رغم بعد تندوف عن الحواضر والولايات ، بيد أن أقرب نقطة لها هي ولاية بشار على مسافة 800 كلم على الطريق الوطني رغم 50 فإنها مربوطة بشبكة من الخطوط السلكية واللاسلكية التي سهلت عمليات الاتصال والتواصل ، وهذا بدوره يفعل وتيرة الاتصال ، فضلا عن الطريق الوطني المعبد الرابط بينها وبين ولاية بشار والذي يشكل الشريان الوحيد للحياة بهذه البقعة التاريخية من الجزائر. وسنحاول ضمن هذا الاستطلاع الوقوف عند واقع مقاهي الانترنت ، ومدى استغلالها من طرف السكان ، مبرزين افاق تطوير خدمة الشبكة العنكبوتية لما يخدم فكر ومستقبل الاجيال . بدأ ت الخدمة الفعلية للأنترنت بتندوف مبكرة، حيث قدر عدد المشتركين 1655 مشترك منهم 378 مشترك جديد خلال السنة الماضية ، وبنسبة تغطية 14.46 بالمائة ، فيما يقدر عدد المداخل في نفس الشبكة بالولاية 2912 أي بزيادة 640 مدخل جديد خلال سنة 2010 وبنسبة تشبع 56.83 ، وهذه الاحصائية تدل على التزايد المستمر للراغبين في خدمة الانترنت من مختلف شرائح المجتمع وفئاته العمرية فعلى مستوى خدمة فوري مثلا تشير مصالح الاكتال بالولاية الى أن هذه الصيغة تعرف اقبالا ملحوظا خلاف الصيغ الاخرى كايزي وأنيس ، فالأولى بلغ عدد طالبها نحو 1218 وبنسبة تشبع 66.83 بالمائة أما ايزي فبلغ عدد مشتركيه 395 مشترك أي بسنبة تشبع تقدر ب: 44 بالمائة ، بينما يتضاءل الطلب بانخفاض شديد على خدمة أنيس أين لم يشترك فيه سوى 41 مشتركا فقط . تتوزع فضاءات الانترنت بالولاية على القطاعين العام والخاص ، فالأول ممثلا في المؤسسات العمومية التي تقوم بتوفير الخدمة المعلوماتية للشباب ، ومن أبرزها محليا ديوان مؤسسات الشباب أوديج الذي يمثل رافدا مهما للفئات الشبانية للنهل من المعرفة وصرح لنا مصدر من مديرية الشباب والرياضة بالولاية أن القطاع يتوفر على 06 فضاء يؤمها شباب المنطقة موجودة عبر مؤسسات الشباب كدور الشباب أو المؤسسات والمركبات الجوارية ، وبخصوص السعر المطبق فهو محدد ب : 15 دج للساعة الواحدة ، بينما الفئات العمرية المترددة على فضاءات الانترنت فتتراوح ما بين 08 و30 سنة ، وحول موضوع متصل باستغلال الشبكة العنكبوتية لاسيما من طرف الاطفال فان هناك مراقبة مستمرة من طرف المؤطرين يقول المتحدث ، ويتوافد يوميا على تلك النوادي ما بين 20 الى 30 زبونا ، كما تسع تلك الفضاءات المجهزة بنحو 09 أجهزة الى 14 جهازا الى أعداد كبيرة من المترددين الذين يشرف عليهم مربين مختصين بمثابة العين المراقبة للمداخل وأماكن الابحار حاولت الجمهورية الدخول لفضاء الانترنت بالمركب الجواري موساني كان بمثابة خلية النحل لكثرة الاطفال والشباب ، كان ذلك قبل أجراء الامتحانات ، سألنا أحدهم عما ذا تبحث ، أجابنا أبحث عن معلومات حول الامتحانات القادمة ، وصرآخر أبحث عن مواقع ترفيهية وألعاب الاكشن ، هزنا الفضول لمساءلته ألا تدرس؟ ، أجابنا بالنفي ، أنا غادرت المدرسة السنة الماضية ، أشتغل بمحل تصليح العجلات ، آتي الى هنا للترفيه ونسيان مشاق ومتاعب العمل ، وفي احدى الاجهزة يفبع شاب تجاوز الثلاثين ، حاولنا التقرب منه ، سألناه عن الانترنت وفوائدها ، أجابنا بنبرة المثقف ، بعم انها نعمة ان أحسنا استغلالها ونقمة ان أسأنا استعمالها ، أنا طالب جامعة التكوين المتواصل بصدد تحضير مذكرة التخرج ، أحاول البحث عن بعض المعلومات / نظرا لقلة المراجع والكتب . أصناف وفئات متعددة جاءت لفضاء الانترنت كل منها يبحث عن معلومة ، ومن هنا وصلنا الى قناعة أن السواد الاعظم من مترددي الانترنت في هذه الفترة بالذات / فصل الصيف / انما من أجل الترفيه والتسلية في غياب المرافق المخصصة لذلك ، وحتى شباب بلدية أم العسل التي تبعد عن مقر الولاية ب: 170 كلم دخل هو الآخر في هذا العالم وأصبح يبحر كلما أوتيت له فرصة الالتحاق بدار الشباب أو المركز الثقافي الذي يقدمان خدمة الانترنت لشباب القرية ، في حين يبقى شباب قرى نائية أخرى بعيدين عن خدمة الانترنت كقرية حاسي خبي وحاسي مونير ، وغار جبيلات وحتى عن الهاتف النقال ، غير أن هناك بوادر في الافق لتغطية منطقة غار جبيلات وحاسي مونير بشبكتي الهاتف النقال موبيليس وجيزي ، وتشجيع الاستثمار لفتح فضاءات الانترنت بالولاية ، وهذا الامر يقودنا الى محلات خاصة ظهرت مع انبعاث خدمة الانترنت ممثلة في نوادي للأنترنت والمعلوماتية حيث يقدر عددها حسب الوكالة التجارية أكتال ب: 06 نوادي عبر أحياء متفرقة من المدينة . حاولنا التقرب من نادي أنترنت بحي النصر ، حركة دوؤبة أمامه وبداخله ، يظهر من خلال اللوحة الاشهارية الامامية أن المحل عبارة عن ورشة مفتوحة للمعلوماتية وانجاز البحوث وغيرها ، اضافة الى تعليم الاعلام الآلي الذي بات يشغل الكثيرين ، أجهزة حديثة ، واقبال كبير، لم نجد جهازا نشغله / كل شيء مشغول ، حينها تأكدنا بأن الاقبال على نوادي الانترنت في هذه الفترة أصبح حقيقة ، وازداد التردد على نوادي الانترنت مقارنة مع البدايات الاولى له نتيجة اقتصاره على بعض المؤسسات و الادارات العمومية ، غير أن الامر تغير ، وأصبح الحصول على خط انترنت أمر سهل وغير مكلف ، تقربنا من صاحب النادي شاب يعج حيوية اسمه : ف/ع تحاورنا معه حول الكثير من قضايا الانترنت وعلوم الاتصال ، يبدو من خلال نقاشه وطرحه أنه يفهم ويستوعب اختصاصه بشكل جيد ، يتوفر فضاءه على تجهيزات حديثة ، ويلقى اقبالا كبيرا ، صرح لنا بأن عمله لا ينحصر فقط في استقبال وتوجيه الزبائن بل يشمل أيضا اعداد البحوث ومختلف أعمال الاعلام الآلي ، اضافة الى تعليمه أيضا، وصيانة واصلاح الاجهزة الإلكترونية وفق التقنيات الحديثة ، وهذا ما جعل الكثير من رواد الانترنت بالمحل يتوافدون باستمرار رغم التسعيرة المحددة و المرتفعة في آن واحد والمقدرة ب: 60 دج . ويرى الكثير من مسيري قاعات الانترنت بتندوف أن السعر المطبق عليهم يبدو زهيدا ويطالبون بتخفيضه وفق ما هو متاح من الامكانيات ، خاصة وأنهم يتحملون الكثير من التكاليف كمصاريف الكهرباء وكراء المحلات وغيرها وذلك من أجل المساهمة في نشر المعرفة وتكنولوجيات الاتصال بين أوساط سكان تندوف الى جانب المؤسسات العمومية . التويتر والفيس بوك لمد الجسور يجمع الكثير من مسيري الفضاءات على أن هناك طرق عديدة وأنظمة تمكن من مراقبة متصفحي المواقع ، ومنها مثلا أنظمة حجب ومنع تصفح المواقع غير الأخلاقية ، بينما يرى البعض أن جل الشباب اليوم يرغب في التمتع بالواقع الغنائية والكليبات ، وتحميل صور الفنانين وغيرها ، في حين هناك أنماط أخرى تفضل استعمال الكمبيوتر كوسيلة للحصول على المعلومات والاتصال مع العالم الخارجي ، م.ت ، شاب في مقتبل العمر يصرح بأنه يفضل الابحار في الانترنت للتعارف ومد جسور التلاقي عن طريق التويتر وفايس بوك ، وغيرها من الوسائط الحديثة في عالم الاتصالات . ويرى آخرون أنه صعوبة بمكان حجب تصفح المواقع المشبوهة ودلك بسبب نظام القرصنة رغم أنظمة منع تصفحها ، ويبقى رأي أحد أئمة مساجد تندوف الدي أدلى به لنا منحصرا حول طبيعة تنشئة الفرد والمستوى الفكري الذي يتمتع به لاسيما الوازع الديني الدي يعتبر أكبر مانع وكابح للنفس الامارة بالسوء ، فكلما ربينا أبناءنا تربية سليمة يقول المتحدث ، كلما انتجنا جيلا بسلوك حضاري ، وثقافة مركزة تحجبه وتمنعه من أي فعل لا يتماشى وديننا وثقافتنا العربية الاسلامية . وضمن هدا المنظور سعت الكثير من الجهات التربوية والشبانية الى تنظيم سلسلة من الايام التكوينية حول طرق استعمال الانترنت والولج في عالم مشحون بالتناقضات والفيروسات ، وتوصل المنظمون الى مبدأ تحسيس الاطفال ومراقبتهم باستمرار ، والحد من البحث عن مواقع ممنوعة وتوقيف مدها نحو المؤسسات التربوية ، وكان أحد رجال التربية قد صرح لنا بأن هناك أفواج بيداغوجية على مستوى المؤسسة التربوية مهمتها مراقبة وتوجيه الطلبة والتلاميذ في البحوث واختيار لهم المواقع الاكثر نفعا ، بينما يرفض بعض أولياء التلاميذ ادخال الانترنت الى المنزل مخافة عبث الاطفال والمراهقين ودخولهم في نفق مظلم كما يقول محدثنا ، ويقوم هو شخصيا بأعداد بحوث أبنائه على مستوى مقاهي الانترنت . يبقى في الاخير استعمال الانترنت بين الاسر التندوفية يركن بين المد والجزر ، بين فئة ترى فيه نعمة نجني منها العلم والفكر ، وبين اخرى تجد فيه شبح ضال يهدد مستقبل الاجيال ، وبين هذا وذاك تبدأ مسؤولية الجميع في جعل الاقبال على الكمبيوتر اقبالا ايجابيا وهدا يفرض سلسلة من العمليات التكوينية والتحسيسية وتفعيل المجتمع المدني لهده الغاية لكسب ما يحتويه الانترنت من علوم نافعة وتحاشي مضاره . ولتطوير خدمة الشبكة العنكبوتية وارضاء الزبائن عمدت الجهات المعنية الى اقرار رفع نسبة التدفق الى قدرة 05 جيغا ضمن عملية تطوير شبكة الالياف البصرية الرابطة بين بشار وتندوف ، وهذا بدوره سيقلل من التعطلات التي تحدث أحيانا في الخطوط الهاتفية ، اضافة الى ربط القطب الجامعي بتندوف بتدفق 08 جيغا ، اضافة الى ربط المؤسسة الاستشفائية سي الحواس بقدرة 02 جيغا وذلك لتسهيل عملية التشخيص المباشر. وتعرف الكثير من الادارات والمؤسسات العمومية نهضة سريعة في مجال استعمال الانترنت ولم يعد حكرا فقط على الخواص أو الاشخاص ، ويرى بعض الموظفين الذين لم تتاح لإداراتهم الفرص لممارسة الانترنت ضرورة تزويدهم بخط على مستوى مفر عملهم ودلك ليتمكنوا من الاربتاط بعالم الاتصالات والتكنولوجيات الحديثة ، بينما يجد سكان الارياف أنفسهم أمام غياب تام عن عجلة المعلوماتية ، وحدثنا أحدهم بأنه لايعرف شيئا عن الانترنت وعلم الاتصال الحديث ، ويبقى مرتبط أساسا ببيئته الرعوية البحتة في انتظار تفتحه على العالم الآخر.