* مارين لوبان: وضع الجيش في مواجهة الشعب تتناقض مع روح الجمهورية الفرنسية ودولة القانون * زعيم اليسار الراديكالي: قرار استدعاء الجيش “مغامرة محفوفة بالمخاطر” * عاد متظاهرو "السترات الصفراء" مجدداً أمس إلى شوارع العاصمة باريس ومدن فرنسية أخرى ضمن الفصل ال19 من تعبئتهم الوطنية ضد السياسية الاجتماعية والاقتصادية للرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته، وذلك وسط تعزيزات أمنية جديدة وجدل كبير حول نشر الحكومة لقوات من الجيش. وتمكنت مجموعات صغيرة من المتظاهرين بالتجمع في مناطق أخرى من باريس وغيرها من المدن الفرنسية. وذكرت محطة إذاعة (فرانس إنفو) أن السلطات الفرنسية ألقت القبض مؤقتاً على 31 شخصاً في باريس وحدها، مشيرة إلى وجود العديد من المسيرات في العاصمة، وأضافت أنه تم القبض على أشخاص أيضا في مدينة نيس على شاطئ الريفيرا. وخشية تكرار أعمال العنف وعمليات التخريب والسرقة التي حصلت السبت الماضي في جادة الشانزليزيه ومحيطه وأدت إلى الإطاحةِ بقائد شرطة باريس ميشال ديلبوش، قرر خلفُه ديديه لالمان، حظر التظاهر عند قوس النصر وجادة الشانزليزيه وفي ميحط قصر الإليزيه ومقر البرلمان. وهي تدابير، تندرج ضمن الاستراتيجية الأمنية الجديدة التي أعلن عنها رئيس الحكومة إدوار فيليب هذا الأسبوع على خلفية أحداث الشانزليزيه السبت الماضي، والتي تقوم على منع التّظاهر في بعض الأماكن بأنحاء البلاد، على غرار ساحة "كابيتول" بمدينة تولوز وساحة "بي-بيرلان" في مدينة بوردو، بالإضافة إلى جادة الشانزليزيه بباريس، التي أضحت مسرحاً لمعظم الصّدامات بين الشرطة والمتظاهرين وأعمال العنف التخريب، منذ بدء فصول تعبئة حراك "السترات الصفراء" في منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. كما تقوم الاستراتيجية الأمنية الجديدة للحكومة على استخدام طائرات من دون طيار لدعم الأدلة القضائية، وفرض غرامة مالية تصل إلى 135 يورو لكل من شارك في مظاهرة محظورة. ..الجيشُ في مواجهة المتظاهرين؟ والجديد أيضاً هذه المرة، هو نشر الحكومة لعناصر الجيش المشاركين في عملية ‘‘سانتينيل'' لمكافحة الإرهاب (استحدثت في أعقاب اعتدءات باريس الإرهابية عام 2015 بهدف حماية المواقع الحساسة في البلاد) لمساعدة آلاف الشّرطيين والدّركيين الذين تتم تعبئتهم كل يوم سبت لتأمين مظاهرات "السترات الصفراء"، خاصة في العاصمة باريس ومدينتي تولوز وبوردو. الناطق بإسم الحكومة بنجامين غريفو، أوضح أن قوات (سانتينيل) ستتولى تأمين المبانى الحكومية وغيرها من المواقع الحساسة، كي تتيح لعناصر الشرطة والدّرك التركيز التام على حفظ النّظام العام. لكنّ أحزاب المُعارضة انتقدت ما قالت إنه: "تدخل للجيش ووضعه في مواجهة متظاهرين يحملون مطالب اجتماعية واقتصادية". وفِي تصريح زاد من انتقادات ومخاوف المعارضة؛ قال الجنرال برينو لراي، الحاكم العسكري لباريس، إن جنود "سانتينيل" قد يذهبون إلى حد "فتح النّار"، في حال أصبح الوضع "حرجاً" وكانت حياة الجنود أو الأشخاص أو المنشآة التي يحمونها في خطر. فقد اعتبر جان ليك ميلاشنون، زعيم اليسار الراديكالي، أن قرار استدعاء الجيش "مغامرة محفوفة بالمخاطر"، داعياً قوات "سانتينيل" إلى العصيان في حال أمروا بإطلاق النار على المواطنين. كما شدد ميلانشون على ضرورة الحفاظ على ‘‘المصداقية والمودة المحيطة بجنود مهمة "سانتينيل". مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف، من جانبها، قالت إن هناك "رغبة في الإستفزار من قبل الحكومة"، معتبرةً أن "فكرة وضع الجيش في مواجهة الشعب الفرنسي، تتناقض مع روح الجمهورية الفرنسية ودولة القانون". مارين لوبان: هناك رغبة في الإستفزار من قبل الحكومة، وفكرة وضع الجيش في مواجهة الشعب الفرنسي، تتناقض مع روح الجمهورية الفرنسية ودولة القانون حزب "الجمهوريون" اليميني المحافظ، الذي يدعو إلى تشديد الإجراءات الأمنية، بما في ذلك إعادة فرض حالة الطوارئ، لم يبدي هو الآخر تحمساً كبيراً لقرار الحكومة الاستنجاد بجنود مهمة "سانينيل". وحذر القيادي في الحزب أريك سيوتي، من مغبة أن "الجيش غير مدرب ولا مجهز لمسألة حفظ النظام العام، على عكس الشرطة والدرك، ولذلك فإن عناصره قد يتصرفون بشكل غير مسؤول في حال حصلت مشاكل". وفي محاولة لنزع فتيل هذا الجدل حول نشر جنود مهمة "سانتينيل"، شددت فلورانس بارلي- وزيرة الجيوش- على أن "الجيش لن يكون في مواجهة مع المتظاهرين، و لن يقوم بأي حال من الأحوال بحفظ النظام العام، كما أنها لن تطلق النار". ومن بروكسل، صرّح الرئيس إيمانويل ماكرون- الذي يرفض عادة التحدث عن الشأن الداخلي الفرنسي عندما يكون خارج البلاد- صرّح بأن "الجيش لن يتحمل أبداً مسؤولية الحفاظ على النظام العام"، معتبراً أن هناك من "يتسلى بإخافة الفرنسيين وإخافة نفسه"، في إشارة إلى جان ليك ميلانشون ومارين لوبان. كما ذكّر ماكرون بأنها ليست المرة الأولى التي تتم فيها الاستعانة بالجنود من مهمة "سانتينيل"، مشيراً إلى أن ذلك حصل في شهر ديسمبر ومرات عديدة في الماضي، وذلك للتخفيف عن رجال الشرطة والدرك في مهام تأمين الأماكن الحساسة. وكانت احتجاجات السبت الماضي شهدت أعمال عنف خطيرة، مما دفع السلطات الفرنسية إلى منع التظاهر في شارع الشانزليزيه الشهير ومناطق أخرى للحيلولة دون وقوع المزيد من حوادث العنف والنهب.