وجد العديد من المرضى المصابين بداء السرطان في دار الإيواء المخصصة لهم بالبليدة خلال هذا الشهر الفضيل الدفء العائلي الذي ينسيهم مرضهم و بعدهم عن أهلهم و ذويهم. ويقضي هؤلاء المرضى المقيمون بهذه الدار يومياتهم بين الصوم نهارا ومتابعة العلاج إلى ساعة متأخرة من الليل. ولوحظ في هذه الدار التابعة لجمعية مكافحة مرض السرطان "البدر" عبر المرضى القادمون من مختلف ولايات الوطن كالأغواط و المسيلة وباتنة و بجاية وتيزي وزو و الجلفة عن ذلك الإيمان القوي الذي تجلى في صيام بعضهم لأيام شهر رمضان و الصبر على قضاء هذا الشهر المعروف باجتماع الأسرة على طاولة الفطور بعيدا عن أهلها و فلذات كبدها. وفي هذا السياق تروي إحدى المريضات القادمة من ولاية المدية و عيناها مليئتان بالدموع و قلبها يتقطع على فراق أهلها كيف أنها وزعت أبناءها الثلاثة على عائلتها الكبيرة للمجيء إلى ولاية البليدة لمتابعة العلاج بمركز مكافحة السرطان غير أنها تضيف "أصوم أيام الشهر بين الراحة طيلة النهار حتى أسترجع قواي لمتابعة العلاج ليلا وسط أجواء رمضانية حميمية لا يدخر فيها القائمون على الجمعية جهدا عن توفيرها لنا." .. أجواء رمضانية يصنعها المرضى فيما بينهم و يحاول القائمون على المركز جاهدين السهر على راحة المرضى من خلال تقاسم معهم وجبة الإفطار و توفير لهم كل الظروف الملازمة لشهر الصيام من مائدة مزينة بشتى الأطباق و غيرها من الضروريات (أدوية و علاج). وتقول العديد من المريضات أنهن و بالرغم من مرضهن الذي يتطلب الكثير من الراحة "اننا نصوم و نقضي أيامنا بين قراءة القرآن و الراحة و مشاهدة التلفزيون و الدردشة فيما بيننا في حين نتابع جلسات علاجنا ليلا اعتبارا من منتصف الليل إلى غاية الثانية و الثالثة صباحا كلا حسب مرضها". و قد عبر العديد من المرضى من الجنسين عن امتنانهم الشديد للقائمين على هذه الدار قائلين "لولا الجمعية و مساعدتها لنا بتوفير الإيواء لتخلينا عن متابعة العلاج لاعتبار أننا لا نملك الأموال الكافية للمبيت في الفنادق طيلة شهر كامل". و تقول احدى المريضات القادمة من ولاية تيزي وزو "ان القائمين على الجمعية يسهرون على راحتنا و تعويضنا الدفء العائلي الذي غالبا ما نفتقده في شهر رمضان." و أضافت أخرى قادمة من ولاية المدية أنه "باستثناء الشوق و الحنين لعائلتي و أولادي الصغار لم أحس قط أني أقضي رمضان خارج منزلي و ذلك لما يوفره القائمون على الدار من أجواء رمضانية حميمية". و في الوقت الذي يستطيع فيه بعض المقيمين الذهاب إلى منازلهم العائلية نهاية كل أسبوع كما هو الحال بالنسبة لسيدة قادمة من ولاية تيزي وزو و أخرى من برج منايل غير أن الكثير من المرضى لا يسعفهم الحظ لذلك كما صرحت به عجوز من ولاية الأغواط و آخرون من ولاية الشلف و المسيلة و قصر البخاري الذين لا يملكون الإمكانيات المادية للذهاب إلى ديارهم و العودة إلى الدار مجددا. و تساهم هذه المنشأة الثانية من نوعها على مستوى الولاية بعد تلك التابعة لجمعية "نسيمة" لمكافحة مرض السرطان بشكل كبير في احتواء و استقبال المرضى الوافدين على الولاية التي تتوفر على مركز لمكافحة السرطان يعرف توافدا للمرضى من مختلف جهات الوطن حيث تمكنت منذ فتحها قبل ثلاث سنوات من اليوم حسب رئيس الجمعية السيد موساوي مصطفى من استقبال 200 مريض قدموا من 33 ولاية مختلفة و هو ما يعادل قضاء 7600 ليلة تم التكفل فيها كليا بالمرضى من ناحية الإيواء و الأكل و النقل.