تهم بالتخابر والتجسس تلاحق المتهم وجّه محكمة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة، أمس، الأربعاء، تهمة “الجوسسة والتخابر وجمع معلومات لصالح دولة أجنبية”، ضد حميد ملزي، أحد المسؤولين المقرّبين من الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان يدير إقامة رسمية، وحياً سكنياً راقياً يقيم به كبار مسؤولي الدولة. وقال المحامي ميلود إبراهيمي، وكيل المسؤول وهو المدير السابق لإقامة الدولة، وشركة استثمار فندقي عمومية حميد ملزي، إنّ الأخير “يواجه تهماً خطيرة تتعلّق بجمع المعلومات بما يشكّل مساساً بالاقتصاد والدفاع الوطنيين لصالح قوة أجنبية، إضافة إلى تهمة حيازة ذخيرة”، من دون الإشارة لهوية “القوة الأجنبية”. وتؤدي هذه التهم إلى عقوبة السجن المؤبد في حال إثباتها؛ حيث تنصّ المادة 65 من قانون العقوبات على أنّه “يُعاقب بالسجن المؤبد، كل من يجمع معلومات أو أشياء أو وثائق أو تصميمات، بغرض تسليمها إلى دولة أجنبية، والذي يؤدي جمعها واستغلالها إلى الإضرار بمصالح الدفاع الوطني أو الاقتصاد الوطني”. والثلاثاء، قرّر قاضي التحقيق بمحكمة سيدي أمحمد وسط بالجزائر العاصمة، وضع ملزي في الحبس المؤقت، بعد اعتقاله، السبت الماضي، عندما كان داخل فندق “شيراتون” في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية. وكان رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، قرر، الأحد الماضي، إنهاء مهام ملزي كمدير سابق لإقامة الدولة ومسير شركة الاستثمار الفندقي، بعد إخطاره من قبل العدالة بوجود ملاحقة قضائية ضده. وجاء توقيف ملزي، قبيل يوم واحد من توقيف السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، والمديرين السابقين لجهاز المخابرات محمد مدين وبشير طرطاق. وقالت مصادر مسؤولة، حينها، إنّ التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية مع حميد ملزي “عززت من الأدلة والإثباتات التي استخدمها القضاء العسكري ضد الموقوفين الثلاثة”. ويدير ملزي إقامة الدولة (حي سكني رسمي به فيلات لكبار المسؤولين)، وتم داخل إحدى الفيلات الاجتماع المثير الذي جمع، في 30 مارس الماضي، الجنرالين مدين وطرطاق بالرئيس السابق ليامين زروال، من أجل اقتراح ترؤس الأخير لهيئة رئاسية انتقالية، يقوم الرئيس بوتفليقة بنقل السلطة إليها بشكل مؤقت، بعد نهاية عهدته التي كانت مقررة في 28 أفريل الماضي. وفي اليوم ذاته، سارعت وزارة الدفاع إلى إصدار بيان حاد وصفت فيه الاجتماع ب”المشبوه”، ودانت انعقاده، وكان ذلك سبباً في إجبار قيادة الجيش الرئيس بوتفليقة على تقديم استقالته من منصبه، في 2 أفريل الماضي. من جانب آخر، كشف وزير السياحة الأسبق، ورئيس حزب حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة، حقائق صادمة وبالأرقام عن حجم الفساد الذي قام به حميد ملزي، الذي تم إيداعه الحبس المؤقت بتهمة الجوسسة. وقال بن قرينة أنّه لم يستطع تنحيته حين كان وزيرا للسياحة: “عندما أردت إنهاء مهامه في 1999 لأنني كنت مسؤولا عنه، قام بنزع منزل مني في نادي الصنوبر، ثم أصدروا مرسوما أصبح نادي الصنوبر وموريتي بموجبه غير تابعين لوزارة السياحة، وألحقوها برئاسة الحكومة، حيث كان أويحيى رئيسا للحكومة حينها، فكتبت رسالة احتجاج ورفض وقاطعت ذلك الاجتماع”. وأضاف: “لقد باعوا فيلات موريتي بالدينار الرمزي، التي كان سعرها بين 20 و30 مليار سنتيم بيعت ب 14 مليون سنتيم”. ويكشف بن قرينة أن: “فندق الشيراطون من المفروض أن يشرف عليه وزير السياحة، لأنه تابع للخزينة العمومية وليس للخواص، فرفضوا وأشرف عليه حميد ملزي الذي أعطاه بالتراضي بما يقارب 200 مليون دولار، وفندق الدار البيضاء كان هبة من الصين بنته ب 45 مليون دولار”. وأضاف: “أقاموا شراكة بين شركة سياحة التي يسيرها ملزي مع شركة الاستثمارات الخارجية الليبية، التي كانت تملكها الحكومة الليبية، وكان يشرف عليها صديقي، نفس الشركة الصينية التي بنت الشيراطون ب 200 مليون دولار، بنت شيراطون وهران ب 85 مليون دولار، وقال لي صديق من ليبيا كانت هناك عمولات كثيرة”. ويروي بن قرينة، كيف بلّغت معلومات فساد ملزي إلى بوتفليقة، غير أنه لم يقم بتنحيته، حيث يقول: “أتوقع أن بعض الخيّرين في هذا الوطن قدموا ملفا للرئيس بوتفليقة في هذا المشكل، وأنا بدوري قدمت ملفا، ورأينا كيف بث التلفزيون العمومي أثناء تدشين فندق بوهران، وكيف شتم بوتفليقة ملزي وقال له ابتعد عني.. توقفوا عن أكل الأموال تحت الطاولة، ولكن هناك قاعدة تتمثل في أن من يسبه بوتفليقة يبقى والذي يمدح يقوم بتنحيته، فقد تركه عشرين سنة”. وأضاف بن قرينة: “كلّمت الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني مسؤول الاستثمارات في السياحة في قطر، فجاء بأمر من أمير قطر بغلاف مالي يقدر ب 10 مليار دولار ولما جاء واستقبله وزير السياحة حينها أحاله على ملزي، فرجع وقال لي إنهم يطلبون الرشوة وفي بلدي لا يسمحون لي بذلك”، كما يكشف أن نفس الأمر وقع مع الوليد بن طلال، الذي فر بسبب الفساد واستقبله ملك المغرب بالأحضان.