جدلية العلاقة بين الشرق والغرب لا تنتهى بل تتطور وتأخذ أبعاداً وزوايا جديدة كلما مر الوقت. . فبين ناقم ومعجب ومفتون ومتأقلم. . إلى باحث عن جذوره وباحث عن حريته وناقد لكليهما منتقياً من هذا وذاك، تلك العلاقة يخرج من رحمها الكثير من الأعمال منها مايكون مميز ومنها غير ذلك. وفى سياق تلك العلاقة تأتى رواية عناق عند جسر بروكلين للكاتب الدبلوماسى والأديب المميز عز الدين شكرى مميزة تأخذ أبعاداً عميقة أكثر بكثير من مجرد عرض للصورة أو شكوى من مغترب. . أكثر من تلك الصورة النمطية التى تحتوى على أشخاص شرقيين يخوضون غمار الحياة الغربية فى مسقط رأسها، بل تتخطى هذا بكثير لتعبر عن وجهة نظر نقدية فلسفية لتلك الفلسفة المحركة لهذه الحياة أو الرابضة ورائها وهى الرأسمالية. . بالإضافة إلى تلك الفلسفة المقابلة لها التى تحمل كرهاً بغيضاً لذلك العالم الغربى فتتمنى له الزوال من اليابسة. أقيم على شرف هذه الرواية الفارقة فى خطى الرواية العربية التى تتعرض لذلك الخط الفارق والموصل فى آن واحد بين الشرق والغرب ندوة أدارها وشارك فيها نقاد وأدباء ومنهم الدكتور شاكر عبد الحميد الناقد الأدبي الذى قال عنها إن عز الدين شكرى تبنى فى كتابته للرواية ما يسمى بالنص المفتوح، وإن أسلوبها ينحو إلى تيار ما بعد الحداثة فى الأدب، حيت إستندت أركان الرواية إلى شخصيات متعددة المصائر والأبعاد، فهى شخصيات تتوق للحرية وتتطلع للإلتقاء، لكنها تستمر فى حالة من التيه والفراق والغياب المستمر، مشيراً إلى تميز الرواية بمناقشتها مواضيع فلسفية وإنسانية متعددة، بما يجعلها رواية حس وجودى وميتافيزيقى، وكذلك طرحها لعدد كبير من التساؤلات الحضارية الهامة، وقد أشار الشاعر والناقد شعبان يوسف إلى أن رواية عناق عند جسر بروكلين تقدم نقداً قاسياً لنموذج الحلم الأمريكى وذلك بالرغم من أن جرعة السياسة فى رواية عناق عند جسر بروكلين أقل بكثير من روايته السابقة غرفة العناية المركزة فإنها أظهرت أبعاداً نظرية إنسانية وفلسفية جديدة للأديب والروائى عز الدين شكرى. ذلك النقد للحلم الأمريكى الذى نراه فى عديد من الشخصيات سواء بطلها الدكتور درويش المتأقلم مع النموذج الغربى أو رامى الناقد للرأسمالية أو يوسف الموظف بالأمم المتحدة. . لم تقتصر شخصيات الرواية على هؤلاء فقط، فهى تضم أيضاً الشيخ داوود الذى يمثل أفكار حبيسة حقدها وبغضها لكل ماهو غربى، بالأضافة إلى رباب وسلمى كنماذج أيضاً تتعرض للعنصرية والإقصاء والإعتداء. إنها رواية يعبر عنها وصف صاحبها لها قائلاً إن الطابع الإنسانى للرواية الذى شمل البعد السياسى شمل أيضاً جانب أبعاد ثقافية وفلسفية وإنسانية أخرى، كما أكد أنه حاول من خلال طرح عدد من التساؤلات أن يثير القضايا الإنسانية فى عقل القارئ، مشيراً إلى أنه الأسلوب الأفضل فى خلق الوعى عوضاً عن تقديم الإجابات الجاهزة والمعدة سلفاً.