تمثل الثورة الجزائرية التحريرية مرجعية ثرية استقى منها جل الروائيين الجزائريين مادتهم في تأليف رواياتهم التي تناولت جوانب من أحداث الثورة بطريقة مباشرة أوغير مباشرة حسبما أشار إليه بسكيكدة الأستاذ بوجمعة بوبعيو من جامعة سكيكدة. واعتبر في مداخلته بعنوان "الرواية الجزائرية في ظل المرجعية التاريخية" وذلك خلال أشغال الملتقى الوطني حول "الرواية الجزائرية والتاريخ" الذي افتتح أول أمس، بجامعة "20 أوت 1955" بسكيكدة أن الروائيين الجزائريين قد "تفننوا في استثمار أحداث تاريخية وتعاملوا معها تعاملا مزجوا فيه بين الواقع الثوري والمشهد التخيلي الذي يفسح المجال لمعطيات إنسانية تقترب مما هو خرافي أو أسطوري". وأضاف نفس المتدخل بأن هؤلاء الروائيين، أعادوا صياغة مشاهد لها حضورها التاريخي الفعلي وصبغوها ببعض ما بدا لهم من مواقف بناء على موقف إيديولوجي معين أوفي ضوء رأي اعتبروه جديرا بالحقيقة بعيدا عن واقعية الحدث أو الواقعة التاريخية المتداولة بين الناس حول مجريات هذه الثورة. واعتبر المحاضر أن الرواية الجزائرية، كانت بعد الاستقلال ولاسيما لدى لفيف من الروائيين وعلى رأسهم الطاهر وطار وعبد الحميد بن هدوقة ومرزاق بقطاش ورشيد بوجدرة فضلا عن أحلام مستغانمي وكذا واسيني الأعرج، تتحول إلى وثائق تاريخية أكثر منها أدب إبداعي سردي تخيلي. ومن جهته، اعتبر الدكتور عبد القادر مزاري من جامعة مستغانم، أن موهبة الروائي تبدو من خلال مدى تحكمه في فن السرد الذي "قد لا يكون وفيا للأحداث التاريخية التي يتم التطرق إليها" لأنه إذا كان هذا الوفاء أكيدا فإن عمله "يصبح في حد ذاته وثيقة تاريخية". وبدوره أشار الأستاذ أحسن ثليلاني من جامعة سكيكدة في مداخلته "الرواية والتاريخ"، إلى أن هذا الأخير يشكل مادة هامة بالنسبة للأديب إذ يستمد منه موضوعاته وشخصياته وحوادث نصه ولذلك يرى بعض النقاد حسبه- أنه ليس صعبا أو مستحيلا أن يكون التاريخ إلهاما وتجربة ومصدرا لعمل أدبي ما كما يحدث مع التجربة الواقعية المعيشة. واعتبر الأستاذ ثليلاني أن الماضي يمكن أن يكون مناسبا أكثر لممارسة العمل الأدبي وذلك بسبب أن حوادث الماضي، قد تبلورت على مر الأيام فاستطاعت أن تنزع عنها الملابسات والتفاصيل البسيطة من حيث الدلالات التي يتصيدها الكاتب للوصول إلى الهدف الذي يرمي إليه من عمله الفني. ويهدف هذا الملتقى الذي يدوم يومين والذي نظمته كلية الآداب واللغات لجامعة سكيكدة بحضور عدد من الأساتذة من مختلف جامعات الوطن إلى جانب مشاركة الروائي الجزائري واسيني الأعرج بصفته ضيف شرف إلى إبراز معالم الهوية الوطنية من خلال تاريخ الأدب الجزائري وكذا تثمين الأبحاث والدراسات المتخصصة في هذا المجال فضلا عن تحسيس الباحث والطالب بالجامعة الجزائرية بمدى ثراء وتنوع النص الروائي الجزائري، بالإضافة إلى ربط طلبة السنة الأولى ماجستير وطلبة السنة الأولى ماستر بآخر الأبحاث والمستجدات على صعيد الرواية والتاريخ حسبما علم من المنظمين. للإشارة فقد ناقش بعض المحاضرين خلال أشغال اليوم الأول من هذا اللقاء عينة من روايات واسيني الأعرج على غرار "الأمير" و"كريماتوريوم".