يواصل الكاتب والباحث الفلسطيني أحمد الدبش، في الجزء الثاني من قراءته لكتاب “(أورشليم القديمة) و(أورشليم الجديدة). مطامع الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط ومهمتها المقدسة (1918 1967).. المعرفة في خدمة الهيمنة”، للكاتب ماثيو إف جايكوبز، حيث يتناول هذا الجزء، التفسيرات المقدمة للسياسات الجماهيرية العلمانية، ومعالم الشرق الأوسط المتغير. الفصل الثالث: تفسيرات جديدة للسياسات الجماهيرية العلمانية يتناول المؤلف هنا الكيفية التي فهموا بها السياسة الجماهيرية العلمانية في المنطقة مع تركيز خاص على الحركات القومية التركية، والعربية، والإيرانية. “كان المراقبون في السنوات التي تلت الحرب العالمية الأولى يدركون بوضوح الرغبات القومية المتنامية الآخذة في الانتشار في أنحاء المنطقة” (ص 151). “ظهر أول إدراك مستدام لصناع السياسة، والمحللين الأمريكيين بالتيارات القومية في الشرق الأوسط، مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى (…) اعترف بعض المستشارين بظهور حركات قومية معادية للاستعمار في الشرق الأوسط، وذكروا أن العرب كان لديهم قدر من الحس الغامض بوجود هوية مشتركة، بيد أن أعضاء تنظيم (Inquiry)، اعتقدوا أن تلك المشاعر المشتركة يمكن إثباتها بسهولة من خلال الهويات، والارتباطات القبلية، والعشائرية المحلية” (ص 152). “عكست أنشطة، وأساليب لجنة كينج/ كراين، التي أرسلت لتقييم المشاعر العامة حول تفعيل نظام الانتداب، عكست عدم استعداد مماثل لأخذ الأشكال المحلية من القومية في الشرق الأوسط على محمل الجد(…).فقد ظهرت النقاشات عن القومية فقط في سياق صلتها بقضايا أخرى، ومن ثم بدت عرَضية، أو هامشية (…) اعتقد عضوا اللجنة كينج/ كراين أن غالبية المسلمين في سوريا كانوا يدعمون مثل هذه الأجندة، فيما رأيا أن المسيحيين بدوا أكثر تشككا في القومية السورية (الجديدة الهزيلة)، وبنظرة أعم على المنطقة” (ص 153). علاوة على ذلك، مثل إعلان الجمهورية التركية بقيادة أتاتورك “أول إمكانية لظهور أنظمة علمانية بالمنطقة” (ص 155). وقدمت إصلاحات رضا شاه في إيران، على أنه “يقود بلاده من التخلف إلى الحداثة” (ص 156). وبحسب بروس هوبر، المتخصص في الشأن الفارسي بجامعة هارفارد،”لم يعد الإسلام منذ وقتئذ هو الرابطة التي تضمن الوحدة القومية” (ص 157). لم تكن جميع النقاشات، التي دارت حول رضا شاه إيجابية، فقد كشف خلاف بين إيران، والولاياتالمتحدةالأمريكية، في عام 1936 عن هذا الجانب. “سعى رضا شاه لتقليص حجم اعتماده على السلع الصناعية المستوردة، وإقامة صناعات إيرانية” (ص 157). و”سحب ممثليه في الولاياتالمتحدةالأمريكية” (ص 158). أشاد هانس كون، في مقال له 1934، بتجربة ابن سعود بقوله قد قطع شوطا في الطريق، لأن “يصبح السيد دون منازع الذي يتحكم في مملكة شبة الجزيرة الموحدة، ذات التنظيم القوى، التي تخوض عملية تحديثية بحرص، وثبات” (ص 158). نشر جويل كارمايكل، مقالا في تموز (يوليو) 1942 بعنوان “أمير العرب” قال فيه: “عبد العزيز بن سعود، وبالرغم من موقع بلاده القصي، يلوح في الأفق عملاقا ضخما قويا (…) الوهابية والإسلام بعامة سينالهما الضعف في نهاية المطاف. إذ قال كون، في مؤتمر عام 1952، إن القومية هي بشكل أساسي حركة علمانية، ولا يمكن تحققها إلا في مجتمع مُعلمن” (ص 160). لم يتوافق المحللون جميعهم عما “إن كان النزوع إلى الوحدة العربية أمرا طيبا، أم خبيثا، أو على إمكانيات نجاحه” (ص 161). لم يعتقد الأكاديمي، والأركيولوجي، دايفيد هوجارث،”أنه بالإمكان إنجاز الوحدة العربية سياسيا على أرض الواقع حتى في نطاق بلد واحد كسوريا، لأن نجاحها يقتضى من شعب سوريا، وشعوب الشرق الأوسط التغلب على الهويات المحلية، وهو أمر مستحيل” (ص 162). اعترف هوجارث بأن الوضع بدا مختلفا في شبة الجزيرة العربية، “المقومات تُسهم فقط في إقامة إمبراطورية عربية لا في الحفاظ عليها، حيث إن التعصب، والحماس الوهابي لا يمكن الحفاظ عليهما على أرض الواقع (…) ليس ثمة إشارة تدل على أن المسلمين الآن، أو في المستقبل، سيوحدون قواهم في جهد مشترك لاستعادة هيمنتهم كما هيمن الخلفاء الأوائل، أو أنهم يستطيعون ذلك” (ص 163). أدى كتاب “الصحوة العربية” لجورج أنطونيوس (1938)، “دورا حاسما في تقرير الحدود الأساسية التي في إطارها تخيل الأمريكيون القومية العربية في العقود المبكرة التالية للحرب العالمية الثانية(…) استند جورج أنطونيوس إلى خبرته الشخصية، حيث إنه كان قد عاش وعمل بالشرق الأوسط” (ص 164). “تحدى أنطونيوس بطرحه قضية القومية العربية بصفتها حركة تدعمها الجماهير، ويقودها رجال متعلمون أذكياء عقلانيون لديهم أهداف محدودة، تحدى تنميطات العرب بصفتهم قتاليين، غير عقلانيين، ينساقون وراء عواطفهم” (ص 165). يحاول المؤلف إعادة قراءة كتاب “الصحوة العربية”، وينتقده بقوله: “يظل كتاب (الصحوة العربية) خلافيا لأسباب عديدة” (ص 168). وينقل عن ألبرت حوراني قوله، “إن كتاب (الصحوة العربية)، بتجاهله بعامة أعراف البحث الأكاديمي مثل الهوامش، والبيبليوغرافيا، يضاعف من شعور القارئ بعدم الارتياح، إذ إنه لا يمكن التأكد من كثير مما يزعمه أنطونيوس. اعتقد المتخصصون في فترة ما بعد الحرب، أن الحركات القومية العربية، كانت تاريخيا، حركات منعزلة، ومن ثم ظلت بؤرتها هي التخلص من التدخلات الأجنبية؛ في حين أن القوميين الآن، أي بعد الحرب، قد يرون أنفسهم جزءا من حركة معادية للاستعمار تعم أنحاء العالم” (ص 169). أيضا، “قام متخصصون بعد الحرب، بتعديل تفسير أنطونيوس، وتطويعه بطريقة ثانية بأن ركزوا على التغيرات الثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية الواسعة التي كانت تحدث بالمنطقة” (ص 170). وبحسب المؤلف، “أولى الأمريكيون اهتماما بالنزاع على فلسطين، بأكثر من أنطونيوس (…) فقد ساعد الصراع على فلسطين، ليس فقط على تحديد هوية القومية الشرق الأوسطية، بل والمشهد الإقليمي السياسي الأوسع (…). فقد اكتسب الصراع على فلسطين الدور المفتاح في تحديد توجهات القومية شرق الأوسطية” (ص 171). في خمسينيات القرن العشرين، وستينياته، توصل المختصصون إلى أن الحركات القومية شرق الأوسطية، “قوة غير حميدة(…) كان مصدر ذلك هو محمد مصدق في إيران، حيث بدت سياساته القومية، وأنها تهديد للمصالح الأمريكية، والبريطانية هناك. (…) ساعدت أمريكا على إعداد المسرح للتخلص منه من خلال انقلاب رعته السي آي أيه، في آب (أغسطس) عام 1953. وأيضا الزعيم المصري جمال عبد الناصر، الذي حظي في البداية بقبول المراقبين. ثم انقلبوا عليه بعد ذلك، وتبنوا تجاهه نهجا يماثل ذلك الذي تبنوه تجاه مصدق” (ص 173). “نتج عن ذلك أسلوب جديد لتخيل القومية شرق الأوسطية، وتصويرها على أنها أكثر راديكالية، ومحملة بالأخطار” (ص 174). بدأ الأمريكيون في تخيل القومية شرق الأوسطية بصفتها قوة ينبغي عليهم أن يقاوموها. يستعرض المؤلف، شخصيتين رئيسيتين في الشرق الأوسط، هما: مصدق، وناصر، ونظرة المتخصصين لهما. وبحسب المؤلف، “عملت التجربة مع مصدق وناصر معا على تولّد تحدٍ جوهري للمهمة المقدسة، والدنيوية لأمريكا في المنطقة، التي كانت قد ظلت قائمة لزمن طويل” (ص 192). في نهاية عام 1958، بدأت إعادة تقييم ثاقب لتأويلات الولاياتالمتحدةالأمريكية، للقوميين شرق الأوسطيين، وسياستها تجاههم. ..الفصل الرابع: تخيل شرق أوسط متغير في (سبتمبر 1969، أرسل مكتب الاستخبارات، والأبحاث التابع لوزارة الخارجية، ورقة بحثية مطولة إلى وزير الخارجية. حاولت الورقة المؤلفة من إحدى وثلاثين صفحة، التي كان عنوانها “جذور مقاومة العرب للتحديث”، تفسير أسباب “الفشل الذي يواجههه عرب الشرق الأوسط، في تحقيق طموحاتهم بأن يصبحوا رجالا عصريين بمعنى اللفظ، كما هو مفهوم في أوروبا، ونصف الكرة الغربي” (ص 213). وجاء في الفقرة الأخيرة للتقرير “ما يقتضيه التحديث من العرب، هو اجتثاث عروبتهم، والتخلص منها” (ص 216). يتناول المؤلف تحليلات المتخصصين التابعين للشبكة غير الرسمية عبر/ الدولية، وإحباطهم في نهاية الستينيات. من المؤكد، أن الرغبة القوية في تغير الشرق الأوسط، كانت بين دوافع أنشطة كثير من الأمريكيين الذين عملوا بالمنطقة. بدأوا، ولأول مرة، “في الربط بين رغباتهم في تغير المنطقة، وبين مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية الآخذه في التوسع هناك، في فترة ما بين الحربين العالميتين(…) في أثناء الحرب العالمية الأولى، وفي أعقابها مباشرة، كان للحاجة الملموسة إلى تغيير الشرق الأوسط أثر كبير على الكيفيه التي فكر بها المتخصصون، وصناع السياسة في التخطيط لما بعد الحرب” (ص 217 218). عبرت كتابات جورج لويس بير، المؤرخ، وعضو تنظيم Inquiry ، وتقرير كينج/ كراين عن “الاعتقاد بأن الشرق الأوسط كان بحاجة للخضوع إلى تغيير جوهري، لكنهم فعلوا ذلك دعما منهم لنظام انتداب لم تشارك فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية في نهاية المطاف. من ثم، فإنه من بداية الثلاثينيات، وحتى بداية الخمسينيات، فقد كانت شركات النفط الأمريكية هي من اضطلعت بتعزيز الحس بمهمة أمريكا المقدسة، والدنيوية لتغير الشرق الأوسط أكثر من أي فرد، أو تنظيم آخر” (ص 222). يسرد المؤلف أنشطة تدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية في صناعة النفط السعودية بقوله: “يوفر لنا تاريخ للشركة (أرامكو) كُتب في أواسط الخمسينيات، وكانت الشركة قد فوضت الروائي دالاس ستجنر لكتابته، ولم ينشر حتى نهاية الستينيات (…) تحت عنوان (كتاب الاكتشاف! قصة أرامكو وقتئذ)” (ص 224). وفي سرد ستجنر، لأنشطة أرامكو، “ذهب ستجنر إلى أن الشركة، والعاملين بها أدوا دورا هدفه تغيير المملكة العربية السعودية (…). ويصف ستجنر العاملين بأرامكوا بالقول: مبشرين (…) فقد أسهموا في رسم الخرائط، والإنشاءات، المشروعات الزراعية، استصلاح الأراضي، حفظ المياه، الصحة العامة، التعليم” (ص 225). “الفكرة هي وصف التنمية الهائلة التي يمكن أن تحدث في بضع السنوات القادمة من خلال رأس المال الأمريكي، والبريطاني الخاص، إذا قام العرب بتشجيع نوع التنمية هذا، بدلا من فرض القيود على تلك الشركات، وإخضاعها للقوانين الجزائية” (ص 227). “كان قبول أسطورة أرامكو عن دورهما في السعودية جزءا حاسما من صميم حس الأمريكيين الأوسع بالمعرفة المقدسة، والدنيوية بالشرق الأوسط” (ص 229). كانت التنموية الليبرالية النهج المهيمن، في تدخل الولاياتالمتحدة في كثير من أنحاء العالم طوال النصف الأول من القرن العشرين. “بدا أن محاولات إنجاح التنموية الليبرالية في إيران بين عامي 1947 و1951، دعمت المخاوف من أن تلك السياسة لا تستطيع وحدها تغير الشرق الأوسط” (ص 230). “فشلت السياسة التنموية الليبرالية في إيران، لأسباب عديدة. كان الإيرانيون بوعيهم السياسي يخشون بالفعل، من التدخلات الأجنبية المفرطة في بلادهم. (…) كانت إيران، في نهاية الأربعينيات، وبداية الخمسينيات، غارقة في أوحال الاضطرابات السياسية (…) كشفت التجربتان الإيرانية والسعودية عن قصور التنموية الليبرالية كوسيلة لتحقيق الرسالة المقدسة، والدنيوية لإمريكا بالشرق الأوسط” (ص 231). يلخص المؤلف مواقف المراقبين من الشرق الأوسط عبر قراءته لمذكرة وزارة الخارجية إلى ترومان، ومجموعة دراسات عن العلاقات الدولية، كتبها الأكاديمي جيه. سي. هوورويتز، في عام 1952، وكتاب (التحدى والاستجابة في الشرق الأوسط: السعى إلى الازدهار 1919 1951) للقنصل الأمريكي السابق بفلسطين وتركيا، ومستشار شؤون الشرق الأوسط، هدلى كووك. ودراسة دورين وارينر، المتخصصة البريطانية في الشرق الأوسط، بعنوان (الأرض والفقر في الشرق الأوسط)، التي كتبتها عام 1948. وما كتبه ويليام بوك، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، في مقاله (ما يفكر فيه العرب)، المنشور في 1952. كانت أسباب التخلف المُتخيل للشرق الأوسط ، كما أوضحها المراقبون كالآتي: “(1) الشرق الأوسط، ومناخه يمارسان تأثيرا مفرطا، على أوضاعه (…) (2) السبات الطويل(…) (3) البيئة الاجتماعية، وبخاصة بيئة السكان العرب المسلمين (…) (4) الناس أنفسهم (…) (5) الإسلام ذاته هو المشكلة” (ص 236 239). “ركز المحللون جل اهتمامهم على الهدف المُعقد لكيفيه إمكان أن تعمل الولاياتالمتحدةالأمريكية على إحداث تغيير في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فيما تضمن الاستقرار السياسي، والاستقرار الاجتماعي، والنظام في آن” (ص 243). أدى ذلك بصناع السياسة إلى تغير تركيزهم “باتجاه المساعدات الخارجية المباشرة، من أجل إحداث تغيير متحكم به بالشرق الأوسط” (ص 246). وهكذا، “وفي نهاية الأربعينيات، وبداية الخمسينيات، غدت المساعدات التقنية، نهج صناع السياسة المفضل لتعزيز التنمية، والاستقرار (…) بدأ صناع السياسة في تبني مبادرتين أخريين للمساعدات في أوائل الخمسينيات (…) أولى هاتين المبادرتين هي (برنامج الأمن المتبادل)، الذي تبناه الكونجرس عام 1951. (…) كان برنامج المساعدات الثاني، ذا صلة مباشرة بالصراع العربي الإسرائيلي تحديدا، وخصص أموالا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” (ص 246 248). وبإيجاز، “المساعدة التقنية مجرد بداية، لكنها البداية فقط، وعلاوة على ذلك، فهي بداية هزيلة” (ص 250). انتقل التوجه خلال السنوات الأخيرة من الخمسينيات، “إلى التركيز على التنمية كأفضل وسيلة للتحكم في التغير الثوري بالشرق الأوسط” (ص 251). وبحسب المؤلف، “ركزت دراسات ثلاث مختلفة (…) على وجوب فهم المجتمعات التي تمر بتغيرات ثورية ككيانات مفردة لها مكوناتها الاقتصادية، والسياسة، والاجتماعية الخاصة بها” (ص 252). والدراسات الثلاث التي استعان بها المؤلف هي: دراسة بعنوان (اختفاء المجتمع التقليدي) لعالم الاجتماع، والمتخصص بالشرق الأوسط، دانتييل لونر، التي نشرها في عام 1958. وكتاب (مراحل النمو الاقتصادى مانيفستو غير شيوعي) (1960)، للمؤرخ الاقتصادي، وولت روستو. والدراسة الثالثة لعالم السياسة، مانفرد هالبرن، في كتابه (سياسات التغير الإجتماعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا). يذهب المؤلف إلى أن “أفكار لرنر، وروستو، وهالبرن، وغيرهم من منظري التحديث وجدت قدرا هائلا من القبول من جانب المتخصصين في المنطقة، وصناع السياسة من الذين كانت تملؤهم الهواجس من التغييرات الثورية في مناطق مثل الشرق الأوسط” (ص 259). ولكن بحسب المؤلف، أن نظرية التحديث أغفلت “أن تأخذ في الحسبان وجود قادة في الدول المختلفة يتبعون أجنداتهم الخاصة ويحاولون تنفيذها” (ص 261). علاوة على ذلك، رأى من كرسوا حياتهم للنضال ضد التدخل الأجنبي في بلادهم أن “استناد الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى نظرية التحديث من أجل التحكم في التغيير الثوري مرادف لتشجيع (الغربنة)” (ص 262). “مثلت الثورة العراقية في عام 1958، أولى الفرص المتاحة لمنظرى التحديث، وصناع السياسة لتوظيف أفكارهم في محاولة منهم للشروع في تنفيذ تحول متحكم به في الشرق الأوسط”، (ص 261). “وطوال منتصف الخمسينيات، حاول صناع السياسة التحكم في نظام ناصر، والتغير الثوري الذي تبناه النظام من خلال فرض العزلة على مصر، ولكن أحداث العراق أدت إلى أن يُعيد أعضاء الشبكة، وصناع السياسة النظر في سياستهم تجاه مصر الثورة، والبحث عن أساليب بديلة للتحكم في التغير الثوري من خلال استخدام مصر، وإشراكها معهم (…) كانت الخطوات الأولى لاستمالة مصر، وإشراكها صغيرة جدا، استغلت مفهوم (الطعام مقابل السلام) أساسا لمبادرة سياسية تجاه ناصر أكثر شمولا بكثير” (ص 265 266). “أدرك صناع السياسة والمتخصصون (…) أن برنامج المعونة لمصر لن يؤدي أبدا إلى اتفاق ناصر، وصناع السياسة بالولاياتالمتحدة حول إسرائيل، أو الأنظمة الملكية المحافظة بالشرق الأوسط، أو الدعوة إلى الوحدة العربية” (ص 272). “كان اختبار استخدام نظرية التحديث وسيلة لاحتواء التغير الثوري، أكثر اكتمالا في إيران (…) حيث كان إيران بالتقابل مع مصر، حليفا للولايات المتحدة (…) علاوة على أن علاقة الشاه مع إسرائيل كانت جيدة إلى حد معقول” (ص 274). “انتهى بهم الأمر للاعتماد عليه [الشاه]، وبأكثر من أي وقت سابق، لحماية مصالح الولاياتالمتحدة بالمنطقة” (ص 280). وبحسب المؤلف، “أثبتت إيران أن نظرية التحديث كانت محدودة القيمة كوسيلة لإنجاز رسالة أمريكا المقدسة، والدنيوية لتغير الشرق الأوسط” (ص 281). …. يتبع