اعتبر الدكتور إدريس عطية الكاتب والمحلل السياسي ودكتور العلاقات السياسية والعلاقات الدولية أن الجزائر حققت قفزة نوعية ونجاحا سياسيا باهرا عبر الانتخابات الرئاسية الأخيرة ينبغي أن يتبعا بإصلاحات عميقة في شكل النظام لكي يقدم هذا الأخير خطابا سياسيا جديدا للمجتمع . وأوضح المحلل السياسي لدى نزوله ضيفا الثلاثاء على برنامج “ضيف الصباح” الذي تبثه القناة الأولى انه “في أعراف الديموقراطيات العالمية عادة ما تتراوح نسب المشاركة في الانتخابات بين 20 و30 بالمائة غير انه لدينا رئيس شرعي منتخب بنسبة تزيد عن 58 بالمائة، بمستوى عالي من المشاركة السياسية وهو ما يتطلب تقوية العمل السياسي والمؤسساتي من خلال فتح ورشات الإصلاح السياسي سيما فيما يتعلق بالدستور”. وعن أهم المقترحات التي ستقدمها الأسرة الجامعية فيما يتعلق بالإصلاحات السياسية قال إدريس عطية: ” تطالب النخب دائما بإصلاحات عميقة، سواء في الدستور، أو في تغيير شكل النظام، لان الدستور يشمل أربعة مناحي، فهو يحدد طبيعة النظام السياسي ويحدد شكل الدولة ويحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، والشيء المهم الذي تركز عليه النخبة هو أن الدستور ينبغي أن يحدد العلاقة بين السلطات خاصة فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية وضرورة تحجيمها والتقليل من بعض الصلاحيات التي كانت مخولة للرئيس لان الرئيس الأسبق قام بتعديل الدستور وحول النظام من شبه رئاسي إلى نظام رئاسي في 2008 ثم إلى رئاسي معزز في 2016″. وأردف بالقول ” أعتقد أن التصور المتعلق بالسلطة التنفيذية ينبغي أن يكون ازدواجيا من خلال تعديل نظام الحكم وكذلك إعطاء البرلمان سلطة تشريعية فاعلة، وخلق جودة تشريعية عالية المستوى، من خلال أربع وظائف للبرلمانيين، وظيفة نيابية ووظيفة تشريعية ووظيفة محاسباتية وربما وظيفة رقابية ” . بالإضافة إلى استقلالية القضاء “لأننا اليوم نتحدث عن تحرير القضاء لكي نتجاوز عدالة الهاتف للذهاب إلى قضاء مستقل حقيقي ينطلق مما تفرزه القوانين من أحكام متعلقة بحقوق الإنسان والحريات إضافة إلى الكثير من الجوانب “. ويرى ضيف الأولى أن الجزائر محتاجة إلى مشروع مجتمع من أجل إحداث ثلاثة انتقالات، الأول يتعلق بانتقال سياسي نحو نجاح سياسي ومؤسساتي فاعل من خلال تحقيق التباين السلطوي وتحقيق التعقيم لأن النظام السياسي في ذاته يحتاج إلى أن يتجدد ويحتاج إلى صيانة ذاتية لكي يضخ خطابا جديدا للمجتمع “. أما الانتقال الثاني -بحسب المحلل السياسي- فيتعلق بالنخبة الجزائرية، سيما الجامعية منها، والتي “ينبغي أن تتحول إلى قوة اقتراح حقيقية لتكون هي المبادرة لتقديم الحلول والافتراضات والابتكارات”. وقال الباحث عطية في الخصوص إن “النظام الأسبق عمل على تقزيم النخبة وتهميشها ، لكن يجب أن يتحمل الجميع المسؤلية اليوم ، لدينا الكثير من الشباب الذين يمكن أن يتقدموا بالبلاد وان يكونوا قوة اقتراح حقيقية، وحتى عامل الالتزام متوفر لدى الشباب، و اعتقد أن حديث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على حكومة كفاءات من العنصر الشبابي والنسوي وتوسيع مشاركتهم في الحكومة وفي المجالس المنتخبة القادمة يؤكد على النية السليمة للدولة لمد اليد للعناصر الشبابية خاصة النخب المثقفة “. وفي الأخير نقلة اجتماعية- يقول إدريس عطية -” فنحن بحاجة إلى الانتقال إلى مجتمع جديد في إطار مشروع وطني قوامه بناء الإنسان الجزائري لأنه هو الاستثمار الحقيقي، لذلك وجب الاستثمار فيه من أولى المراحل التعليمية إلى غاية آخر مرحلة جامعية، لنكوّن بذلك إنسانا قويا قادرا على أن ينتج اقتصاديا وفكريا ويكون فاعلا سياسيا حقيقيا “.