لم يَشفع لَهُ إغماءٌ شديدٌ أَلمَّ به دونَ سابق إنذار، كيف خرجت روحُهُ الطاهرةُ مِن جسدِهِ الذي أَرهقتهُ سلاسلُ الأسر وشوقُ لقاءِ الأهل أمامَ أعينِهم ولم يتحركوا ساكناً لإنقاذها؟ هُم تركوكَ تُواجِهُ سكراتِ الموت ظانّينَ أنهم سيكسرونَ عزيمتكَ فأرادَ الله لك جنان الخُلدِ بإذنه. فقد أعلن صباح اليوم عن استشهاد الأسير نور جابر البرغوثي (23عاماً) من قرية عابود قضاء رام الله، بعد أن تعرض للإغماء الشديد في سجن النقب الصحراوي، وتأخر إدارة السجون في إنعاشه بشكل متعمد. تقول والدة الأسير البرغوثي وقلبها يلهج بالدعاء والرحمة له: لم أكحل عينِي برؤيته منذ أربعة أعوام، كان يتحدث معي عبر الهاتف ويقول لي اشتقت لكي يا أمي وللجلوس والحديث معكِ، كان يطلب مني أن أنتبه لنفسي ولصحتي. ..الفراق صعب وتضيف والدة الأسير الشهيد وعيونها تذرف دموع الحزن على ابنها” الموت والفراق صعب جداً، كان يطلب مني أن ادعو له بأن يتحرر ويخرج هو وجميع الأسرى من السجن ولكن خرجت روحه قبل أن يخرج هو. وتقول شقيقة الأسير البرغوثي بنبرة صوت حزينة على فراقه: نور طلب الشهادة قبل أن يسجن ونالها. وتضيف: في زيارتي الأخيرة له قال لي أنني اشتاق إلى الحرية، وهو الآن حصل على حريته ولم ينتظر الاحتلال أن يعطيه إياه. وتتابع حديثه: كان نور في كل زيارة يلوح لنا بيده وكأنه يودعونا، ويطلب منا عدم البكاء، ويحاول أن يبقى صامداً أمامنا. وتصرخ شقيقة الأسير الشهيد وتقول: هو الآن حر وروحه حرا، لقد عانى من الظلم والقهر في الأسر ومات أيضاَ وهو مظلوماً، بعيداُ عن عائلته، لو كنت أعلم لكنت كسرت الزجاج الذي كان يفرقنا في كل زيارة واخذته معي. ويحمل مكتب إعلام الأسرى الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استشهاد الأسير نور البرغوثي، نتيجة المماطلة في تقديم الإسعافات العاجلة له، وسياسة القتل البطيء المتعمد التي تنتهجها إدارة السجون بحق الأسرى الفلسطينيين. ويشير إعلام الأسرى إلى أن باستشهاد نور البرغوثي يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 223 شهيداً، منذ عام 1967.