يحتضن أمسية الخميس المسرح الوطني محي الدين بشطارزي، العرض الشرفي لمسرحية “جي بي أس”، للمخرج والكاتب المسرحي محمد شرشال، بحضور مدير المسرح محمد يحياوي وعدد من المهتمين بالفن الرابع. مسرحية “جي بي أس” والتي تنتمي للمسرح الصامت، الذي يعتمد بالدرجة الأولى على التعبير الجسدي والنصوص الضمنية التي يكشفها الممثل في سياق تعبيره الجسدية، وهي تكملة لمسرحية “ما بقات هدرة” التي تم تكريمها في سنة 2017 بمناسبة تنظيم الطبعة ال12 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، وتوجت أيضا بمهرجان المسرح العربي للهيئة العربية للمسرح في دورته التي احتضنتها تونس، وهي عبارة عن كوميديا عبثية ذات موضوع شامل مدرجة ضمن سجل المسرح الصامت و الذي يعالج مسالة قولبة المجتمع واستلاب الفرد، كما يعتبرها محمد شرشال نقطة تحول في طريقة التعاطي مع المسرح، بحيث تم استبدال اللغو والثرثرة في المسرح، بحركة الممثل وتعابيره الجسدية وذلك من أجل خلق المتعة ولكي تصل الرسالة المرجوة من الفعل المسرحي. كما قال المخرج محمد شرشال في تصريح صحفي سابق له “أنه ألغى النص في عمله الجديد “جي بي أس” حيث سيتابع الجمهور حسبه عملا مدته ساعة ونص بدون كلام” مشيرا “انه كان أمام خيارين إما أن يكون كاتبا أو مخرجا، لكنه وبعد تفكير اختار أن يكون مخرجا”. والمسرحية حسب ما ورد بملخصها تعالج موضوع الحرية، “للحرية ثمن وللفضول ثمن لتعلم ثمن وللمعرفة ثمن ولكي تصبح إنسان أيضا يجب أن تدفع ثمن وان تعرف جيدا انه هناك حقيقة واحدة مطلقة”. كما ورد في كلمة المخرج” إن سعي المنحوتات في الانتقال من الجماد إلى الانسنة يمثل صلب كينونتنا الأبدية، أننا نحاول الاجابة على الأسئلة الوجودية المؤرقة والأزلية، هل الإنسان كائن مسلوب الإرادة آم العكس؟. إن طرح السؤال هو المفتاح الذي يقودنا للتجسيد المسرحي، أننا نرى محاولة الإجابة ممكنة جدا في لغة الدلالة والإيحاء، فالجماد لا يعني دائما ذلك الشيء الذي لا روح فيه، بل يمكن للذي يملك روحا أن يكون جمادا إذا سلبت منه إرادته، فالإنسان الذي لا يملك إرادة تقرير مصيره بيده يكون اقرب إلى الجماد منه إلى الحياة، ومن الممكن لهذا الجماد إذا أراد أن يتخلص من جموده أن يستعيد حركته وحريته كي يسترجع إنسانيته المفقودة، وتبقى الحقائق كلها رهينة النسبية، أنها لعبة مفارقات جدلية عميقة للمسرح أدواته الجملية للخوض فيها بامتياز”. للإشارة، سيكون الجمهور المحب للفن الرابع على موعد مع أعمال جديدة سيتم عرضها خلال هذا الشهر من إنتاج المسرح الوطني محي الدين بشطارزي ويتعلق الأمر بمسرحية “جي بي أس” التي ألفها وأخرجها محمد شرشال ومسرحية “أراجعين، راجعين” من إخراج حميدة آيت الحاج وهي ثمرة عمل فريق كامل اجتهد في اقتباس حر لعمل الطاهر وطار “الشهداء يعودون هذا الأسبوع” التي اقترحت بالأمازيغية مع حوارات بالقبائلية والشلحية والشاوية على أنغام موسيقى ترقية، وقد اختارت حميدة آيت الحاج التي راهنت على قوة النص ومهارة الممثلين، تقديم مسرحيتها مع مؤثرات مسرحية تفتقر تقريبا إلى “الديكور” في إطار صيغة محينة تتضمن ثلاثة ادوار غير مسبوقة مع خاتمة أو نهاية تختلف عن تلك التي جاءت في النص الأصلي، بالإضافة إلى مسرحية “العصفور” المقتبسة من رواية “لوبوزندورفر” للكاتب المجري فيرانك كارينتي، وهي عبارة عن ملهاة في قالب تراجيدي لكمال يعيش، قصة فنان يغوص في اللاوعي ويتحول إلى كائن سادي شرير، ومسرحية “جحا” التي هي عبارة عن عرض من عروض الشارع لربيع قشي و”أجنحة نمولة” وهي مسرحية موجهة للأطفال، من إخراج نضال الجزائري فستعرضان خلال السنة المقبلة، حسب المسرح الوطني الجزائري.