التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة : عملية التصويت تجري في ظروف تنظيمية محكمة بولايات الجنوب    كرة القدم داخل القاعة (دورة الصحافة): لقاء وكالة الانباء الجزائرية-الشروق نيوز, مقابلة الفرصة الاخيرة للفريقين من أجل التأهل    اليوم العالمي للمرأة: جبهة البوليساريو تشيد بالدور الريادي للمرأة الصحراوية في الكفاح من أجل الحرية    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48458 شهيدا و 111897 جريحا    معسكر : مسجد "مصطفى بن تهامي"... صرح أثري ومعلم حضاري    انطلاق عملية الاقتراع للتجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة بالطارف باستخدام القارئ الإلكتروني    صناعة صيدلانية: قويدري يشيد بدور المرأة المحوري في ترقية القطاع    زروقي يقف على عملية إعادة تأهيل مبنى البريد المركزي بالعاصمة    كأس إفريقيا للاعبين المحليين:مقابلات السد: المنتخب الوطني يواجه غامبيا في الدور الثاني    بمناسبة يوم 8 مارس الشرطة تحي اليوم العالمي للمرأة    ترك قرار الزيادة في المعاشات للسلطات العليا للبلاد    خنشلة: الأمن الحضري السابع توقيف شخصين و حجز 280 مهلوسات    في يوم الورد يحلمن بالخبز..؟!    الجزائر تدعو لموقف إسلامي رافض لتهجير الفلسطينيين    انطلاق الطبعة 5 للمهرجان الولائي للأنشودة الدينية للشباب    تنظيم تظاهرات متنوعة تبرز دور المرأة بولايات جنوب البلاد    اتحاد النساء ينظم وقفة ترحم على روح الشهيدة بن بوعلي    سعداوي يترأس اجتماعا لتحضيرات إجراء امتحانات البكالوريا والبيام    تنظيم الطبعة ال11 يومي 10 و11 ماي بالعاصمة    ارتفاع في صادرات الغاز    سنصل إلى توزيع الماء يومياً يومي بكامل وهران    الشرطة تراقب..    توقعات بحرارة فوق المعدل    الجزائر تؤكد على الحقّ في الاستخدامات السلمية    حساني شريف يدعو إلى توحيد الصفوف    هذا احتياطي الجزائر من الذهب    شنقريحة: لحرائر الجزائر حقّ الافتخار بالمُنجزات    انطلاق مسابقة تاج القرآن بالعاصمة    إنْ لم نقرأ ختمة أو نسمعها في شّهر القرآن.. فمتى؟!    سنوسي في ذمة الله    اليوم العالمي للمرأة: الوزير الأول يكرم عددا من النساء الجزائريات المبدعات    فرنسا استخدمت أسلحة كيميائية على نطاق واسع في الجزائر    نساء فلسطين ضحايا الاحتلال الصهيوني والتخاذل الدولي    التحالفات حجر الزاوية في انتخابات "السينا" اليوم    مساعٍ لسد احتياجات الأسر المعوزة بباتنة    توزيع قفة رمضان وإفطار الصائمين    اليونان.. الإفطار على صوت المدفع والموائد الجماعية    رئيسا غرفتي البرلمان يهنّئان الجزائريات في عيدهن العالمي    جثمان الصحفي محمد لمسان يوارى الثرى بمقبرة عين البنيان    مدرب هيرتا برلين الألماني يدعم إبراهيم مازة    مدرب عمورة السابق يعترف بتطور مستوى مهاجم "الخضر"    مشكلة الملاعب تقلق "الخضر" قبل لقاء بوتسوانا في تصفيات المونديال    سونلغاز تشرع في تنفيذ التزاماتها بالنيجر    الوعي العلمي في الجزائر عرف تحوّلات عدة    إحياء سهرات رمضان نصرة لفلسطين    تركيب الوحدة الأولى لمركز البيانات الوطني الثاني    تمديد فتح مكاتب البريد إلى الخامسة مساء    الجولة ال19 من الرابطة المحترفة "موبيليس":مولودية الجزائر يحكم قبضته على الصدارة وبلوزداد يتراجع    جمباز/ دورة جيمنيكس الدولية: تتويج الجزائرية كيليا نمور بمونتريال    أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ    على مائدة إفطار المصطفى..    برنامج تأهيلي للحجاج    التقرير السنوي يفضح انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية    تجديد النّظر في القضايا الفقهية للمرأة من منطلق فقهي رصين    الإنتاج المحلي يغطّي 76 % من احتياجات الجزائر    اجتماع تنسيقي لتطوير آليات خدمة الحجاج والمعتمرين    اجتماع تنسيقي لتطوير آليات العمل المشترك لخدمة الحجاج والمعتمرين    شهر الجود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساحة أكبر للسياسة والدبلوماسية والشراكة الاقتصادية
نشر في الحياة العربية يوم 15 - 01 - 2023

القلق الروسي من توسع الناتو شرقا بدأ عمليا مع انهيار الاتحاد السوفييتي، وظهور روسيا الاتحادية كوريث له. وبات أي توسع للناتو على الحدود الشرقية هو بمثابة تهديد لأمن موسكو ومحاولة لتطويقها. من هنا، يأتي اهتمامها بشكل أساسي بمنع كييف من أن تصبح «حصنا غربيا» على الحدود الروسية بانضمامها إلى حلف الناتو. وهذا ما أعرب عنه الرئيس بوتين قبل الحرب بقوله، إن انضمام أوكرانيا إلى الناتو يمثل «تهديدا مباشرا للأمن الروسي»، ولا يمكن وقف هذا التهديد إلا عن طريق خوض الحرب، أو تحويل أوكرانيا إلى دولة محايدة، أو فاشلة.
في تصريح له ضمن قمة هلنسكي مع الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، اعتبر أول رئيس لروسيا بوريس يلتسين، أن توسّع الناتو إلى الشرق هو «خطأ فادح». المسألة محسومة بالنسبة إلى صناع القرار في المجامع السياسية والعسكرية الروسية.
في الأثناء، يبدو أنّ الولايات المتحدة عازمة على إخراج روسيا من صفوف القوى العظمى. وقد عبر عن ذلك وزير الدفاع لويد أوستن، بقوله: «نريد أن نرى روسيا تضعف إلى درجة أنها لا تستطيع القيام بالأشياء التي فعلتها في غزو أوكرانيا». كأنّ الولايات المتحدة قد ربطت سمعتها كما يقول ميرشايمر بنتيجة الصراع، فإذا انتصرت روسيا في أوكرانيا، فإن مكانة أمريكا في العالم ستتعرض لضربة قوية، لذلك بمجرد أن بدأ الجيش الأوكراني في التصدي، ومقاومة القوات الروسية خاصة في كييف، غيّرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مسارها، والتزمت بتقديم الدعم لأوكرانيا حتى تحقيق النصر في الحرب. كما سعت إلى إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الروسي، من خلال فرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة، بعد أن كان هدفها في بداية الحرب، يقتصر إلى جانب حلفائها على المساعدة في التفاوض على إنهاء القتال في موقف إيجابي. كل المشاكل المرتبطة بالحرب الحالية في أوكرانيا، بدأت عمليا في إبريل 2008، في قمة الناتو في بوخارست، التي أصدر حلف الأطلسي بعدها بيانا قال فيه، إن أوكرانيا وجورجيا ستصبحان جزءا من الناتو. وأوضح الروس بشكل لا لبس فيه في ذلك الوقت، أنهم يعتبرون هذا تهديدا وجوديا، و»رسموا خطا على الرمال». إذن، ما من شكّ في أنّ الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون مسؤولون بشكل رئيسي عن أزمة 2014 وثورة ميدان الملونة، فالجذر الرئيسي للمشكلة هو توسع الناتو، وهو العنصر المركزي في استراتيجية أكبر لنقل كل أوروبا الشرقية، بما في ذلك أوكرانيا، من مدار روسيا ودمجها في الغرب. والحديث متواصل عن ضم فنلندا والسويد. وعلى عكس الاعتقاد السائدة في الغرب، لم تغز موسكو أوكرانيا لغزوها وجعلها جزءا من روسيا الكبرى، إذ كان هدفها الأساسي هو منع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو. ولتحقيق هذه الغاية، يعتقد ميرشايمر أن أهداف روسيا الإقليمية قد توسعت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب، حيث كانت موسكو عشية الغزو ملتزمة بتنفيذ اتفاقية مينسك الثانية لعام 2015، التي كانت ستبقي إقليم الدونباس جزءا من أوكرانيا. ومع ذلك وعلى مدار الحرب، استولت روسيا على مساحات شاسعة من الأراضي في شرق وجنوب أوكرانيا. وبالفعل، فإنّ الرئيس بوتين يعتزم ضم كل أو معظم تلك الأراضي. وبالمحصلة، لا يبدو أن أي طرف يريد اللجوء إلى تسوية إلا بعد حسم نتائج الحرب لصالحه.
في عام 1955 أدى انضمام ألمانيا الغربية للناتو إلى إبرام الاتحاد السوفييتي معاهدة تأسيس حلف وارسو مع عدد من الدول الشيوعية التابعة له في شرق أوروبا. وخلال ما يزيد عن 4 عقود من الحرب الباردة، لعب حلف الناتو دورا مركزيا لتأمين القارة العجوز. واليوم، يبدو أنّ ما نشأ عن اختفاء الشروط التي كان يمليها عالم القطبين من تصعيد للمنافسة ما زال قائما، وأوروبا بعيدة أكثر من ذي قبل عن الاهتمام بالترتيبات الأمنية الخاصة بها، على الرغم من تصريحات الأزمة والموقف العابر التي نسمعها أحيانا. ومثلما قوبلت سابقا أي إشارة إلى البنى الدفاعية للاتحاد الأوروبي بشيء من الاستياء في واشنطن. وشاطرت المملكة المتحدة الولايات المتحدة عداءها لفصل الترتيبات الدفاعية للاتحاد عن حلف الناتو، فإنّ الأمر لا يزال على حاله، ويتساوق مع حديث المستشار الألماني أولاف شولتس عن استطاعة ألمانيا وأوروبا المساعدة في الدفاع عن النظام الدولي القائم على القواعد، من دون الخضوع لوجهة النظر القاضية بأن العالم محكوم عليه بالانقسام مرة أخرى إلى كُتل متنافسة. وعن أنّ تاريخ ألمانيا يتحمل مسؤولية خاصة في محاربة قوى الفاشية والاستبداد والإمبريالية، وتجربة انقسام ألمانيا إلى شطرين خلال منافسة أيديولوجية وجيوسياسية تمنحها بشكل خاص القدرة على تقدير مخاطر أي حرب باردة جديدة. عالم اليوم المعقد ومتعدد الأقطاب، الذي يدخل مرحلة التحوّل يجعل هذه المهمة أكثر صعوبة من أي وقت مضى. والأسئلة الإشكالية التي تُطرح، كما أشار الكاتب اللبناني طارق عبود، هي عن كيفية سماح قادة فرنسا وألمانيا للبريطانيين بالتدخل في شؤون الاتحاد الأوروبي بهذا الشكل، والتحريض والدفع نحو إشعال حرب بين أوروبا وروسيا، بعد خروج لندن من الاتحاد، وسعيها مع واشنطن إلى تجويفه، ومن ثم تحييده. وما هي مصلحة أوروبا في خوض حرب جديدة على أراضيها، تستعجل الكساد والخوف والأزمات الاقتصادية، بعد حربين عالميتين دمرتا أوروبا، وحرب في يوغسلافيا ذهب ضحيتها عشرات الآلاف في أعقاب الحرب الباردة. وفي الحروب الثلاث لعبت واشنطن على أراضي غيرها، وبقيت في منأى عن أهوال الحرب ونتائجها المدمرة؟ مسار لا يمكن فهمه سوى بمشاطرة الرأي الذي يقول بأنّ الدول الأوروبية متّهمة بالانصياع إلى واشنطن، وأنها تعاني من الاستلاب السياسي، وأن الأوروبيين يعانون من التشتّت، ومن انكشاف ضعف شخصيتهم السياسية أمام الإدارة الأمريكية، فهم رغم تخوّفهم من الحرب في أوكرانيا، ومن تداعياتها الكارثية على الأمن والاقتصاد الأوروبيين، إلا أنهم انجرّوا خلف واشنطن ولندن، ولم يجرؤوا على الاعتراض، و»كانوا كمن يطلق النار على قدميه، أو كمن يشعل النار في ثيابه، ومن ثم يملأ الدنيا صراخا لإنقاذه من نفسه».
الأزمات الأوروبية بدأت، والثمن الباهظ لحرب أوكرانيا مسألة لا جدال فيها، خاصة مع إصرار أمريكا على التصعيد وعدم القبول بحل وسط يسمح بأن تحافظ روسيا على أمنها القومي الذي يهدده الغرب، وبأن تكون أوكرانيا دولة محايدة. وما من شكّ في أنّ أمريكا لم ترد فقط الحرب عبر الوكلاء مع روسيا والصين، بل أرادت أيضا الضرر الشديد بأوروبا وإخضاعها للإرادة الأمريكية بشكل مطلق. وفي النهاية، الحرب القائمة تثقل كاهل الجميع، ناهيك من الاضطرابات التي أحدثتها في قطاع الطاقة، والتي أدّت إلى زيادة تركيز البلدان على أمن الطاقة على حساب الاعتبارات المناخية التي تهدّد البشرية بشكل جدّي وملحوظ. وما من سبيل سوى إعطاء مساحة أكبر للسياسة والدبلوماسية، وللمساعدات، والشراكة الاقتصادية. لعل البشرية حينها تستطيع أن تواجه التحديات الجديدة، بدل تجاهلها أو الإمعان في تعميقها.
القدس العربي
RépondreRépondre à tousTransférer


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.