أبرز الوزير الأول مختلف الركائز التي يجب أن يقوم عليها الإصلاح الجبائي على غرار إعادة تأهيل الخدمة العمومية ورقمنة أنماط تسيير خدمات الإدارة الجبائية لمحاربة التهرب والغش الجبائيين بشكل فعال. وقال السيد جراد في مداخلة له بمناسبة تنظيم الجلسات الوطنية حول الإصلاح الجبائي إن الإصلاح الجبائي المنتظر يجب أن يرتكز على رؤية قائمة على رقمنة العمليات الجبائية، بنمط عملي يسمح للمكلف بالضريبة بالاتصال عن بعد مع إدارته الجبائية. وأضاف أن التحديات الاقتصادية المستقبلية التي يتعين رفعها والتي ستنجم عن تنفيذ البرنامج الاقتصادي الجديد، تستلزم وضع نظام جبائي يواكب الرؤية الاقتصادية الجديدة القائمة على ترقية المؤسسات الناشئة والاقتصاد الرقمي وقادر على إخراج البلاد من تبعيتها للمواد الاستخراجية ودمجها في سلسلة القيم الدولية ". من جهة أخرى، فان الإصلاح الجبائي، حسب السيد جراد ، ينبغي ان يكون مرفوقا "بإعادة تأهيل الخدمة العمومية" وذلك من خلال الإصغاء لانشغالات المواطن والقضاء الجذري على البيروقراطية ومكافحة كل أشكال الممارسات السلبية". كما شدد على أن يكون هذا الإصلاح مرتبطا بحتمية إيجاد "التوازن الحقيقي" للعبء الجبائي بين مستوى مساهمة المداخيل من جهة وتلك التي تستوجب أن ترتكز على الثروة من جهة أخرى. كما ابرز السيد جراد أن إصلاح جباية الدولة لا ينفصل عن الإصلاح المتعلق بالجماعات المحلية، طالما أن الجباية المحلية تشكل المصدر الرئيسي للموارد المالية لهذه الجماعات. وتابع معلوم "أن نظامنا الجبائي الذي يتميز بطابعه المركزي، يستوجب في المستقبل إعادة النظر في بنيته على نحو يصب في اتجاه المشاركة النشطة للمجالس المحلية المنتخبة، سواء على المستوى الولائي أو البلدي". واستطرد الوزير الأول يقول أن "الحماية القانونية والاجتماعية لموظفي إدارة الضرائب، تشكل إحدى الانشغالات الرئيسية للسلطات العمومية". .. مرافقة خطة الانعاش الاقتصادي والاجتماعي بمراجعة معمقة للنظام الجبائي الحالي أكد الوزير الأول أن "معالم الجمهورية الجديدة بدأت تلوح من خلال مراجعة الدستور وخطة بعث الانعاش الاقتصادي والاجتماعي"، مشددا على ضرورة أن ترافق هذه الخطة بإعادة النظر بصفة معمقة في النظام الجبائي الحالي . وأوضح السيد جراد أن "هذا الإصلاح يدخل ضمن الخطوة الشاملة التي باشرتها السلطات العمومية والتي ترمي الى مراجعة نظامنا المالي والمصرفي بهدف دعم الرؤية الاقتصادية الجديدة للدولة ". وتابع يقول أن هذه الرؤية "ستلازم بلادنا خلال العقود القادمة لمواجهة تحديات ومتطلبات توازنها المالي مع السهر على صون الطابع الاجتماعي للسياسات العمومية. وتأسف السيد جراد لكون الموارد المالية للدولة تستند أساسا ومنذ عقود على الجباية البترولية التي أصبحت توجه نسبة منها في السنوات الأخيرة لتغطية جزء من نفقات تسيير الدولة بدلا من أن توجه برمتها إلى تمويل الجهود الاستثمارية والتنموية للبلاد. وحسب الوزير الأول فان الامر يتعلق بمورد مالي يرتكز على طاقات غير متجددة ناهيك عن تقلبات أسعار هذه المادة في السوق العالمية بسبب عوامل خارجية لا نتحكم في زمامها مما سيؤدي حتما إلى "عدم ضمان متطلبات ديمومة الموارد العمومية بما يستجيب لاحتياجات البلاد المتزايدة والمرتبطة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية". وبخصوص الجباية العادية، قال الوزير الأول أنه وعلى الرغم من الجهود ال مبذولة في السنوات الأخيرة على الصعيد التشريعي والوظيفي والتنظيمي والهيكلي من أجل تحديثها لم تبلغ إلى حد الآن المستويات المتوقعة من الايرادات مما يؤثر سلبا على التوازنات المالية للدولة ويعيق بعث مشاريع التنمية وتجسيدها. علاوة على ذلك- يضيف السيد جراد- يلاحظ أن "النظام الجبائي الحالي أبعد من أن يستجيب إلى متطلبات الإنصاف المنتظرة انطلاقا من أن العبء الجبائي يتميز بسوء توزيعه بين مختلف الأعوان الاقتصاديين بناء على قدراتهم التساهمية". وفي هذا الصدد قال السيد جراد أن "خير مثال على ذلك يتجلى بكل وضوح من خلال الجباية على الدخل التي ترتكز أساسا على مداخيل الأجور في حين أن مساهمة الفئات الأخرى لا تزال ضعيفة بصفة غير عادية". ..الاقتصاد الموازي إجحاف يرهن النهوض بالاستثمار أكد الوزير الأول عبد العزيز جراد، أن الاقتصاد الموازي ما يزال يمثل إجحافا أمام الامتثال الجبائي ما يرهن جهود الدولة في النهوض بالاستثمار وتشجيعه وكذا إخلاله بقواعد المنافسة النزيهة ويحرم الدولة من الموارد المالية المرجوة. وأوضح جراد في كلمته الافتتاحية لأشغال الجلسات الوطنية حول الاصلاح الجبائي "أن الاقتصاد الموازيِ، على الرغم من كل الجهود المبذولة من طرف السلطات العموميةْ لتسهيل ادماجه، لا يزال ينشط خارج القواعد القانونية، مما يشكل إجحافا أمام الامتثال الجبائيِ، باعتبار أن المتعاملين في السوق الموازيةْ لا يقدمون أي مساهمة جبائية مقارنة بالمتعاملين الذين ينشطون ضمن الأطر القانونيةْ الذين يتحملون العبء كله من خلال الوفاء بواجباتهم الجبائيةْ في تمويل الواردات المالية للدولة والجماعات المحلية". وحسب الوزير الأول، فان ظاهرة الاقتصاد الموازي قد تؤدي أيضا إلى التقليص من فعالية السياسات العموميةْ الرامية إلى التشجيعِ والنهوض بالاستثمار، لكونها تشكل عائقا يحول دون السيرِ السليمِ لمسار الاقتصاد الوطني، مما يخل بقواعد المنافسة النزيهة ويحرم الدولةَ من المواردِ المالية المرجوة" . في هذا الصدد حث جراد المشاركين في هذه الجلسات "تقديم اقتراحات وعروض يمكنها أن تضمن امتثال المكلفين بالضريبة الى التوافق الجبائي، من خلال الموازنة بين القدرات التساهمية للأعوان الاقتصاديين واحتياجات تمويل الدولة، مع السهر على ضمان التوزيع العادل للعبء الجبائي". وابرز جراد ضرورة أن يكون هذا الإصلاح مرفوقا بإعادة تأهيل الخدمة العمومية من خلال الاصغاء لانشغالات المواطن والقضاء الجذري على البيروقراطية ومكافحة كل أشكال الممارسات السلبية التي تضر الاقتصاد الوطني وتعيق مشروع اعادة بناءه.