تتخبط باريس في قرارها حيال الحل المفترض في شمال مالي رغم أن قادة مجموعة الإيكواس فصلوا في إرسال آلاف الجنود إلى منطقة الشمال، بينما أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس، ان باريس لا تنوي أبدا إرسال قوات إلى أراضي مالي لطرد المجموعات المسلحة . بعد حملة شعواء قادتها باريس من اجل تعبيد الطريق للتدخل العسكري في شمال مالي، خلال الأسابيع الماضية، قال فابيوس لوكالة الأنباء الفرنسية على هامش زيارته الاثنين لطرابلس، غداة توقيع اتفاق ابوجا حول إرسال 3300 جندي افريقي إلى شمال مالي، انه "ليس لدينا أية نية على الإطلاق للتدخل على أراضي مالي". وأكد فابوس ان قرار التدخل العسكري يعود الى الأفارقة الذين كما قال يتعين عليهم التجمع وتوحيد قواتهمن لكنه ترك مجال المناورة لبلده عندما قال ان فرنسا يمكن ان "تساعد في المجال اللوجستي". وقع رئيس الديبلوماسية الفرنسية في تناقض لما أكد ردا على سؤال صحفي بالقول "أن تدخل فرنسا سيتطلب وقتا"، وكان يعقّب عما تردد من ان باريس تنوي القيام بضربات جوية في شمال مالي، وأضاف "هناك ثلاثة مسارات يجب التحرك من خلالها: المسار السياسي والمسار الأمني والإنساني ومسار التنمية". متابعا أن "فرنسا ستلعب دورا في المسارات الثلاثة". وفي هذه النقطة يكون فابوس عبر عن رؤية الجزائر للحل الجذري في منطقة الشمال والقائمة على التنمية أولا. وقال فابوس ان "هذه العناصر الثلاثة على السواء طورها الأفارقة ودعمها الاتحاد الأوروبي وسوف تدعمها الأممالمتحدة نهاية نوفمبر أو مطلع ديسمبر". وشدد فابيوس على ضرورة "تعزيز السلطات الشرعية في مالي" والحوار مع السكان في شمال مالي ولكن بشرط أن تتخلى المجموعات التي تحتل هذه المنطقة "علنا عن الإرهاب وان لا تعرض وحدة مالي للخطر". والواضح أن تصريح المسؤول الفرنسي جاء بعد يوم فقط من تأكيد الناطق الرسمي للخارجية الجزائرية عمار بلاني أن الجزائر تعارض التدخل العسكري في المنطقة، غداة اتفاق ابوجا. وأكد بلاني قائلا : "لم نكف عن التشديد على ان إجراء حوار للخروج من الأزمة بين السلطات المالية والمجموعات المتمردة في شمال مالي لا يزال ممكنا جدا". وأشار الى "الرغبة المشتركة في إعطاء فرصة للسلام عبر الحوار" التي أبداها الرئيس الحالي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا رئيس ساحل العاج الحسن وتارا. ووافق الرؤية هاته، حركة أنصار الدين، إحدى المجموعات الثلاث المسلحة التي تحتل شمال مالي، والتوارق المنتمين للحركة الوطنية لتحرير ازواد، حيث أدانوا بشدة خيار القادة الأفارقة إرسال 3300 جندي الى مالي لمساعدتها على استعادة وحدتها. رغم أن الإيكواس شددت أيضا أنها تفضل الحوار، مع المجموعات المسلحة غير المتورطة في الأنشطة الإرهابية والإجرامية" والتي تعترف بوحدة أراضي مالي والطابع العلماني للدولة. بينما شدد إياد اغ غالي زعيم أنصار الدين ان "قرار رؤساء الدول الإفريقية بإيعاز من فرنسا، يشكل خيارا سيئا وانحيازا ضد قسم من سكان مالي". وانتقد ما اسماه "الخطأ التاريخي"، مشيرا إلى ان العواقب التي ستنجم عن حرب ستشمل "كل شعوب المنطقة". وتتجلى محاولة الفرنسيين، تلطيف الموقف مع الجزائر قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس فرانسوا هونلد إلى الجزائر، في تصريحات فابوس التي يراد منها ربح الوقت لتفويت الزيارة و الكشف عن مواقف أخرى وهي الحقيقية بخصوص التدخل في مالي.