أوضح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس، أن بلاده غير مستعدة للاعتراف بالذنب الذي ارتكبته خلال استعمارها الجزائر أو تعتذر عن انتهاكات وعمليات تنكيل مارستها القوات الفرنسية في حق الجزائريين خلال حرب التحرير. قال الرئيس ساركوزي، الذي بات يتحدث عن ملفات عالقة لاستمالة الأقدام السوداء والحركى، إليه ضد غريمه فرانسوا هولند، في تصريحات لصحيفة "نيس ماتان" (صباح نيس)، صدرت أمس بمناسبة جولته الانتخابية في مناطق جنوبفرنسا، أن "العمليات العسكرية التي قامت بها فرنسا في الجزائر التي كانت من التراب الفرنسي، تمت تحت إمرة حكومة شرعية ومنتخبة ديمقراطيا"، وتابع "كانت هناك انتهاكات، وفظائع ارتكبت من هذا الطرف وذاك" على أن "هذه التجاوزات والانتهاكات يجب أن تدان، ولكن ليس لفرنسا أن تعلن توبتها لقيامها بهذه الحرب"، واضعا بذلك أصحاب الحق والمحتلين على قدر المساواة. وزج، ككل موعد انتخابي، بقضية الحركى والإقدام السوداء في صلب الحملة الانتخابية لساركوزي، الذي لم يجد حرجا في "تحذير" الحركى والأقدام السوداء من التصويت لليمين المتطرف"، واعتبر في ذات التصريحات أن "التصويت للجبهة الوطنية هو فسح المجال للحزب الاشتراكي الذي سيقود حسب قوله فرنسا لأنواع شتى من الاعتراف بالذنب". لكنه في نفس الوقت، تنصل من الإجابة الصريحة عن سؤال حول وعوده الانتخابية إلي أطلقها في 2007 بالاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية عن مأساة الحركي، حيث أوضح ساركوزي أن الحركى "كانوا فاعلين وضحايا في هذه الفترة من التاريخ الفرنسي، ولكنهم لم يكونوا الضحايا الوحيدين لأن الجزائريين كانوا ضحايا بدورهم". وتناول مرشح الرئاسيات الفرنسية، الساعي إلى استخلاف نفسه على عرش الأيليزيه، الذكرى الخمسين لإتفاقيات إيفيان، من قبيل حتمية ان "تواجه" فرنسا ماضيها دون عقدة"، وقال عن اتفاقيات ايفيان أنها وضعت حدا لصراع مرير دام 7 سنوات وفتح الطريق لاستقلال الجزائر وتحدث عن ضرورة مواجهة فرنسا لهذه المحطة من تاريخها التي لا يمكن لأحد أن يمحوها. ولم يخرج ساركوزي، عن مواقف سبق وان عبر عنها، بخصوص رفض الاعتراف والاعتذار عن الجرائم المرتكبة ضد الجزائريين خلال الحقبة الاستعمارية، وساق خطابا قديما، ألح عليه، رغم مغازلته الجالية الجزائرية في فرنسا. وجدد التأكيد ما سبق وان قاله في خطاب ألقاه في قسنطينة سنة 2007، مفاده رفض فرنسا الرسمية، الاعتراف بجرائمها في حق ملايين الجزائريين وبقية مستعمراتها،وصار وفيا لمقولة سابقة له " ليس للأحفاد أن يعتذروا عما قام به الآباء". وصرح ساركوزي "أن الاستعمار ظاهرة تاريخية غير مرتبطة بفرنسا فقط، لقد مارستها كل القوى الأوربية التي قامت عبر قرون بإنشاء إمبراطوريات استعمارية، لقد كانت فرنسا قوة استعمارية "، ليتساءل " أي خطيئة ارتكبتها فرنسا؟" قبل أن يؤكد "لا يمكن لفرنسا لها أن تكون مذنبة بشيء ونقيضه"، أي الاستعمار والقبول بإنهائه،" فرنسا تتحمل مسؤوليتها وفقط".