شكل موضوع "التسويق للمنتج الثقافي" محور ندوة عرفها اليوم الثاني من منتدى الاقتصاد الثقافي الذي تنظمه وزارة الثقافة والفنون بالتعاون مع المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، قدموا فيه آليات تمويل الاستثمارات في قطاع الثقافة والفنون وتسويق المنتوج الثقافي مبرزين دوره في الحركة الاقتصادية. وفي هذا الإطار قال الأستاذ عاشور فني بأن الوضع في الجزائر مازال في إطار المنظور الإنتاجي البيعي الذي يقدم فيه المنتوج كما يريده المنتج والذي يعتمد تقليديا على الإنتاج والبيع والتوزيع ثم الإعلان عنه عبر الإشهار كوسيلة لجذب الزبائن ولم ينتقل بعد للتسويق الذي يعتمد على احتياجات الزبائن والذي تعطى فيه أيضا كل الأهمية لما يريدوه هؤلاء، وأشار المتحدث إلى أنه من أجل الانتقال إلى منظومة حقيقية للتسويق الثقافي يجب تطبيق عدة خطوات تتمثل في دراسة السوق وخصوصا دراسة الجمهور التي يعتبرها غائبة تماما في الجزائر وكذا تجزئة السوق أي الانتقال من اعتبار السوق الجزائرية سوق واحدة إلى عدة أسواق بالإضافة إلى وضع مخطط أو سياسات تسويقية ثم التنفيذ والمراقبة. من جانبه قال الأستاذ فيصل زمور إن التسويق الثقافي في الجزائر ضعيف ولا يخدم الاقتصاد الجزائري مشددا على ضرورة بعث صناعة ثقافية بدل مجرد إنتاج ثقافي وهذا من خلال الابتعاد عن ثقافة الإعانات التي تقدمها الدولة وفتح الباب أمام الأفراد والخواص ولكن مع مرافقته. وأبرز المتحدث في سياق كلامه أهمية استراتجيات التسويق الثقافي في التعريف والترويج للأعمال الثقافية وكذا كسب العوائد المالية من خلالها وخصوصا من خلال تسويقها عبر التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال وفي مقدمتها وسائل التواصل الاجتماعي. ..التسويق الالكتروني للترويج للتراث والثقافة الجزائرية كما شهد اليوم الثاني من المنتدى تنظيم ندوة شارك فيه فاعلين في قطاع الثقافة تحدثوا فيها عن تجاربهم في الاستثمار الثقافي التي تعكس مختلف المبادرات في فضاءات الإبداع في مجال الفنون التشكيلية والمسرحية والموسيقية وفنون الخشبة. وفي هذا السياق تحدثت آمال ميهوب صاحبة رواق "الطاووس" بديوان رياض الفتح بالجزائر العاصمة عن تجربتها الخاصة في مجال تنظيم المعارض الفنية التشكيلية الافتراضية كتوجه رقمي للترويج و للتسويق للفن الجزائري عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأشارت المتحدثة أنه إلى جانب تنظيم مؤسستها الفنية للمعارض التشكيلية الافتراضية تقوم بتنظيم معارض للمنتوجات التقليدية والحرف الفنية اليدوية وكذا الاهتمام بالتكوين الفني والخرجات الثقافية من أجل ترسيخ ثقافية فنية لدى الجيل الجديد. وركزت ميهوب على تجربتها في المعارض الفنية الافتراضية منذ انتشار وباء كورونا حيث سجلت ارتفاع وإقبال لافت على المعارض الافتراضية من طرف الجمهور أين ارتفع عدد متصفحي المعارض افتراضيا بصفة دورية وثمة شغف لاكتشاف الفن التشكيلي الجزائري لدى مختلف الفئات العمرية – حسب استبيان أعدته مؤخرا – على غرار معارض "ألوان" وأعمال الفنان والنحات الياباني العالمي مايوكا واكاي إلى جانب أعمال للتشكيلي بوشتة سليمان وطلبة المدرسة العليا للفنون الجميلة وغيرها. كما تناولت ذات المتحدثة معوقات وصعوبات السوق الفنية وتوزيع الأعمال الفنية التشكيلية الافتراضية على غرار إشكالية عملية الدفع الإلكتروني لمثل هذه السوق، داعية إلى ضرورة إيجاد حلول وتسهيلات لعمليات التسويق والتوزيع الإلكتروني واستدراك هذا الوضع الذي يعيق السوق الفن التشكيلي الجزائري. من جهته تطرق الموزع والمؤلف الموسيقي أمين دهان في مداخلته "فضاء الابتكار الجزائري " إلى ملامح تجربته في التأليف الموسيقي حيث أكد على أهمية مواكبة التطور التكنولوجي والتقني للترويج للتراث والثقافة الجزائرية وتغيير الذهنيات في التسويق الفني وذلك للانخراط في المسعى العالمي مبرزا انه يقوم بابتكار مقاطع موسيقية بروح جزائرية وآلات محلية لفائدة الشركة اليابانية العالمية "ياماها " التي تقوم بتسويقها بعبر مختلف الوسائط الحديثة . كما تناول ذات المتحدث أهمية الحفاظ على حقوق التأليف والحقوق المجاورة للمبدعين في المجال الموسيقى وباقي المجالات الثقافية والفنية معتبرا منتدى الاقتصاد الثقافي فرصة مهمة للقاء المبتكرين ولبعث مشاريع استثمارية ثقافية حفاظا على الخصوصية الثقافية . من جانبه استعرض صايم حداش عبد القادر تجربة الاستثمار في المجال المسرحي لتعاونية "البسمة" حمام بوحجر بعين تموشنت حيث تم منذ سنة 2007 باستغلال قبو من الأملاك الشاغرة للدولة وتحويله لفضاء للممارسة المسرحية أين قاموا بتهيئته وتجهيزه بإنتاج العديد من المسرحيات مبرزا أن الهدف من هذا الاستثمار المسرحي هو تطوير وترسيخ ثقافة مسرحية. وفي ذات السياق أشار المتحدث إلى الصعوبات التي تواجهها التعاونية المسرحية "البسمة " بحمام بوحجر في أداء رسالتها الفنية والتكوينية حيث دعا وزارة الثقافة التدخل بسرعة لدى السلطات المحلية لتسوية الوضعية القانونية لمقر التعاونية الذي يبقى مغلقا حاليا أمام المسرحيين والجمهور والعمل على إيجاد صيغة قانونية لاستغلال الفضاء المسرحي وحل الأشكال نهائيا وبعث النشاط المسرحي من جديد . بدورها، قدمت صاحبة المؤسسة الاستثمارية الفنية معمري فائزة تجربتها في إنشاء " فضاء فنون العرض وفضاء الخشبة " منذ 20 سنة ونبذة على أهم مشاريعها الفنية المنجزة من أجل الترويج للجماليات الرقص المعاصر والكلاسيكي والمسرح وفنون الخشبة والسينوغرافيا عبر مختلف المهرجانات داخل وخارج الجزائر حيث تؤطر 178 طالب في مختلف التخصصات الفنية. ويعرف المنتدى تنظيم العديد من الورشات حول هذه المحاور بالإضافة إلى معرض تشارك فيه عدد من الهيئات الثقافية وكذا مؤسسات ناشئة وأخرى مصغرة تشتغل في المجال الثقافي بالإضافة إلى صناديق ومؤسسات تمويل وكذا أصحاب مشاريع ثقافية، وذلك بهدف تعزيز تبادل المعرفة والخبرات بين الخبراء الدوليين والجزائريين في مجال الاقتصاد الثقافي والفنانين وحاملي المشاريع الثقافية والفنية.