لن تشرق الشمس ولن يرى الكون نورا مادام أبطال الحرية قابعين في جحيم الأسر. "ماهر يونس " الأسير البطل، آمن أن الأوطان لا تتجزأ، وأنها تزدهر بعطاء المخلصين، فثار بوجه الطاغوت ،تنازل عن كل مغريات الحياة لأجل فلسطين ، شب وشاب في الأسر، لم يبصر نور الحرية منذ أمد بعيد، لم يدرك ما يدور خارج السجن، لم يتعلم مفردات الحياة كأي مخلوق خارج المعتقل، قضى ثمانية وثلاثين عاما خلف القضبان ومازال يزأر في قفصه، قويا ثائرا صنديدا من أجل فلسطين ، عاش عمره كله خلف الشمس في زنزانة الموت ،أكلت ملامحه الفصول. وأصواتنا هزيلة باهتة خفتت مع زحمة الحياة، والضغوط المبرمجة التي أعدت سلفا حتى نتناسى من علمونا أن رحلة الحياة قصيرة وأن الحرية لا توهب بل تنتزع بالقوة من بين أنياب السجان ولو على أشلائه. ماهر يونس .. رسم عالمه الذي أحبه، تحدى الموت بجسده الضعيف، عشق وطنه وانتصر لكرامة شعبه، فدفع الثمن غاليا.. قضى عمره في زنازين الاحتلال العنصري. عاش الزمن المفقود ، سرق الاحتلال البشع الارهابي ما وهبه الله له في رحلة الحياة، صادر حقوقه ،حرمه من أن يكون أبا وزوجا ، وأن يكون مع والديه كي يبرهما ويؤدي حق الله فيهما ، حاصروا عمره الزمني في قالب من الأسمنت ، كي لا يبصر نمو الحياة واختلاف الفصول . ماهر يونس أدرك مفاتيح اللعبة و سر خبث الاحتلال الذي نشأ على معادلة "فرق تسد" ، وقف صامدا في وجه الطاغوت، رفض الانقسام والمسميات المرضية والتجزئة التي وصلنا إليها مثل: فلسطينيو الثمانية والأربعين، فلسطينو الضفة ،فلسطينيوالقدس وغزة، فلسطينو الشتات، وقبل هذا وذاك "مواطن ومهاجر". مسميات قذرة غرسها الاحتلال منذ ولادة دويلته المسخ . آمن الفدائي الثائر أن فلسطين وطن واحد، شعب واحد، أرض واحدة .. مهما اختلفت الفصول وتغيرت الملامح، ولن تكون إلا فلسطين رغم ما تتعرض له من نكبات وعواصف، جمالها سيبقى بوحدتها. شعر بالدفء فحمل بندقيته ليهبها حبا ويمنحنا حياة ،عشق أرضها المقدسة التي تحميها أرواح المخلصين الذين أسسوا لمدرسة الكرامة ،القابعين خلف أقبية الاحتلال . ماهر يونس ابن فلسطين البار بوطنه، الشهيد الحي الذي أعطى ومازال يعطي ولم ينتظر المقابل . فيا أيها الاحرار ،أما آن لهؤلاء الثوار أن يروا شمس الحرية ، أما آن لأصواتنا أن تعود لهديرها وتنتفض في سبيل تحرير أحرار الأمة من باستيلات الاحتلال أما آن للأقلام الحرة أن تنهض في كل مكان للدفاع عن أبطال الحرية . ماهر يونس الأسير البطل العملاق وهب حياته من أجلنا، من أجل تحرير كل فلسطين. فعار علينا إن لم نرد الجميل ونعيد للوطن بهجته .