الطرفين عدم تجديد فترة الكراء. وفي كافة الأحوال فان الكراء يسبب متاعب مادية كبيرة لأصحابه سواء كان كلا الزوجان عاملان، أو كان أحدهما فقط يعمل، وهنا تكون المشكلة أكبر، إلى درجة أن كثيرين يجدون أنفسهم عاجزين عن تلبية بقية المتطلبات مادام أن كل ما يكسبونه سيدفع لتسديد تكاليف الإيجار. والملاحظ أن كثيرا من المواطنين يلجؤون مباشرة إلى الخواص ، ولا يمرون عبر الوكلاء العقارين ، أو عبر الوكالات العقارية التي تعرض مثل هذه الخدمات وتكون مقننة في الغالب ، وذلك خشية من المزايدات التي قد يضعها هؤلاء على السكن ، وعليه فان الراغبين في الكراء يتجهون إلى أشخاص يعرفونهم ، أو يبحثون عن أشخاص ذوي ثقة ، من الذين يملكون سكنات للتأجير.