أمام محكمة سيدي امحمد انتظر مئات الجزائريين تحت الأمطار مثول الوزير الأول السابق أحمد أويحيى ومحافظ بنك الجزائر السابق ووزير المالية في الحكومة الانتقالية محمد لوكال أمام العدالة، إذ تجمع عدد من المواطنين أمام المحكمة، وسط تعزيزات أمنية مشددة، للمطالبة ب”محاسبة الفاسدين”، وترقب واسع لوصول رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى إلى المحكمة للتحقيق معه في قضايا فساد مالي. وحمل مواطنون محتشدون أمام المحكمة علب “الياغورت”، للتلويح بها لأويحيى عند وصوله، في رد على تصريح سابق ارتبط به وقال فيه إنه “ليس من الضروري أن يأكله الجزائريون لأنه من الكماليات”. وهذه هي المرة الأولى التي تستدعي فيها محكمة جزائرية رئيس حكومة سابقا، ووزيراً يباشر مهامه للتحقيق في قضايا فساد. ونصبت القنوات التلفزيونية الجزائرية ومراسلو القنوات الأجنبية كاميراتهم قبالة مدخل محكمة سيدي امحمد ترقبا لوصول أويحيى، حيث عمدت قنوات محلية ومواقع إخبارية إلى البث المباشر على الشاشة أو على موقع فيسبوك لرصد الأجواء، الا ان المسؤولين السابقين لم يستجيبا الدعوة شخصيا. وحسب الناشط السياسي والأستاذ في القانون، أحمد بطاطاش، فإن “حضور أويحيى ووزير المالية إلى مكتب قاضي التحقيق سيكون افتتاحيا، ومثولا طوعيا فقط، إذ لا يسمح القانون في الجزائر لقاضي محكمة ابتدائية بالتحقيق مع رئيس حكومة أو وزير في الحكومة خلال شغله منصبه، وفي قضية لها علاقة بفترة شغله المنصب، حتى بعد تنحيه، إذ يحيل القضية إلى قاض في المحكمة العليا يخوله القانون مباشرة التحقيق”. يذكر أن محكمة سيدي امحمد، استدعت وزيري التضامن السابقين سعيد بركات، وجمال ولد عباس، وهو الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، للتحقيق معهما في تجاوزات وتلاعب بالمال العام خلال فترة إدارتهما لوزارة التضامن. وقدمت المحكمة السبت طلباً إلى مجلس الأمة لرفع الحصانة البرلمانية عن سعيد بركات وجمال ولد عباس، باعتبارهما عضوين في مجلس الأمة. .. محامون يشرحون الأطر القانونية لاستدعاء أويحيى ولوكال وتطرق محامون إلى الإجراءات القانونية التي صاحبت استدعاء الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، ووزير المالية الحالي محمد لوكال، لاسيما أن المعلومة التي بثها التلفزيون العمومي كانت وجيزة ولم تحمل تفاصيل حول الاستدعاء. وقال المحامي والحقوقي مصطفي فاروق قسنطيني، في تصريح لموقع كل شيء عن الجزائر، إن قاضي التحقيق يمكنه طلب إحضار أحمد أويحيى بالقوة العمومية للاستماع إلى أقواله كمتهم مع احترام قرينة البراءة، وأضاف بما أن الإجراءات صحيحة في الشكل والمضمون فإن أويحيى يخضع للقانون مثله مثل أي مواطن عادي. وأكد فاروق قسنطيني أن قاضي التحقيق له كل السلطة للتقدير في إحضار المتهم سواء بالأمر بالقبض أو الإحضار بالقوة العمومية، ورجح أن يستعمل القاضي الإحضار بالقوة العمومية بدل الأمر بالقبض". وحرص الأستاذ قسنطيني على أن المتهم يخضع لمحاكمة عادلة مع احترام قرينة البراءة أو الإدانة بتوفر الأدلة. وفي رده على سؤال حول إمكانية محاكمة رئيس الجمهورية وشقيقه المستشار السعيد بوتفليقة، قال المتحدث إنه يستبعد محاكمة الرئيس بحكم تدهور صحته وعدم تمكنه من النطق، أما شقيقه فلا أستبعد أن يتلقى استدعاء كالذي تلقاه أويحيى، ويخضع للتحقيق كباقي المتهمين". وعن عدم تلبية وزير المالية استدعاء المحكمة للتحقيق وممارسة نشاطه بصفه عاديه، حيث في الوقت الذي كان الجميع ينتظر تنقله إلى المحكمة، كان ينصب المدير العام الجديد للجمارك، قال قسنطيني إنه "ليس من اللائق عدم الاستجابة لدعوة العدالة والقانون فوق الجميع، والمتهم يدافع عن نفسه أمام العدالة". وقالت المحامية لدى المحكمة العليا، بناني شهيناز: “من المفروض أنه لما استقال أويحيى من منصبه يحاكم كشخص عادي”، وأضافت أنه لو كان أويحيى في منصبه وزيرا أولا لرجعنا الى تطبيق المادة 573 التي تقول إن وكيل الجمهورية يُخطر النائب العام، وهذا الأخير يخطر وكيل الجمهورية لدى المحكمة العليا، الذي يباشر الاجراءات ضد الشخص ولما ليس في منصبه فإنه تسري عليه الإجراءات المتعلقة بشخص عادي”. وتؤكد المحامية أن وكيل الجمهورية هو من استدعى أويحيى، حسب ما بثه التلفزيون العمومي، وأضافت: “البعض يقول عميد قضاة التحقيق هو من استدعاه ولكن حسب ما تم بثه فإن وكيل الجمهورية هو من قام بالإجراء”. ومن جانبه يقول المحامي بو أحمد فتحي، محامي معتمد لدى المجلس، أنه من الممكن ألا يحضر أويحيى، لأنه كان وزيرا للعدل سابقا ويعرف هذه الإجراءات وخباياها، مؤكدا أنه تم توجيه استدعاء له غير محدد ويمكن أن تؤجل برمجة هذا الملف والتحقق فيه الى تاريخ لاحق في حالة عدم حضوره. ويؤكد المحامي أنه في هذه الحالة يحدد وكيل الجمهورية الآجال في استدعاء ثاني على حسب الملفات الموجودة لدى مكتبه. وبخصوص استدعاء لوكال رغم أنه يشغل منصب وزير للمالية حاليا، فيقول المحامي: “نعرف أنه وزير ولكن إن كانت جناية خطيرة تتعلق بالمال العام للدولة نحن نعلم أن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال فقط”.