* بلعيد وساحلي يقرران عدم الترشح وبن زاهية مترشح وحيد للرئاسيات تتبلور ملامح تطورات سياسية إيجابية في الجزائر، وفق تأكيدات مصادر مقربة من الحكومة كشفت أن “المؤسسات السيادية المؤثرة في البلاد بدأت في البحث عن تصورات سياسية ودستورية تضمن حل الأزمة، وعلى الأرجح إلغاء الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع جويلية المقبل وبدء ترتيبات إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات تتولى تنظيمها في غضون أشهر”. وذكرت مصادر أن “الحكومة بقيادة نور الدين بدوي قد تقدم استقالتها خلال فترة قصيرة لا تتجاوز منتصف شهر جوان المقبل، مباشرة بعد الانتهاء من ترتيبات امتحانات شهادة البكالوريا”. وأضافت أن “استشارات سياسية ودستورية تتم على مستوى عالٍ في السلطة، للسماح باستقالة حكومة بدوي المرفوضة سياسياً منتصف شهر جوان المقبل، لتسهيل مهمة رئيس الدولة عبد القادر بن صالح في تكليف شخصية توافقية تتولى تشكيل حكومة مستقلة، تشرف على مرحلة انتقالية قصيرة الأمد، بمواكبة الجيش، ويتم فيها تعديل قانون الانتخابات، بما يسمح بإنشاء هيئة مستقلة للانتخابات تشرف على الاقتراع الرئاسي بالكامل”. وعززت التظاهرات الحاشدة للطلاب، الثلاثاء الماضي، قرب مكتب بدوي، وحالة الحصار الشعبي والمقاطعة السياسية المضروبة على وزراء الحكومة، اقتناع الجيش بضرورة تقديم الحكومة ككبش فداء لفك نسبي للانسداد السياسي الحالي. وبالتالي، يُنتظر أن يعلن بن صالح عن إلغاء الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد إخطاره من قبل المجلس الدستوري بعدم توفر شروط تنظيمها، وسط توقعات بأن يبلغ بموقف المجلس اليوم الأحد. وتنتهي آجال إيداع ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية منتصف ليلة اليوم، إذ أودع اليوم، مرشح وحيد، لخضر بن زاهية، ملف ترشحه للرئاسيات، لدى المجلس الدستوري. ويعد بن زاهية، وهو مرشح حر ومتقاعد من الجيش، أول مرشح للانتخابات الرئاسية يضع ملفه لدى المجلس الدستوري. دون أن يعلن المجلس الدستوري عن استقبال ملفات مترشحين آخرين المفترضين للانتخابات الرئاسية والمحددة في الدستور ب45 يوماً من تاريخ استدعاء الهيئة الناخبة الذي تمّ في 9 أفريل الماضي، وقبل 45 يوماً من يوم الاقتراع الرئاسي المقرر في 4 جويلية. ما يعني أن الانتخابات باتت عملياً في حكم الملغاة، وفي حال تأكد ذلك فإنها ستكون المرة الثانية التي يتم فيها تأجيل الانتخابات الرئاسية، بعد خطوة مماثلة في 18 أفريل الماضي. وخلت قائمة نشرتها وزارة الداخلية تضمّ 77 مرشحاً مفترضاً، ذكرت أنهم قاموا بإيداع “رسالة نية” للترشح لديها وسحب استمارات التفويضات، من أي شخصية سياسية معروفة، عدا رئيسي حزب التحالف الجمهوري بلقاسم ساحلي، ورئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، اللذيين قررا أمس، عدم الترشح رسميا، وهو عامل إضافي سيدفع المجلس الدستوري إلى إعلان عدم استيفاء أي من شروط الانتخابات، وعدم المغامرة بتنظيم انتخابات مرفوضة شعبياً وسياسياً. وساعد تطور موقف الجيش، الذي بدأ متمسكاً بموعد الانتخابات الرئاسية ثم انتقل إلى الإقرار بالأمر الواقع وعدم إمكانية تنظيمها قبل إنشاء الهيئة العليا المستقلة، في تعزيز التوجه نحو إلغاء الانتخابات المقبلة. في موازاة ذلك، فإن أكثر الأسئلة المطروحة والمرتبطة بتأجيل الانتخابات، تتعلق بالموقف الدستوري لبن صالح، الذي تنتهي صلاحياته الدستورية في 9 جويلية المقبل، وما إذا كانت البلاد ستدخل مرحلة الفراغ الدستوري على مستوى الرئاسة. وتذهب بعض الترجيحات إلى تقدير أن رفض الجيش الخروج عن الإطار الدستوري واعتراضه على مقترح هيئة أو شخصية رئاسية تتولى رئاسة الدولة لفترة انتقالية، قد يدفع المجلس الدستوري إلى إصدار تفسيرات دستورية تتيح لبن صالح البقاء في منصبه إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مقبلة، وذلك تحت مبرر أنه مكلف بالحفاظ المؤقت على العهدة الرئاسية، إلى حين تسليمها لرئيس منتخب. فالقراءة الموسعة للدستور تؤكد أنه لا يقع فراغ دستوري لعدم تنظيم الانتخابات خلال 90 يوماً، بل يتم التمديد للرئيس المؤقت لغاية تسليم المهام لرئيس الجمهورية المنتخب. والمادة 102 تتحدث عن تنظيم الانتخابات في غضون 90 يوماً، لكنها لا تنص صراحة على أنها المدة الدستورية لرئيس الدولة، ونهاية مهمته تكون بتسليم المهام، وليس بانتهاء 90 يوماً. وإذا أخذ بالاعتبار أن استقالة حكومة بدوي ستتم لتعيين حكومة مستقلة بديلة، خصوصاً في ظل توفر المخرج الدستوري المناسب، إذ تمنع المادة 104 من الدستور رئيس الدولة المؤقت من إقالة أو تعديل الحكومة، دون أن تنص على منع الحكومة من الاستقالة كحالة ثالثة، وإذا أضيف لهذه الخطوة، متى ما تمت، النجاح المرتقب لنواب البرلمان في الإطاحة برئيسه معاذ بوشارب، فإن هذه التحركات بمجملها تسمح للجيش والسلطة الحاكمة بتحقيق جزء كبير من مطالب الحراك الشعبي والقوى والشخصيات السياسية التي تطالب برحيل بدوي وبوشارب. ويرجح مراقبون أن ينجح الجيش في إقناع قوى المعارضة بالقبول ببقاء بن صالح، بصلاحياته الدستورية المحدودة، تجنباً لخرق الدستور والدخول في مرحلة البحث عن شخصية توافقية قد لا تتوفر في الوقت الحالي، في مقابل وجود حكومة جديدة مستقلة تقوم بالشؤون التنفيذية. لكن قوى المعارضة السياسية لا تُبدي قبولاً في هذا الاتجاه، بل تعتقد أن الضرورات السياسية والشعبية تفرض تجاوزاً كلياً للمعطى الدستوري. وفي السياق، اعتبر القيادي في حركة مجتمع السلم، نصر الدين حمدادوش، أن “الوضع يتطلب توليفة لاستبدال بن صالح بشخصية وطنية توافقية مقبولة لدى الحراك الشعبي قبل انتهاء عهدته”. لكنه لمّح إلى أن “الأمر لا يتوقف على الأشخاص بقدر ما يتوقف على نزاهة الانتخابات، لأنه ليست لدينا مشكلة مع الأشخاص كأشخاص، والعبرة بمضمون الإصلاحات وآليات ضمان نزاهة الانتخابات قبل الذهاب إليها”. وأشار إلى أن “الانسداد يتطلّب نقاشاً وتنازلات من كل الأطراف لتجاوز الوضع”، وتوقف عند أهمية “التنازل المتبادل بين جميع الأطراف المعنية بالانتقال الديمقراطي، فتتنازل المؤسسة من جهة، والأحزاب من جهة، والحراك من جهة أخرى”. وعزّز وزير الخارجية الأسبق، أحمد طالب الإبراهيمي، في رسالته التي نشرها الأربعاء الماضي، هذا التوجه، إذ دعا الجيش إلى إفساح المجال للبحث عن حلّ سياسي للأزمة بدلاً من التمسك الحرفي بالدستور. وقال إنه “يتعين على الجيش أن يصغي إلى اقتراحات النخب وعقلاء القوم، وألا يكون سنداً لمؤسسات لا تحظى بالرضى الشعبي حتى وإن كانت في وضع دستوري ثابت كان مبرمجاً لحالات عادية، وليست استثنائية كالتي نمر بها اليوم”. ودعا إلى “البحث عن حلول للأزمة خارج الدستور واعتبار الحراك الشعبي كاستفتاء، وصياغة حل يجمع بين المرتكزات الدستورية في المادتين السابعة والثامنة وما يتسع التأويل فيهما سياسياً”. بلعيد وساحلي يقرران عدم الترشح للرئاسيات قررت جبهة المستقبل عدم ايداع ملف الترشح لرئاسيات 4 جويلية، لدى المجلس الدستوري، حسب بيان للحزب، عقب اجتماع مكتبه الوطني. وأرجع الحزب سبب تراجعه عن الترشح للرئاسيات الى حالة الغموض والجمود، الذي يسود ويدفع الى انعدام التحضير الحقيقي والجدي لهذه المرحلة الهامة، وعدم تنصيب اللجنة المستقلة المطلوبة لتنظيم الانتخابات وكذا عدم تجسيد الحوار الذي نادت به مؤسسة الجيش. وأعلن التحالف الوطني الجمهوري، تعليق مشاركته في الانتخابات الرئاسية، حسب ما أكده بيان للحزب، السبت. واشترط الحزب توفّر الشروط المناسبة لنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي المصيري والهام، حيث سبق للحزب وأن أكّد بأن ترشيح أمينه العام الدكتور بلقاسم ساحلي، مشروط بضرورة مرافقة الحل الدستوري والانتخابي، بجملة من الإجراءات السياسية لطمأنة الرأي العام الوطني، وترميم الثقة المهزوزة بين السلطة والحراك الشعبي، ولاسيما ما تعلق بتشكيل حكومة كفاءات وطنية بقيادة شخصية مستقلة وتوافقية، ومعالجة إشكالية عدم شرعية رئيس المجلس الشعبي الوطني، التي أشار لها الحزب منذ اليوم الأول الذي تم فيه السطو على هذا المنصب. ودعا الحزب الى تنصيب هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات، وتعديل بعض مواد القانون العضوي للانتخابات ذات الصلة بإجراء الانتخابات الرئاسية، ضمن رؤية مرنة للأجندة الانتخابية، والتي تتطلب تأجيل الانتخابات الرئاسية لبضعة أسابيع وفق ما يتيحه نص وروح الدستور. وأضاف الحزب أن قرار تعليق مشاركة الحزب إلى تاريخ لاحق، مبرّر باعتبارات شعبية ودستورية وقانونية وسياسية، حيث يعتقد ال ANR بأن رفض شرائح معتبرة من الشعب الجزائري، للإطار الذي سيتم فيه موعد ال 04 جويلية وليس للانتخابات كوسيلة وحيدة للتعبير الحّر والديمقراطي عن السيادة الشعبية. بن زاهية مترشح وحيد للرئاسيات وأودع أمس، لخضر بن زاهية، ملف ترشحه لرئاسيات 4 جويلية، على مستوى المجلس الدستوري. ويعد بن زاهية، وهو مرشح حر ومتقاعد من الجيش ينحدر أصله من ولاية الجلفة، أول مرشح للانتخابات الرئاسية يضع ملفه لدى المجلس الدستوري الذي أغلقت أبوابه منتصف ليلة أمس، أمام الراغبين في الترشح. ويأتي ترشح بن زاهية، في وقت أعلن فيه كل من رئيس جبهة المستقبل، عبد العزيز بلعيد، ورئيس حزب التحالف الوطني الجمهوري، بلقاسم ساحلي، إنسحابهما من السباق نحو كرسي الرئاسة. الخبير الدستوري عامر رخيلة: انتخابات 4 جويلية لاغية والحل في المادة 103 قال عضو المجلس الدستوري، سابقا، عامر رخيلة، أن رئاسيات 4 جويلية تصبح لاغية منتصف الليل من يوم السبت 25 ماي، آخر أجل لإيداع ملفات الترشح التي لم يستقبل المجلس الدستوري بشأنها لحد الساعة أي ملف. ويرى رخيلة بأن الحل يستوجب العودة لنص المادة 103 من الدستور “قياسا”، باعتبارها النص الوحيد الذي يتحدّث عن وقف الانتخابات. ويشير الخبير في القانون الدستوري الدكتور عامر رخيلة في تصريح لموقع كل شيء عن الجزائر، بأن المجلس الدستوري سيكون عليه دراسة ملفات الترشح في حالة ايداعها خلال الساعات القليلة القادمة، و لو تعلق الأمر بملف واحد و ذلك في اجل 10 أيام، لكنه في المقابل سواء استقبل ملفا واحدا أو لم يستقبل أي ترشيح سيكون عليه اعلان ذلك، وهو ما يجعل إجراء انتخابات 4 جويلية لاغيا تلقائيا حتى لو كان لدينا مترشح واحد باعتبارها انتخابات "تعددية" لا تقبل مترشحا واحد. في السياق يوضّح عامر رخيلة بأنه بعد اعلان المجلس الدستوري لتقريره الذي يثبت عدم استقبال الترشيحات، سيكون على رئيس الدولة عبد القادر بن صالح أن يطلب فتوى من المجلس الدستوري، و التي يقدّر ذات المتحدث أنها ستستند قياسا وفي إطار روح الدستور لنص لمادتين 102 و 103 من الدستور،والتي تنص على ما يلي:"عندما ينال ترشيح للانتخابات الرئاسية موافقة المجلس الدستوري، لا يمكن سحبه إلا في حالة حصول مانع خطير يثبته المجلس الدستوري قانونا أو في حالة وفاة المترشح المعني…في حالة وفاة أحد المترشحين للدور الثاني أو تعرضه لمانع شرعي، يعلن المجلس الدستوري وجوب القيام بكل العمليات الانتخابية من جديد. ويمدد في هذه الحالة آجال تنظيم انتخابات جديدة لمدة أقصاها ستون (06) يوما. عند تطبيق أحكام هذه المادة، يظل رئيس الجمهورية السارية عهدته أو من يتولى وظيفة رئيس الدولة، في منصبه حتى أداء رئيس الجمهورية اليمين. يحدد قانون عضوي شروط وكيفيات تطبيق هذه الأحكام”. ويشير الخبير الدستوري في هذا السياق، بأنه بعد اعلان عدم وجود المترشحين يتم تأجيل الانتخابات والدعوة إليها بعد تسعين يوم أخرى تبقى فيها الجزائر في إطار "مرحلة دستورية وليس مرحلة انتقالية (تمديد للمدة الدستورية لتسعين يوما ثانية)". وهي المرحلة التي يقول رخيلة بأنه سيتم فيها الاحتفاظ ب عبد القادر بن صالح رئيسا للدولة، يدعو فيها الهيئة الناخبة ويتّخذ كل الإجراءات التدابير الدستورية والتنظيمية لتنظيم انتخابات جديدة في ظرف 90يوما ابتداءا من 9 جويلة التي تنتهي فيها المدة الدستورية الأولى. في سياق آخر لفت عامر رخيلة إلى الخلط الحاصل لدى الجزائريين فيما يتعلق بالفرق بين "اعلان نية الترشح" التي ضمت 77 جزائريا حسب إعلان وزارة الداخلية والجماعات المحلية، وبين إيداع ملف الترشح لدى المجلس الدستوري الذي لا يعتد الا بما يصله من ملفات. مضيفا بأن كل المؤشرات تؤكد انه لم يتم لحد الساعة جمع التوقيعات على المستوى المحلي من قبل الأشخاص الذين أعلنوا نيتهم في الترشح.