تميزت أجواء بداية رمضان بشوارع مدينة تلمسان ببروز بعض المحلات المتخصصة في بيع "المملحات"، لما باتت تعرفه الرمضانية الذي تعتمد فيه ربات البيوت عادة على "البوراك" والمعقودة" في مرافقة حساء الخضر أو الشربة التلمسانية التي تسمى محليا وبالولايات المجاورة "بالحريرة". ويشتهر المطبخ التلمساني على غرار مختلف أنحاء البلاد بتعدد أطباقه خلال شهر رمضان، وهي وصفات تحافظ عليها التلمسانيات على مر العصور في تحضير الأطباق التقليدية وتتبيلها وتزيينها عند التقديم. وقد طرأ على بعض الأطباق التقليدية التلمسانية بعض التغييرات في المدة الأخيرة مثل الاستعانة ببعض الوجبات الجاهزة المرافقة لمائدة رمضان مثل "المملحات" والتي تساعد ربات البيوت، خاصة العاملات منهن في ربح الوقت والتفرغ لتحضير الأطباق الرئيسية للافطار. وقد لوحظ خلال السنوات الأخيرة إدخال بعض المكونات الجديدة في مرحلة الطهي أو حتى طريقة التزيين كطبق "اللحم الحلو" أو "اللحم المحمر" و"السفة"، التي أصبحت تقدم بأشكال راقية مزينة بالفواكه الجافة والمكسرات و "خبيزات البابا" وغيرها. وأصبحت التلمسانيات تحرصن على تزيين مائدة الإفطار بمختلف "المملحات" لإعطاء صبغة جديدة لشهر الصيام، علما أن هذه الوجبات الجاهزة باتت صنفا جديدا يضاف الى مختلف النشاطات المهنية الغذائية بالمنطقة. وفي هذا الصدد، ذكرت سقال آسيا صاحبة أحد هذه المحلات بوسط مدينة تلمسان لوأج أن الموائد التلمسانية أصبحت لا تخلو خلال السنوات الأخيرة من "المملحات" بمختلف أنواعها، نظرا للتنافس في تجهيزها مع التركيز على حلتها الجمالية . وأردفت قائلة أنها بادرت في بداية مشوارها المهني بصناعة كمية صغيرة من "المملحات" وتوزيعها على محلات بيع الأكل السريع، وما فتئ الطلب يتنامى عليها حتى صارت تحضر كميات كبيرة منها، قبل أن تختلجها فكرة فتح محل تجاري لتسويق "المملحات"، لا سيما وأنها خريجة مركز التكوين المهني ومتحصلة على شهادة في "الطبخ الجماعي وصناعة المملحات". وأصبحت آسيا معروفة في الوسط التلمساني بصناعتها "لمملحات" متنوعة الأشكال والمذاق وتلبيتها لطلبات زبائنها في مختلف المناسبات، ومن بين أكثر زبائنها -كما أفادت – هن النساء العاملات اللواتي لا يستطعن إعداد المملحات نظرا لضيق الوقت وانشغالهن بإعداد أطباق أخرى. ومن جهتها، أشارت صاحبة الصفحة الإلكترونية "مملحاتي"، غزلان بن أباجي، لوأج، أنها تهوى الطبخ منذ صغر سنها وقد تلقت تكوينا بمركز التكوين المهني في مجال فنون الطبخ وشاركت بعدها في عدة دورات تكوينية في المدارس الخاصة بالطبخ بتلمسان، لتطوير قدراتها وتخصصها في صناعة المملحات. وباشرت غزلان تجربتها مع صناعة المملحات في المنزل وتسويقها لدى المطاعم ثم فكرت في إنشاء صفحة للتواصل مع زبائنها ولتوسيع دائرة تسويق منتوجاتها، موضحة في هذا الاطار : "إن هذه الصفحة الإلكترونية فسحت لي المجال للتعرف على عدد كبير من الزبائن عبر مختلف ولايات الوطن وكذا تلبية رغباتهم وتوصيل طلبياتهم بالاستعانة برفيقاتي خريجات نفس المعهد وبمساعدة أخي". ..طلبيات مسبقة على الملمحات قبيل شهر الصيام شهدت المحلات المختصة في صناعة المملحات عشية رمضان توافدا معتبرا للزبائن من أجل اقتناء مختلف أنواع المملحات وتقديم طلبيات مسبقة، مثلما ذكرته لوكالة الأنباء الجزائرية صاحبة احد هذه المحلات بمدينة تلمسان، لطيفة السبع، مبرزة أنها سجلت عددا كبيرا من الطلبيات قبيل حلول رمضان من أجل إعدادها للزبائن مثل : " الباركيت المحشوة بموس الدجاج" وأخرى محشوة ببعض أنواع الأسماك "كالتونة "و "السوريمي" و"السلمون" و "الرولي التونسي" المحشو باللحم المفروم والمزين "بالفستق"، وغيرها من الأنواع الأخرى. وأضافت أنها صارت تتواصل مع مختصين في صناعة المملحات بولايات أخرى وحتى من خارج الوطن، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتبادل الخبرات في هذا المجال ومن أجل تحسين أدائها وتطوير صناعتها للمملحات لإرضاء زبائنها واستقطاب آخرين جدد. وأفادت بأن "صناعة المملحات ذات نوعية تتطلب توفير مواد ذات جودة عالية، خاصة بالنسبة للأجبان واللحوم والأسماك ومواد التزيين ويشترط أن تكون طازجة وغير مجمدة ". وباتت طريقة تزيين وعرض المملحات بالمحلات "مغرية جدا" وتستقطب الزبائن من أجل تذوقها عند ساعة الإفطار حيث ذكر مواطن يرتاد بشكل دوري أحد المحلات المتخصصة في هذا النشاط أنه يقتني "المملحات" ثلاث مرات في الأسبوع وفي كل مرة يحرص على اقتناء أنواع مختلفة. أما خديجة، وهي موظفة فقد ذكرت انها تتردد أحيانا على هذا المحل لشراء مملحات "الشوصون" و"الكورني" و"الكيش بالدجاج" التي اعتبرتها ذات جودة. وأضافت أن أصحاب المحلات "يعتمدون على طرق مختلفة لتحضيرها لجلب أكبر عدد ممكن من الزبائن ، فهناك من يضعها في أواني مصنوعة من الخشب وأخرى تعرض داخل كؤوس تتوسطها كريمات وجبن وتزين بالزيتون والطماطم والفلفل بمختلف أنواعه والسانوج والجنجلان وغيرها". كما تفضل بعض ربات البيوت صناعة المملحات بالمنزل نظرا لغلاء أسعارها، حسب السيدة زليخة التي صرحت لوأج أنها تفضل صناعتها بمنزلها بأبسط المكونات، لافتة في هذا السياق الى أن ثمن الواحدة منها يتراوح ما بين 70 إلى 200 دج، حسب كل نوع وكذا المكونات المستعملة في تحضيرها.