بدأ الغرب يبدي قلقه العميق من التطورات السياسية في تونس جراء قرارات الرئيس قيس سعيد بالاستمرار في العمل بالإجراءات الاستثنائية التي جمدت عمل الحكومة والبرلمان، وذلك خوفا من عودة نظام دكتاتوري في ثوب الدفاع عن الوطن وخوفا من فتح الباب أمام عودة الاحتجاج وتدخل دول ثالثة الأمر الذي قد يدفع الى حالة من اللاستقرار. ولا يستبعد المراقبون لجوء الغرب الى عقوبات. وبعد سنوات من الحرب والصراع، نجح الغرب بدعم من عدد من الدول في تهدئة الأوضاع في ليبيا عبر اتفاق الأطراف المتصارعة على الحد الأدنى من الحوار لعودة عمل المؤسسات مستقبلا رغم استمرار الانقسام، ويتفاجأ الغرب في الوقت الراهن بملف يأخذ أبعادا مقلقة وهو الملف التونسي في أعقاب إعلان الرئيس قيس سعيد حالة الاستثناء منذ شهر جويلية الماضي وعدم الوفاء بالتزاماته ومنها وضع حد لحالة الاستثناء بل انتقاله الى تعديل الدستور. وطالبت الإدارة الأمريكية في عدد من المناسبات وعلى لسان وزير الخارجية أنتوني بلينكن من الرئيس التونسي العودة الى العمل بالبرلمان والديمقراطية. وأجرى بلينكن اتصالا هاتفيا بسعيد نهاية جويلية الماضي، وعادت الخارجية لاحقا الى التركيز على هذا المطلب في مناسبات لاحقة ومنها زيارة وفد أمريكية لتونس. وبدوره يبدي الاتحاد الأوروبي قلقا متناميا من تطورات الأوضاع في تونس نتيجة تجميد المؤسسات، وهو ما دفع المفوض المسؤول عن الدفاع والعلاقات الخارجية جوزيف بوريل الى زيارة تونس الجمعة من الأسبوع الجاري ويطلب من الرئيس قيس سعيد رسميا إعادة العمل بالبرلمان واستئناف الحياة الديمقراطية. وينطلق الغرب وخاصة الاتحاد الأوروبي من معطيات متعددة توحي بقلق من تطورات قد تقع مستقبلا، وأبرزها اعتبار الاتحاد الأوروبي تونس نقطة مضيئة في مجال بناء الديمقراطية في العالم العربي وخاصة منطقة المغرب العربي يجب المحافظة على هذا الإيقاع رغم العراقيل، ثم اتفاقيات الشراكة المتعددة التي تنص على احترام عمل المؤسسات وهو ما يترجم من دعم مالي سخي لمساعدة الاقتصاد التونسي. وفي الوقت ذاته، يعتقد الاتحاد الأوروبي أن استمرار حالة الاستثناء قد تؤدي الى توتر حقيقي نتيجة شعور جزء من الشعب التونسي بالغبن وعودة شبح الدكتاتورية، بكل ما قد يحمله من اضطرابات وعنف وموجات هجرة.