عاكس مجلس الدولة الفرنسي، رغبة وزارة الدفاع، إبقاء تقارير التجارب النووية الفرنسية في الجزائر وبولونيزيا "طي الكتمان" برفضه طعنا تقدمت به، ضد المحكمة الإدارة ويقضي بضرورة الكشف عن تلك التقارير لدى " اللجنة الاستشارية". رفض مجلس الدولة في فرنسا، الطعن الذي تقدمت به وزارة الدفاع ضد حكم أصدرته المحكمة الإدارية في السابع أكتوبر 2010، ضد حكم إداري يأمرها بإخطار اللجنة الاستشارية بسرية الدفاع الوطني بشأن الوثائق المتعلقة بالتجارب النووية التي أجرتها فرنسا خلال الفترة 1960 و1996، بينما سيدفع قرار الطعن وزارة الدفاع إلى إماطة اللثام عن تفاصيل واحدة من الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في الجزائر، ويضاعف من إصرار الضحايا الجزائريين، على المطالبة بحقوقهم، التي هضمتها السلطات الفرنسية منذ أخر تجربة قامت بها في الصحراء الجزائرية عام 1966، وكرست إقصائها الجزائريين في قانون "مورين " الصادر، أكتوبر 2010، والذي تبين أنه لا يعني في التعويضات التي خصص لها 10 ملايين اورو الضحايا الجزائريين، فيما يقتصر التعويض على العسكريين الفرنسيين البالغ عددهم 150 ألف ممن كانوا يشتغلون في محيط تلك التجارب. وبرفض مجلس الدولة الفرنسي، طعن وزارة الدفاع، تكون "جمعية قدماء ضحايا التجارب النووية" قد كسبت رهانا جديدا، في طريق إلى كشف حقائق متضمنة في تقارير سرية في وزارة الدفاع، ما حصل في الصحراء الجزائرية إلى غاية 1966 وفي أودينيزيا إلى سنة1996. وكانت المحكمة الإدارية قد أخطرت من قبل جمعية قدامى ضحايا التجارب النووية وجمعية العمال البولينزيين عن المواقع النووية. وقد شارك حوالي 15000 مدني وعسكري في 210 تجربة نووية فرنسية أجريت في سنة 1960 في الصحراء الجزائرية (التجربة الخامسة والأخيرة في الجزائر تمت في أفريل 1961) وفي سنة 1996 في بولينيزيا الفرنسية وخلفت العديد من الضحايا المصابين بداء السرطان هذا دون اغفال أثر ذلك على البيئة. ويشير الطعن الذي تقدمت به وزارة الدفاع، إلى أن المحكمة الإدارية التي استجابت لمطلب ضحايا التجارب النووية، قد "أخطأت" لما أمرت بضرورة إخطار مجلس الدولة، بالوثائق المطلوبة في ملف التجارب، بينما رأى مجلس الدولة بان وزارة الدفاع "ليست مؤهلة للحكم ما إذا كانت المحكمة الإدارية لباريس قد ارتكبت خطأ قانونيا عندما أمرت بإخطار اللجنة الاستشارية بسرية الدفاع الوطني". واعتبر المجلس أن المحكمة " لم ترتكب أي خطأ"، في طلبها دعم ملف التحقيق بكل ما تعلق بتغييب الوثائق الداعمة، كما رأت بأنه يمكن الكشف عن التقارير من أجل الفصل في الأمر دون المساس بسر الدفاع الوطني، كما تتحجج الوزارة المعنية، بينما تمت الإشارة إلى أن إخطار اللجنة الاستشارية التي تعمل لصالح نزع طابع السرية، تخضع لمتابعة السلطات المعنية"، كما أن الكشف عن فحوى تقارير التجارب النووية، لا يشكل "خطرا أو تهديدا للدفاع الفرنسي. وكانت وزارة الدفاع الفرنسية، خصصت 10 مليون أورو لسنة 2011 لتعويض ضحايا التجارب النووية التي قامت بها السلطات الفرنسية في كل من الصحراء الجزائرية وبولينيزيا، وهو رقم أوردت في مشروع قانون المالية ل2011 أنه قابل للزيادة في حال ظهرت احتياجات مالية إضافية لتغطية تعويض المتضرريين من الأمراض الناجمة عن الإشعاعات النووية التي لا زالت تلقى بأضرارها إلى الآن، وفي الوقت الذي يؤكد فيه عديد الخبراء والمختصين بأن التعويضات الفرنسية عن أضرار التجارب النووية تطال سوى الفرنسيين الذين كانوا في محيط التجارب النووية في فترات إجراءها، أكد وزارة الدفاع الفرنسية أن " التعويضات لا تخص أفراد من جنسية معينة وإنما كل من كان هناك عند إجراء التجارب وثبت تعرضه لأضرار صحية. " وصرح المؤرخ جيل مانسيرون أن قانون مورين "بالرغم من نقائصه لاسيما في تطبيقه يعترف لأول مرة بأن التجارب النووية الفرنسية كانت لها أضرار سواء في الصحراء الجزائرية أو في بولينيزيا". وأكد "انه قانون غير كاف ويطرح إشكالا في تطبيقه" مضيفا أن "حالتين تعويضيتين لحد اليوم أمر سخيف مقارنة بعدد الملفات المودعة". كما جدد طلب المؤرخين الإطلاع على الأرشيف "لتسليط الضوء على الجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية".