حسمت حركة “مجتمع السلم”، موقفها من الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أفريل المقبل، وأعلنت ترشيح رئيس الحركة عبد الرزاق مقري، للمرة الأولى بعد 24 عاماً من آخر مشاركة للحزب الإسلامي في انتخابات الرئاسة. وصوّت مجلس شورى الحركة، في وقت مبكر من صباح أمس، السبت، بالإجماع على قرار المشاركة في الانتخابات الرئاسية، برئيس الحركة عبد الرزاق مقري، بعد يوم ونصف من المناقشات الساخنة، حول الموضوع، مقابل اعتراض عدد قليل من أعضاء المجلس على القرار. وناقش أعضاء المجلس الخيارات المتاحة أمام الحركة في الرئاسيات المقبلة، بما فيها إمكانية دعم مرشح توافقي بين قوى المعارضة السياسية، بعد فشل مبادرة الحركة التي أطلقتها في جوان الماضي، بشأن تقديم مرشح توافقي بين السلطة والمعارضة شريطة ألا يكون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وأبدى مناضلو الحركة استعدادهم للتنازل عن تقديم مرشح عنهم، في حال تم الاتفاق بين مجموع قوى المعارضة على مرشح توافقي، جرت بشأنه مناقشات واتصالات، لكنها لم تفض إلى نتائج إيجابية في هذا السياق. ويعد مقري ثالث أبرز مرشح لانتخابات الرئاسة حتى الآن، بعد رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس واللواء السابق في الجيش علي غديري.وكان واضحاً منذ فترة توجه حركة مجتمع السلم إلى تقديم مرشح عنها، بصفتها أكبر الأحزاب المعارضة في الوقت الحالي في الجزائر، وأكثرها تنظيماً على الصعيد الهيكلي. وقال رئيس الحركة عبد الرزاق مقري، أول أمس: “نحن معنيون بالانتخابات الرئاسية، وسنكون حاضرين في صناعة مستقبل الجزائر، ولا يمكن لأي طرف أن يخرجنا من الساحة”، مشيراً إلى أن “الحركة حريصة على التوافق الوطني”. وتابع: “نحن لم ندافع إلا عن الجزائر واستقرارها ومصلحتها، وبينا بشكل واضح أن الحركة ليست لها مطالب شخصية ولا حزبية، وما يهمنا هو الانتقال الآمن إلى مرحلة جديدة”. وبخلاف أحزاب وقوى سياسية، ترى في الانتخابات الرئاسية مجرد استحقاق دستوري عابر، يعتقد مقري أن هذه الانتخابات “تعد فرصة للاستدراك والتصحيح والخروج من الأزمات إلى آفاق واعدة يصنعها الجزائريون معاً وفرصة لخدمة البلاد وتقديم الحلول وجمع الصفوف من أجل مصلحة الجزائر والجزائريين”، على حدّ قوله. وهذه المرة الأولى التي يقدم فيها الحزب مرشحاً لانتخابات الرئاسة، منذ آخر انتخابات قدم فيها مرشحاً عام 1995، إذ نافس مؤسس الحركة الراحل محفوظ نحناح، مرشح السلطة الرئيس ليامين زروال، وحصل على الرغم من التزوير الذي شاب تلك الانتخابات؛ على نسبة 26.3 في المائة، وهي أعلى نسبة حققها مرشح معارضة في الجزائر في انتخابات الرئاسة حتى الآن. وفي عام 1999، قدّم نحناح مجدداً ترشحه، لمنافسة المترشح عبد العزيز بوتفليقة، لكن المجلس الدستوري عمد إلى اقصائه بدفع من السلطة، قبل أن يقرر نحناح والحركة دعم بوتفليقة، بطلب من هذا الأخير في سياق مساعي الوئام المدني والمصالحة الوطنية. واستمر هذا الدعم في انتخابات عام 2004 و2009، قبل أن تقرر الحركة مقاطعة انتخابات 2014، بعدما كانت سنتين قبل ذلك عام 2012، قد أقدمت على قطع تحالفها مع السلطة وإنهاء مشاركتها في الحكومة. ويوجد في السباق الرئاسي حتى الآن مرشح ثان من التيار الإسلامي، وهو رئيس حركة “البناء الوطني”، ووزير السياحة السابق عبدا لقادر بن قرينة، الذي خرج من حركة مجتمع السلم، منذ عام 2008، بسبب خلافات مع قيادة الحركة حول التوجهات السياسية. استقالة الذراع الأيمن لمقري من المكتب الوطني كشف قيادي من حركة مجتمع السلم أن عضو المكتب الوطني، المكلف بالشؤون السياسية والاقتصادية فاروق طيفور، قدم استقالته من منصبه، بسبب خلافه مع رئيس الحركة عبد الرزاق مقري. وتفاجأ الحاضرون في دورة مجلس الشورى الوطني المنعقدة بزرالدة أمس، بغياب طيفور، الذي كان إلى وقت قريب أقرب قيادات حمس إلى مقري، في وقت كان يفترض أن يعرض فيه المكلف بالإعلام سابقا في وزارة التجارة الورقة السياسية أمام المؤتمرين، وهو ما طرح تساؤلات عن أسباب الخلاف بين الرجلين. وأقر فاروق طيفور، بوجود خلاف داخلي في حمس رافضا تأكيد إستقالته أو نفيها، بحجة أنها داخلية وتخص الحركة فقط، بالمقابل شدد طيفور بأنه سيبقى مناضلا في الحركة وفق الخط السياسي المتفق عليه. وفي سياق آخر، رحب طيفور، بقرار مجلس الشورى القاضي بمشاركة مقري كمرشح لحركة مجتمع السلم في رئاسيات 18 أفريل، قائلا إن " قرار المجلس يجب احترامه، ومشاركتنا في الرئاسيات أمر طبيعي وعادي، سيما وأن الحركة تملك برنامجا واضحا، وفق أسس اقتصادية وسياسية عميقة”.