يوّدع العرب دورة الألعاب الأولمبية في لندن بخيبة أمل كبيرة، جنتها سوء استعدادتهم لهذا الحدث العالمي الذي يطلّ برأسه مرة كل أربع سنوات، فجاءت حصيلة الميداليات هزيلة، لا تواكب الطموحات ولا الآمال المعقودة على رياضيي الوطن العربي. ولولا البطل الجزائري توفيق مخلوفي صاحب ذهبية 1500 متر، لخرج العرب بميداليات من "الصنف الثاني"، ومع ذلك فإن المأساة كبيرة جداً في التعاطي مع الدورات الاولمبية والمطلوب منها، ويكفي أن ندرك ان دولة عربية تصرف مئات الملايين على الرياضة، تعدّ استقبالاً حافلاً لبعثتها العائدة من لندن بعدما أحرزت برونزية واحدة فقط. وتكبر المأساة عندما تعود دولة أخرى ببرونزية واحدة بينما كان عداؤها يقارعون أبطال العالم ويوشحون بالذهب من دورة إلى أخرى. ولاشك إن هذا التراجع المخيف في رصيد العرب خلال دورة الالعاب الأولمبية في لندن، يشكل إشارة سلبية للعقلية التي تدير الإتحادات الرياضية في الوطن العربي، والتي على ما يبدو فشلت فشلا ذريعا في البناء على الإنجازات التي تحققت منذ أواخر الثمانينات وبلغت ذروتها في القرن الواحد والعشرين مع أبطال ستبقى أسماءهم محفورة في الذاكرة. ويكفي أن نتذكر رياضيين لم يرضوا بغير المركز الاول بديلاً، منهم على سبيل المثال لا الحصر:سعيد عويطة، نوال المتوكل، خالد سكاح، نور الدين مرسلي، غادة شعاع، هشام الكروج، هشام المصري، اسامة الملولي وغيرهم، لكننا اليوم نخرج من العاب لندن بذهبية واحدة وفضيتان وبرونزيات تتعدى اليد الواحدة بقليل. ولا يعقل أن نمر على 40 دولة في ترتيب الميداليات قبل أن نرى أول دولة عربية، حتى نصل الى المركز السبعين لنشاهد آخر دولة. ولا غرو إذا قلنا أن الجماهير العربية ملّت الإنتظار في اولمبياد 2012، فهي انتظرت الميداليات الموعودة في السباحة فلم تظهر، وأملت بخيول تقفز فوق الصعوبات فلم تفلح، وتمنت أن يتحقق الإنجاز على حلبات المصارعة والملاكمة والجودو والتايكواندو فخابت امنياتها، وعقدت رهانها على التاريخ العربي المشّع في "ام الألعاب" فكان مخلوفي الوحيد الذي "خلف" نظرائه السابقين بينما الباقون حدث ولا حرج. إنه زمن الإنكسارات الرياضية والخيبات المتلاحقة، وحبذا لو أجرى وزراء الشباب والرياضة في الوطن العربي كشف حساب للبعثات التي استمتعت بأجواء لندن، وحبذا لو يقوم هؤلاء الوزراء بمراجعة ذاتية ونقدية للانجازات التي حققوها منذ جلوسهم على تلك الكراسي. ربما كانت التطلعات أكبر مما هو على أرض الواقع، لكن هذا لا يمنع من أن نعبّر عن خيبتنا من مستوى الرياضيين العرب في مدينة الضباب، كما لا يمنع أن نقول شكرا للمخلوفي الذي حمل على كتفيه خارطة الوطن العربي وسار بها 1500 متر فكانت الميدالية الذهبية أفضل مكافأة الجزائري. واذا كنا نريد أن نتطلع من الآن الى السنوات الأربع القادمة حيث الألعاب الاولمبية في ريو دي جانيرو، فإن علينا أولاً أن نسّد فجوة 24 عاماً من التراجع، لأن تلك الإنجازات "لا تسمن ولا تغني من جوع" وتعيدنا الى الوراء كثيراً بعدما بدأنا نشك للحظة اننا بدأنا اللحاق بركب العالمية.