السكوت أصدق من الكلام، هذا هو الأسلوب الذي فضل جل متتبعي الكرة الجزائرية إتباعه أمس بعد المهزلة الكروية التي لحقت بالكرة الجزائرية في إفريقيا الوسطى إثر الخسارة أمام هذا المنتخب بهدفين نظيفين في مباراة لا يمكن أن ندرجها في خانة مباريات كرة القدم...لا من حيث الأجواء السائدة ولا الكرة التي شوهدت على أرضية ملعب “بارتليمي بوڤوندا”. هذه الخسارة تركت وراءها أحاديث كثيرة من طرف المحللين منها التي مست لاعبي المنتخب ومنها من تحدثت عن صعوبة المأمورية بالنسبة ل”الخضر” في التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا وتكرار سيناريو سنتي 2006 و2008، هذا علاوة على الأسباب التي يراها البعض أساسية في هذا التعثر ومنها ما يخص تكتيك المنتخب وأداء اللاعبين. سيناريو مخالف لتصفيات 2008،لكن المصير قد يكون واحدا هذا الإخفاق هو تماما عكس ما حدث لنا في آخر تصفيات لم نتأهل من ورائها إلى كأس الأمم الإفريقية، حيث أننا وفي التصفيات المؤهلة لبطولة سنة 2008 التي أقيمت في غانا عدنا بتعادل من غينيا لنفوز بعدها على غامبيا بهدف نظيف من تسجيل كريم زياني من ركلة جزاء، وهي البداية التي لم تشفع لنا بالتأهل رغم أننا فزنا بلقاء الرأس الأخضر بعدها وتعادلنا بعدها أمام الأخير خارج الديار، قبل أن تقضي غينيا على أحلامنا بهدفين لا يزال الكل يتذكرهما على ملعب 5 جويلية، وبهذا فإن الكلام المنطقي جاهز والأمل في التأهل أصبح صعبا للغاية رغم أن كرة القدم لا تعترف بالمستحيل. فرصة وحيدة لمنتخب موندياليأمام منتخب مجهري هذه المباراة كانت الأمل الكبير للجزائريين خاصة بعد فوز المنتخب المغربي قبل يومين أمام تانزانيا خارج الديار، لكن أشبال عبد الحق بن شيخة كانوا خارج الإطار تماما ولم يصنعوا في مباراة كاملة سوى فرصة حقيقية واحدة أهدرها جبور الذي خرج بكرة غزال وجها لوجه مع الحارس المنافس لكنه أساء التعامل مع الكرة، هذا علاوة على الأداء الهزيل الذي لا يعطي أية إشارة على أن المنتخب الذي رأيناه هو منتخب مونديالي وتأهل إلى كأس العالم على حساب بطل إفريقيا سبع مرات. العقم الهجومي صار الهاجس،وفرصة جبور لا يضيّعها الهواة وبذلك فإن العقم الهجومي صار الهاجس الأول والأخير للفريق الوطني منذ أكثر من عام، وذلك في ظل غياب الفرص الخطيرة للمنتخب الوطني في جل مبارياته الأخيرة وخاصة في المباراة المهزلة، حيث أن رفقاء بوڤرة لم يتمكنوا من صنع أكثر من فرصة خطيرة واحدة هي تلك التي عجز جبور عن تحويلها إلى هدف بطريقة أبقت كل المشاهدين في حيرة من أمرهم، خاصة أنه كان منفردا بالحارس بعد تمريرة رائعة من غزال كانت أفضل ما شاهدناه طيلة 90 دقيقة. الحديث عن مؤامرة للإطاحة ببن شيخة فجّر الشارع الجزائري وراجت أحاديث خطيرة في وسط الشارع الجزائري مباشرة بعد نهاية اللقاء والتي كانت من تصريح أدلى به أحد الصحفيين مؤكدا أن مؤامرة كانت في وسط المنتخب للإطاحة بالمدرب الجديد عبد الحق بن شيخة في أول خرجة له مع المنتخب، وهو الكلام الذي قد يسيل حبرا كثيرا ويفجّر تصريحات نابية مثل التي خرجت إلى الساحة بعد هزيمة المنتخب أمام الغابون بقيادة المدرب السابق رابح سعدان. غياب واضح للوثبة المعنوية ولا فرق بين تشكيلة سعدان وبن شيخة ملاحظة أخرى لوحظت على المنتخب الوطني وهي غياب الوثبة المعنية أو الانتفاضة سواء في الخطة أو على مستوى اللاعبين، فإذا استثنينا الغيابات سنجد أن التشكيلة هي ذاتها التي كان سعدان سيستعملها في حال بقاءه، وهو ما يجعلنا نشكك بأن الأمر بيد المدرب الجديد تماما مثلما كان حال المدرب السابق، وكمثال لتوضيح الأمر فقد سبق ل سعدان أنّ صرح بأن اندماج يبدة ومغني بعد قدومهما لأول مرة مع التشكيلة سيكون بعد مدة طويلة وهو ما يتيح له حينها الاعتماد عليها بالشكل الصحيح، لكننا رأينا العكس بعد قدومهما بفترة قصيرة. المنتخب يسير بسياسة الخوف من الهزيمة على حساب الفوز والتغيير من أجل التغيير وبالحديث عن الانتفاضة في الخطة واللعب على حد سواء يجب أن نعرّج على أمر لم يختلف فيه بن شيخه عن سابقه وهو مسألة التغييرات، فهل كنا فعلا بحاجة لتلك التغييرات أم أن الأولى كان تدعيم المنتخب بمهاجمين ودخول الجناح الذي كان حديث الكل ويتعلق الأمر ب عبد المؤمن جابو؟ حيث أننا رأينا أن دخول لموشية وحاج عيسى لم يُجد إطلاقا بل سبب هفوات سجل على إثرها هدفا المنتخب المنافس، وهو ما يزيد الكل قناعة بأن المنتخب الوطني بحاجة إلى منتخب أجنبي كفؤ وليس مدربا يخاف من الهزيمة على حساب الفوز. أين هي نية الفوز التي ظهرت في التصريحات بعد مباراة تانزانيا؟ التصريحات التي تلت السقوط أمام تانزانيا في المباراة السابقة كانت تؤكد في مجملها على أن الفريق لن يرضى بغير الفوز أمام إفريقيا الوسطى، لكننا ومع بداية المواجهة رأينا فريقا بدون نية في التقدم والمغامرة أمام منتخب لا يرقى إلى المستوى تماما، حيث أن الفرص كانت غائبة إطلاقا مع الهفوات الكثيرة التي قامت بها العناصر الوطنية خصوصا في وسط الميدان وعلى الجهة اليسرى، وهو ما سمح بتشكيل خطورة شديدة على مرمى مبولحي الذي يبقى الوحيد غير الملام على هذه الخسارة. عبدون خيّب آمال أنصاره وأداء يبدة في نابولي كان مزحة مع المنتخب ورغم أن “الخضر” دخلوا بنقائص كبيرة إلا أن ذلك لا يمنع الحديث عن العجز الشديد الذي لاحظناه على مركز صانع الألعاب الذي كانت مسؤوليته على عاتق جمال عبدون وبدرجة أقل جمال مصباح وعبد القادر غزال، هذا اللاعب لطالما تعالت الأصوات من أجله ومن معاناته من التهميش في عهد المدرب رابح سعدان، إلا أنه أثبت اليوم أنه يعاني من نقائص كثيرة ولم ينجح في تأدية الدور الفعال الذي تعوّد عليه كريم زياني الذي يبقى المحرك الأول والأخير للمنتخب الوطني، هذا علاوة على الضعف الشديد الذي أظهره حسان يبدة ومهدي لحسن في الاسترجاع خاصة أن كلاهما عاد إلى المنافسة بشكل جيد في آخر جولات البطولتين الإيطالية والإسبانية. حتى إفريقيا الوسطى دخلت بالمحترفين والحديث عن الأرضية والمناخ سيكون واهيا فعلا هكذا يجب أن نحكم على الأمور، فصحيح أن المباراة سارت في أجواء تنظيمية سيئة للغاية علاوة على الطقس غير المعتاد والرطوبة العالية، إلا أن المباراة كانت تسير بشكل هادئ في الشوط الأول وأغلب فترات الشوط الثاني، وهو ما يجعل المسؤولية كاملة على عاتق المدرب الجديد وأشباله، فالكلام هنا لا يتعلق بمواجهة السنغال، الكاميرون أو غيرهما بل بمنتخب لا يذاع له صيت في القارة الإفريقية، بل إنه دخل اللقاء ب 12 لاعبا محترفا من أصل 18، وهو ما يؤكد أن الاعتياد على الأرضية السيئة لم يكن من الجانبين وليس فقط من جانب “الخضر”. موعدنا في المستقبل مع 12 نقطة وليس 4 مباريات وبعد كل هذا يجب على العناصر الوطنية التفكير منذ الآن في كيفية الخروج بفوز ولا شيء آخر غيره أمام المنتخب المغربي في مواجهة مارس المقبل التي ستكون نقطة الحسم والإبقاء على بصيص الأمل في المرور إلى النهائيات المقبلة، حيث أن “الخضر” على موعد مع 12 نقطة وليس أربع مباريات، الأمر الذي قد يكفل لنا التأهل الذي بات صعبا، وبهذا فإن الفوز أمام المغرب سيكون الحل الأول والبديل لاسيما أن “أسود الأطلس” عادوا بفوز هام من خارج الديار وهم الآن برصيد 4 نقاط في صدارة المجموعة رفقة إفريقيا الوسطى.