عرض المدير العام للديوان الوطني لتسيير الممتلكات الثقافية، أول أمس بالمتحف القومي بتيبازة، المشروعان الخاصان برقمنة التراث المادي وبمسح المواقع الأثرية التي تزخر بها الولاية، في إطار إحياء شهر التراث، تحت شعار " التراث الثقافي بين المهارة والمعرفة وزمن الرقمنة"، الذي احتضنت تيبازة الانطلاقة الرسمية لفعالياته. و يتعلق الأمر ب"استغلال التكنولوجيات الحديثة والتقنيات والوسائل العلمية بهدف تثمين الآثار كإرث حضاري يعكس معالم الشخصية الجزائرية، بما يتسنى معه حمايتها والمحافظة عليها"، حسب ما أفاد به المدير العام للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية عبد الوهاب زكاغ. وأضاف هذا المسؤول أن الديوان أطلق برنامج إدخال وسائل عمل عصرية منذ سنة 2009 بوتيرة محتشمة ليعرف المشروع قفزة نوعية سنتي 2011-2012 على أمل الانتهاء من المشروعين عبر كل التراب الوطني خلال السنوات المقبلة. وعن أهمية المشروع أبرز المسؤول أن رقمنة كل القطع الأثرية التي تزخر بها الجزائر "سيمسح أولا بحمايتها بشكل نهائي حيث تسمح العملية التي تستعمل فيها تقنية البعد الثالث بجرد كل الخصائص التقنية والفنية لكل قطعة بغرض إعداد بطاقة فنية خاصة بكل تحفة أو أواني تعود إلى حقبات تاريخية غابرة". وأشار زكاغ أنه عند الانتهاء من المشروع سيكون للديوان بنك معطيات دقيق يمكن العلماء والمؤرخين وكذا فرق الشرطة القضائية المكلفة بمكافحة تهريب الآثار من استغلاله بفعالية. وأضاف في السياق أن ولاية تيبازة على سبيل المثال قد انتهت من رقمنة 1251 قطعة أثرية فيما تفوق نسبة تقدم المشروع على المستوى الوطني ال50 بالمائة أي على مستوى 23 موقعا أثريا يتوفر على تحف مشيرا إلى السعي من أجل اقتناء أجهزة سكانير لإجراء مسح ضوئي للمواقع الأثرية المصنفة عالمية. وعن أسباب اختيار تيبازة لاحتضان فعاليات الانطلاقة الرسمية لاحتفالات شهر التراث كشف المسؤول أن الهدف من ذلك هو إبراز وشرح تداعيات مشروع المسح عن طريق السكانير للمسرح الروماني في كل من شرشال وتيبازة في إطار برنامج دولي برعاية أورو-متوسطية. وأعرب عن ارتياحه للمشروع المسمى "مشروع أثينا لتعريف واستغلال المسارح القديمة لأدوار جديدة" معلنا عن اقتناء أجهزة سكانير من أجل تعميم العملية على باقي المواقع الأثرية المصنفة معالم دولية. ويتعلق الأمر بخمسة من أصل سبعة وهي موقع قلعة بني حماد بالمسيلة وتيمقاد بباتنة وجميلة بسطيف والقصبة بالجزائر العاصمة والضريح الموريتاني بتيبازة. وسيعمل على هذا المشروع جزائريون بنسبة مائة بالمائة بعد استفادة نحو 30 إطارا من الخبرة بعد عملهم رفقة خبراء أجانب على مشروع المسرح الروماني بشرشال وتيبازة. وتعتبر تقنية "المسح الثلاثي الأبعاد" أداة لتحليل الموجودات والنماذج لجمع البيانات عن شكلها ومظهرها الخارجي ومن ثمة وضع بناءا على البيانات "مجسمات" عن الموقع الذي عرف تدهورا أو لم تبقى من معالمه إلا القليل من الآثار تظهر الوضع الذي كان عليه أثناء تشييده. كما سيتم عند الانتهاء من مشروع مسح كل المواقع الأثرية وضع بنك المعطيات أمام الباحثين والطلبة مشيرا إلى الحضور "القوي" لطلبة الهندسة المعمارية لفعاليات الانطلاقة الرسمية للاحتفالات بشهر التراث. و تهدف المبادرة إلى إشراك الطلبة وجعلهم ينخرطون في مسار حماية والمحافظة على التراث الجزائري وممتلكاته الثقافية حيث حل اليوم بمتحف تيبازة الذي يستقطب على مدار السنة اهتمام عدد معتبر من الجزائريين والوفود الأجانب وفد يتشكل من 130 طالبا في الهندسة المعمارية. وقد سطر المتحف القومي بتيبازة برنامجا ثريا احتفاء بشهر التراث وفتح أبوابه أمام الزوار ليعرض ما يكتنزه من آثار ومعالم وتحف تعبر عن عمق تاريخ وحضارة المنطقة والجزائر برمتها على اعتبار أن تيبازة تمثل "الواجهة الثقافية والأثرية" للبلاد تقول مديرة المتحف زبدة بلقاسم غنية.