تسود مخاوف من آثار محتملة لتدهور أسعار البترول على الوضع الإجتماعي في الجزائر، على مقربة من الدخول الإجتماعي، رغم أن ليس هناك ما يؤشر على اضطرابات محتملة ورغم أن الأمر لا يخص الجزائر وحدها بل جميع الدول التي تبني مواردها على صادرات المحروقات، والآثار ذات العلاقة بالوضع الاجتماعي، تبدو متشابهة لكن هناك تباين في مقدرات الدول على مواجهتها. هناك من يسود الوضع أكثر وعلى رأس هذه الفئة المعارضة السياسية ممثلة في تنسيقية الحريات والإنتقال الديمقراطي، وهناك من يهون من حدة الوضع من الحكومة وأحزاب الموالاة، وبعض المحللين الذين يقولون أن تكون الجزائر في أزمة اقتصادية خطيرة، فهذا مستبعد جدا بسبب هامش مناورة الحكومة في تلبية الطلب الداخلي وفي تمويل المشاريع الكبرى للحكومة وحجمها 26 مليار دولار في 2015. هذا الهامش يوجد حسبهم في كل من صندوق ضبط الإيرادات ( صندوق خاص لدى وزارة المالية يعادل 47 مليار دولار ) والإحتياطي من النقد الأجنبي ( 170 مليار دولار ) أي أن مجموع 217 مليار دولار تضع التوازنات الكبرى للدولة في مجال الحماية لمدة عامين ونصف. لكن سعر البرميل النفط إقترب من السعر المرجعي المحدد في قوانين الموازنة المالية ب37 دولار للبرميل، في سياق تدهور أسعار النفط التي وضعت الحكومة لها خطة لمواجهتها، هناك من يسميها خطة لترشيد النفقات وهناك من يسميها تقشف، ومهما إختلفت التسمية السؤال يبقى واحدا، هل يمكن للحكومة تجاوز هذا الوضع الحساس خاصة بعد قراءات محللين تقول بأن أزمة عام 86 تلوح في الأفق.وهناك من يرى أن الحكومة ستخفض السعر المرجعي أكثر في قانون المالية العام 2016 مثلا، إذا إقترب سعر برميل النفط مع السعر المرجعي في قوانين المالية، وهناك من يرى انه إذا صحت التوقعات للعام المقبل وأن الأسعار ستستمر في التراجع إلى عتبة 35 دولار للبرميل، فإن ميزانية الدولة 2016 ستكون ميزانية خاصة أي ( ميزانية أزمة ) حيث سينزل السعر المرجعي للنفط الى 20 دولارا، ويعاد النظر في مؤشرات الموازنة ( معدل النمو وسعر صرف الدينار ونسبة التضخم ونسبة الفائدة )، وبالتالي تكون البلاد أمام عجز جديد للموازنة لا يعبر عن زيادة النفقات كما كان سابقا (سياسة الإنفاق العمومي) ، ولكن عن تراجع الإيرادات إلى وضع قياسي بما يضغط على الإنفاق الحكومي ويدفع إلى إنتهاج سياسة اقتصادية جديدة ستظهر ملامحها في قانون المالية 2016 . وتعددت المواقف بشأن آثار أزمة انهيار أسعار النفط، وكانت منذ أشهر محل تداول سياسي، استغلتها المعارضة بالجزائر لإقامة الحجة على الحكومة على أنها لم تسطر خطة تنمية مستدامة لما عرفت أسعار البترول مستوياتها القياسية، بينما تقول الحكومة أنها قادرة على مواجهة الوضع، بحسب تصريحات الوزير الأول عبد المالك سلال الذي أرسل من قسنطينة قبل أسبوع رسائل طمأنة للشعب الجزائري على أن الأمور متحكم فيها . وقامت الحكومة بإجراءات إستعجالية تم إعدادها ضمن قانون المالية التكميلي 2015 والغرض منها تسوية ميزانية الدولة 2015 على أقل الأضرار المالية، وهي تستهدف 6 أهداف تتمثل في إمتصاص السيولة الزائدة في السوق الموازية والمقدرة ب 37 مليار دولار واسترجاع الكتلة النقدية الناتجة عن التهرب الضريبي وتأمين هدف تنفيذ ما تبقى من الخطة الخماسية للسنة الجارية ( 2015 – 2019 ) ودعم التنمية المحلية من خلال صندوق التضامن ما بين البلديات و الحد من الاستيراد بتحفيزات جبائية لصالح الصناعات الإحلالية أي صناعات إحلال الواردات، وتحفيز الإستثمار من خلال تدابير جبائية وضريبية وبنكية أكثر تسامحا مع هدف الاستثمار . ويتفاوت الأثر من دولة لأخرى على حسب السياسات الإجتماعية المتبعة في كل دولة بالإضافة إلى تراجع مؤشرات الدعم الاجتماعي مثل دعم الأسعار والخدمات الصحية وزيادة الأجور وهذا تحت ضغط عجز الموازنة، هذا الأثر الأخير يمكن أن يؤدي في عدد من الدول العربية النفطية إلى إهتزازات اجتماعية في المدى القريب . بحسب الكثير من المحللين. وتسود مخاوف من آثار محتملة على الوضع الإجتماعي، رغم أن الأمر لا يخص الجزائر وحدها بل جميع الدول التي تبني مواردها على صادرات المحروقات، والآثار ذات العلاقة بالوضع الاجتماعي هي زيادة عجز ميزانيات الدول المصدرة للنفط في الخليج ومنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط مع تأثر يتفاوت من دولة لأخرى بحسب المخزون من النقد الأجنبي ومعدل النمو وتوقف المشاريع الرأسمالية الكبرى التي تتطلب خطوط تمويل متوسطة المدى وإختلالات على مستوى مؤشرات الاقتصاد الكلي.