''المرض يا ابنتي أجبرنا على ترك الأهل والأبناء خلال الشهر الذي يلتئم فيه شمل العائلات، لكن الحمد لله الذي جمعني بأخوات عوّضنني عن دفء حضن عائلتي''.. تلك هي شهادة السيدة عزيزة القادمة من مدينة برج منايل، التقتها ''الخبر'' رفقة مريضات أخريات ب''دار الأمل'' في حي بلكور بوسط العاصمة، والتي فتحت منذ سنوات خصيصا لاستقبال مرضى السرطان، من نساء وأطفال والقادمين من مختلف أنحاء الوطن للعلاج بالجزائر العاصمة. ونحن ندخل دار الأمل، ينتابك شعور بمدى معاناة المريضات اللواتي التقيناهن، واللواتي اضطرتهن ظروف المرض لتمضية شهر الصيام بعيدا عن بيوتهن، بسبب خضوعهن للعلاج بمركز بيار وماري كوري. ومن هؤلاء السيدة جميلة القادمة من المسيلة، والتي وصفت هذه التجربة بالمريرة، لأنها وجدت نفسها مجبرة على متابعة علاجها الإشعاعي بالجزائر العاصمة التي لا تعرف فيها أحدا. تقول: ''فكرنا أنا وزوجي حينما أطلعتني الطبيبة على برتوكول العلاج بالأشعة، الذي يشمل 25 حصة موزعة عبر 05 أسابيع، أن أستأجر بيتا يأويني طيلة مدة العلاج، ليطرح مشكل النقل من وإلى مركز العلاج ومن يتولاه، خاصة أن بداية علاجي بالأشعة تزامنت مع شهر رمضان، لتأويني دار الأمل التي ضمنت لي ولبقية المريضات النقل، ووفرت لنا جوا رمضانيا حميميا''. ومن جهتها، تقول السيدة عزيزة، أم ل06 أطفال، والقادمة من برج منايل وتخضع للعلاج بالأشعة بعدما تم استئصال ثديها من جراء الإصابة بالسرطان، إنه رغم بعدها عن أبنائها الذين افتقدوها كثيرا في شهر رمضان، وجدت في سهرات ''البالكون'' التي تمضيها رفقة زميلاتها نزيلات الدار ملاذا لنسيان معاناتها مع المرض. لتقاسمها الرأي مليكة التي جاءت من تيزي وزو، والمصابة بسرطان الرحم. وتؤكد جميلة أن جلسات السمر التي تجمعهن خلال ليالي رمضان خففت من وطأة البعد عن الديار، رغم إجماع الأغلبية على أنها تهوى النوم ولا تشاركهن السهر كثيرا. أما صليحة، 16 سنة، من تيزي وزو أيضا، والتي تخضع للعلاج بالأشعة، فإنها تؤكد أنها تعشق أغاني تاكفاريناس وتتابع برامج إحدى القنوات الفضائية الدينية، كما أنها تستحي من الأكل عند الغداء بفعل تعاطيها لأدوية تمنعها من الصوم، وتفضل مشاركة بقية المقيمات اللواتي فضلن الصوم بعد موافقة الطبيب وجبة الإفطار ''لأن لإفطار رمضان مع الجماعة نكهة خاصة. لذا، أفضل مشاركة زميلاتي بعدما حرمني المرض من الإفطار مع عائلتي''. وما يضفي الحيوية والحركة في الدار هو تواجد عبد الرحمن، أصغر نزيل (5 سنوات)، الذي يملأ المكان ب''شقاوته'' البريئة. قدم عبد الرحمن من بودواو للعلاج بالأشعة من سرطان ''اللمفوما''، وقد لازمنا طيلة تواجدنا بالدار، ولم يتركنا إلا للحديث عبر هاتفه النقال مع والدته التي لم تتمكن من مرافقته وأنابت عنها خالته. من جهتها، أكدت لنا السيدة مدان نبيلة، ممثلة جمعية الأمل لمكافحة داء السرطان والمشرفة على تسيير الدار، أن مسؤولي الدار يحرصون على توفير جو عائلي للمقيمات، مشيرة إلى أنها تحضر لهن وجبات الإفطار وطهي أطباق خاصة بالشهر الكريم، لتتولى زميلة لها من الجمعية المناوبة خلال الفترة الليلية وتوفير وجبة السحور.