- الفصل الثامن: دور اليهود في الحرب العدوانية على العراق لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط الشرق الأوسط الكبير بين الصهيونية العالمية والامبريالية الأميركية كتاب جديد لمؤلفه الدكتور غازي حسين صدر مؤخراً عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، ويتألف من أربعة أبواب وعدة فصول تعالج كيفية بروز مصطلح الشرق الأوسط على أيدي تيودور هرتزل وزعماء الحركة الصهيونية وتبني الولاياتالمتحدة الأميركية للفكرة وللمخطط الذي وضعته إسرائيل للمنطقة العربية والإسلامية. في هذا الفصل يواصل الدكتور غازي حسين شرح دور اليهود في الحرب العدوانية على الرعاق لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط حيث يشكل اللوبي الصهيوني قوة أساسية في الولاياتالمتحدة ويقوم بصنع القرار الأمريكي المتعلق بقضايا الشرق الأوسط الكبير وبشكل خاص الصراع العربي الصهيوني وقضية فلسطين. ونجح بزرع أعضائه في أهم المراكز الرئيسية والحساسة في الإدارة الأمريكية إبان عهد الرئيس كلنتون. فلأول مرة في تاريخ الولاياتالمتحدة يتولى اليهود أهم المناصب التي تتحكم في الاستراتيجية الأميركية العالمية الشاملة والسياسة الخارجية في وزارة الخارجية والدفاع ورئاسة مجلس الأمن القومي والمخابرات المركزية، واختار آل جور ولأول مرة أيضاً في تاريخ الولاياتالمتحدة اليهودي المتعصب والمؤيد لإسرائيل جوزيف ليبرمان نائباً له في انتخابات الرئاسة لعام .2000 كما احتلت مادلين أولبرايت كأول امرأة أمريكية منصب وزيرة الخارجية، وتولى الجمهوري اليهودي وليم كوهن منصب وزير الدفاع إبان إدارة الرئيس الديمقراطي كلنتون. وشغل صموئيل بيرجر منصب مستشار الأمن القومي وجون دوتيش مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية، بالإضافة إلى تغلغل اليهود في وزارتي المالية والدفاع، وتولى اليهودي جرينسبان منصب مدير البنك المركزي الأمريكي، وهو الذي يحدد أسعار الفائدة والعملة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وبالتالي أوضاع بورصة نيويورك، واحتل اليهود أهم المناصب في البيت الأبيض خلال إدارة الرئيس كلنتون الأولى والثانية. وسيطروا سيطرة تامة على مراكز البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية والإعلامية والصحفية، وبالتالي أحكموا سيطرتهم على صنع الاستراتيجية والسياسة الخارجية الأمريكية فيما يتعلق بالمنطقة العربية والإسلامية. وأصبح الرئيس كلنتون والرئيس بوش الابن بعده كدمى يحركها ويوجهها اللوبي اليهودي الأمريكي. تولى اليهود الأمريكيون وغالبيتهم من المنضمين والمؤيدين لليكود المفاوضات مع القيادة الفلسطينية لفرض الحل الصهيوني عليها وتصفية قضية فلسطين. وعلى الرغم من ذلك لم يكتف بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء ''إسرائيل'' الأسبق بذلك، بل هدد بحرق البيت الأبيض عندما اختلف مع الرئيس كلنتون، وبالفعل فجّر له فضيحة مونيكا لوفينسكي، مما حوّل الرئيس كلنتون إلى أسير في أيدي اللوبي الصهيوني. ونجحوا بابتزازه تماماً كما فعلوا مع الرئيس ليندون جونسون من خلال عشيقته الإسرائيلية، عميلة الموساد ماتيلدا كريم. تعزز التحالف بين المحافظين الجدد واللوبي الصهيوني والتحالف المسيحي الإنجيلي والرئيس بوش ونائبه ديك تشيني ووزير حربه رامسفيلد والليكود بزعامة مجرم الحرب شارون.وتبنى الرئيس الأمريكي مخططات شارون بالكامل وأعطاه الضوء الأخضر للاستمرار في إبادة الشعب الفلسطيني وتدمير منجزاته ومصادر عيشه لكسر إرادته وفرض مشروعه للتسوية تحت ستار خريطة الطريق التي استوحاها بوش من مشروع شارون للتسوية. وأدى هذا التغلغل الذي لا مثيل له على الإطلاق لا في تاريخ الولاياتالمتحدة أو حتى في أي دولة من دول العالم، إلى إدارة اليهود السياسة الأمريكية في البلدان العربية والإسلامية لصالح إسرائيل والصهيونية العالمية. ويؤدي إيمان اليهودي بازدواجية الولاء وبأن ''إسرائيل'' هي دولة جميع اليهود في العالم وممثلهم الشرعي الوحيد إلى تقديم اليهود مصالح ''إسرائيل'' على ''مصالح الولاياتالمتحدةس. وبالتالي يعمل يهود الولاياتالمتحدة لصالح وطنهم الأم ''إسرائيل'' أولاً وقبل كل شيء، وبالتالي يتحوّل يهود أمريكا إلى عملاء وجواسيس لإسرائيل مما يلحق أفدح الأضرار بالأمن الوطني والقومي للبلدان العربية والإسلامية، وتعتبر قضية الجاسوس جونثان بولارد دليلاً واضحاً على ذلك. وهنا يشير الدكتور حسين غازي إلى أن الصهيونية العالمية واللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة استطاعت بتأسيس ما يسمى ''مجموعات التفكير'' وغرستها في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وتمكّن هؤلاء من تعيين موظفين يهود في أماكن حساسة في الدولة الأمريكية، عبر الحزبين الأمريكيين، مهمتهم الأساسية توجيه القرارات والمواقف والممارسات الأميركية لصالح إسرائيل وضد قضية فلسطين والوحدة العربية والعروبة والإسلام. ونجح اللوبي الصهيوني بتكليف اليهودي دنيس روس بإدارة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. ألا يُعتبر ذلك من قبيل الاستهتار بالحكومات العربية إرسال الولاياتالمتحدة اليهود لتحديد علاقاتها مع الدول العربية وإيجاد تسوية للصراع العربي الصهيوني؟ بدأ اليهود بتسويق استخدام القوة العسكرية والحروب الاستباقية على البلدان العربية والإسلامية لفرض الهيمنة على الشرق الأوسط الكبير كمقدمة لفرض الهيمنة الأمريكية على العالم، وذلك لتسويق مخططات الشرق الأوسط الجديد التي وضعتها ''إسرائيلس. ويأتي بول ولفوويتز، نائب وزير الحرب الأمريكي في مقدمة الذي تبنوا ونادوا بالقضاء على النظام العراقي منذ عام 1979 وبالتحديد بعد انعقاد قمة بغداد العربية التي أوقفت تعميم كامب ديفيد. وهو نفسه الذي قام بالتنظير لحروب مئة عام ضد الإسلام، وهو نفسه الذي نصح بوش بصرف أنظاره فترة طويلة عن حل قضية فلسطين وإطلاق العنان لمجرم الحرب شارون بالاستمرار في حرب الإبادة والتدمير للشعب الفلسطيني لكسر إرادته وإخضاعه. جاءت الحرب العدوانية على العراق تجسيداً للمخططات التي وضعها بول ولفوويتز عام 1979 واللوبي الصهيوني والحكومات الإسرائيلية وذلك بعد محاصرة نظام السادات ونقل الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس وتقديم الدعم المالي للأردن وسورية ومنظمة التحرير الفلسطينية لتعزيز الجبهة الشرقية وتحرير الأراضي العربية المحتلة. وقررت اليهودية العالمية وإسرائيل إعلان الحرب على الإسلام بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي، لأنهم يخشون من تحوّل الصراع العربي الصهيوني من صراع قومي إلى صراع ديني ويخشون من الربط بين العروبة والإسلام. وجاء اليهودي صموئيل هنتنجتون، الأستاذ في جامعة هارفارد ووضع نظرية ''صدام الحضارات''، وتبنتها إدارة الرئيس بوش، كما تبنت المخطط الذي وضعه اليهودي برنارو لويس حول الشرق الأوسط الجديد. تبنت الإدارة الأمريكية بعد استغلالها للإسلام وأموال دول الخليج العربية وهزيمة الجيش السوفيتي في أفغانستان وانهيار الشيوعية نظرية ''المواجهة مع العالم الإسلامي'' التي وضعها اليهود في الولاياتالمتحدة وعلى رأسهم دانيل يايبس وبرنارد لويس ومارتن كرامر. وأخذت مراكز البحوث والدراسات اليهودية والمراكز الأمريكية الأخرى والتي يعمل فيها اليهود تروِّج إلى محاربة الإسلام والأحزاب والدول القومية العربية لتنفيذ المخطط الذي وضعته الصهيونية والكيان الصهيوني بإعلان الحرب العالمية على الإسلام. زعم اليهود وزعمت ''إسرائيل'' كذباً وبهتاناً وكعادة اليهود في الكذب، وهم أساتذة كبار في فن الكذب، لا سيما وأن كتبة التوراة والتلمود رفعوا الكذب إلى مرتبة القداسة الدينية وزعموا أن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل ويرتبط مع تنظيم القاعدة ويهدد الأمن في المنطقة والأمن القومي الأمريكي، واستغلوا إيمان معظم الشارع العربي بأن فلسطين عربية وبأن الصراع العربي الصهيوني صراع وجود ودعمه للمقاومة الفلسطينية ونجحوا في إقناع إدارة الرئيس بوش بوجود تغيير النظام العراقي عن طريق الحرب وأقنعوه بأن العالم العربي ''هو عالم متخلفين لا يفهمون سوى لغة القوة، وأن تنظيم القاعدة نما وترعرع على كراهية الغرب بفعل النظم الاجتماعية والثقافية والتعليمية القائمة في هذه البلدان. وأخذت ''إسرائيل'' تسعى سعياً حثيثاً للإسراع بإشعال الحرب العدوانية على العراق وعارضت فكرة قبول العراق لعودة المفتشين الدوليين، وطالبت مراراً وتكراراً بالإسراع في الحرب للقضاء على النظام العراقي وضمان نزع أسلحة الدمار الشامل الموجودة لديه، وأكد نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل الأسبق ''على أهمية استمرار الولاياتالمتحدة في خطتها الهادفة إلى ضرب العراق وتغيير النظام فيه، لأنه لا شيء آخر يضمن تدمير أسلحة العراق المحظورةس. فالاستراتيجية الصهيونية تقوم على تفتيت الدول العربية الكبيرة لضمان تهويد فلسطين وتحقيق المشروع الصهيوني وتولي قيادة النظام الإقليمي الشرق أوسطي الجديد أو الكبير كمقدمة لفرض هيمنة الصهيونية على المنطقة وعلى العالم. ورطّتْ الولاياتالمتحدة بمساعدة من بعض الحكام العرب النظام العراقي في حربه ضد إيران وطلبت من بعض دول الخليج العربية المساعدة في تمويل الحرب على إيران، ولكن الجيش العراقي خرج قوياً من الحرب مما قد يشكِّل تهديداً في المستقبل لإسرائيل. لذلك نجح اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة ونجحت إسرائيل في إقناع إدارة الرئيس بوش الأب والابن بوجوب تدمير الجيش العراقي للحفاظ على أمن إسرائيل والاستقرار في المنطقة. عملت الولاياتالمتحدة مجدداً عن طريق نفوذها على بعض الشخصيات العربية الحاكمة على توريط النظام العراقي مجدداً في الحرب على الكويت، ولا يزال المرء يذكر الدور الذي قامت به السفيرة الأمريكية في بغداد في تشجيع النظام على احتلال الكويت ولا تزال مختفية عن الأنظار حتى اليوم. أقام بوش الأب التحالف الدولي تحت ستار ''تحرير الكويت'' وأعلن الحرب على العراق في عام 1991 بعد أن سحب النظام العراقي قواته من الكويت وقام بتدميرها في طريق انسحابها من الكويت إلى البصرة خدمة لإسرائيل وللمصالح الأمريكية في الخليج والتوسع في إقامة القواعد العسكرية في البلدان العربية. .../... يتبع الدكتور : حسين غازي