كتاب جديد للمؤلف الإسباني لويس بورتيو باسكوال يبرز فيه حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    جمعية الكونفدراليات الإفريقية للرياضات الأولمبية، هيئة في خدمة النخبة الرياضية الإفريقية    رئيس الجمهورية يهنئ حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها كنائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    الجزائر العاصمة: حجز 41 مليار سنتيم ومبالغ بالعملات الأجنبية    التجديد النصفي لعدد من أعضاء مجلس الأمة: قوجيل يترأس جلسة علنية مخصصة لعملية القرعة    اليوم الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة: تنظيم معارض و توزيع تجهيزات بولايات شرق البلاد    ضرورة العناية وتطوير المهارات الصوتية لتكوين مقرئين ومؤذنين ببصمة جزائرية    بداية تداول أسهم بنك التنمية المحلية في بورصة الجزائر    كرة حديدية :انطلاق دورة العاصمة الرمضانية سهرة يوم الخميس    جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بشأن التزامات الاحتلال الصهيوني الإنسانية تجاه الفلسطينيين    ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد: فرقة "شمس الأصيل" من بوسعادة تمتع الجمهور    السيد حساني شريف يبرز أهمية تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات والحملات الحاقدة ضد الجزائر    مجلس الأمن الدولي: جلسة إحاطة بشأن الوضع في السودان    عدل 3: عملية تفعيل الحسابات وتحميل الملفات عبر المنصة الرقمية تسير بشكل جيد    كأس الجزائر: شباب بلوزداد يفوز على اتحاد الشاوية (4-2) ويواجه مولودية بجاية في ربع النهائي    جيجل: مصنع سحق البذور الزيتية بالطاهير سيكون جاهزا قبل مايو المقبل    وهران: مسرحية "خيط أحمر" تستحضر معاناة المرأة الجزائرية خلال فترة الاستعمار الفرنسي    فتح خطوط نقل استثنائية خاصة بالشهر الفضيل    جسر للتضامن ودعم العائلات المعوزة في ر مضان    الشباك الموحد يدرس إدراج شركة 'ايراد" في بورصة الجزائر    دراسة مشاريع قوانين وعروض تخص عدة قطاعات    توقيف 6 عناصر دعم للإرهابيين في عمليات متفرقة عبر الوطن    التين المجفف يقوي المناعة في شهر رمضان    فرنسا تحاول التستّر على جرائمها بالجزائر!    هكذا يتم إصدار الهوية الرقمية وهذه مجالات استخدامها    مصانع المياه تعبد الطريق لتوطين المشاريع الكبرى    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    الاتحاد الإفريقي يدين إعلان حكومة موازية في السودان    فتح 53 مطعم رحمة في الأسبوع الأول من رمضان    المواعيد الطبية في رمضان مؤجَّلة    مساع لاسترجاع العقارات والأملاك العمومية    تهجير الفلسطينيين من أرضهم مجرد خيال ووهم    سيناتور بوليفي يدعم الصحراويين    أيراد تطرق باب البورصة    التشويق والكوميديا في سياق درامي مثير    للتراث المحلي دور في تحقيق التنمية المستدامة    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    إدانة الحصار الصهيوني على وصول المساعدات إلى غزّة    محرز يعد أنصار الأهلي بالتتويج بدوري أبطال آسيا    تنافس ألماني وإيطالي على خدمات إبراهيم مازة    حراسة المرمى صداع في رأس بيتكوفيتش    وفد برلماني يشارك في المؤتمر العالمي للنساء البرلمانيات    مشاركة فرق نسوية لأوّل مرة    دعم علاقات التعاون مع كوت ديفوار في مجال الصحة    استعراض إجراءات رقمنة المكاتب العمومية للتوثيق    براف.. نحو عهدة جديدة لرفع تحديات عديدة    صادي في القاهرة    الجامعة تمكنت من إرساء بحث علمي مرتبط بخلق الثروة    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    معسكر : افتتاح الطبعة الأولى للتظاهرة التاريخية "ثائرات الجزائر"    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    مجالس رمضانية في فضل الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمداني:“بن زكري شتمني أمام اللاعبين، قلت له: أنت ما تحشمش على روحك... وكان يشرب الخمر أمامنا”
نشر في الهداف يوم 25 - 01 - 2011

يواصل ابن مدينة بوفاريك واللاعب الدولي السابق فيصل حمداني الحديث في هذا الحوار عن مغامراته الكثيرة مع المنتخب الوطني واتحاد العاصمة ويكشف أمورا خطيرة جدا ظلت سرا لسنوات طويلة.
حمداني الذي كان هادئا ومعروفا برزانته داخل وخارج الميادين لم يمنعه ذلك من الدخول في شجار مع بعض المدربين لسبب أو لآخر، وحتى لا نطيل عليكم نترككم تكتشفون كل شيء في هذا الحوار الشيق...
هل صحيح أنك كنت تكره كثيرا المشاركة في التربصات الطويلة مع المنتخب أو النوادي التي لعبت لها؟
لا، ليس التربصات الطويلة وإنما هؤلاء المدربون الذين يحاولون أن يفرضوا عليك نظاما عسكريا. صحيح أنه لما تكون صغيرا في السن يجب عليك أن تتقبّل كل قرارات المدربين وتشارك في التربصات مهما كانت مدتها، لكن لما تتجاوز سن الثلاثين تصبح لا تطيق الأمر. أنا أتذكّر أنه في إحدى المرات شاركت في أكثر من تربص في ظرف قياسي، من المولودية إلى المنتخب الأولمبي، إلى المنتخب العسكري وبعدها إلى المولودية، أصبحت لما أسمع كلمة “تربص” يخيّل إليّ وكأنهم سيأخذونني إلى السجن.
إذن كنت تجد صعوبات في إنهاء التربصات التحضيرية الصيفية التي تدوم ما بين أسبوعين إلى ثلاثة؟
هذا أكيد، المدرب الذي يحجزك في غرفة بين أربعة جدران ويحذرك من مغادرتها إلا للتدريبات فهذا في نظري سجن وليس تربصا تحضيريا، خاصة أنه في وقتنا الغرف كانت لا تحتوي على شروط الراحة كما هي عليه الآن. اليوم الأمور تغيّرت تماما وأصبح المنتخب يجري تربصاته في سويسرا، بولونيا، ألمانيا ودول أخرى أين يجد اللاعب راحته في الغرف وحتى في أوقات فراغه يجد أماكن يسلي فيها نفسه ويبتعد عن ضغط الملاعب والتحضيرات.
هل نفهم من كلامك أن اختيار المكان يلعب دورا في نجاح التربص؟
أكيد، تصوّر أنه في وقتنا كانوا يأخذوننا إلى مركب 5 جويلية ويفرضون علينا نظاما عسكريا ثم يقولون هذا هو التربص. أتذكّر أنه مع أحد المدربين الذي لا أريد أن أذكر إسمه قلت له إنه من الأفضل أن تأخذونا إلى سركاجي حتى يكون التربص ناجحا، تلاسنت معه، حملت حقيبتي وغادرت التربص وقلت له: “افعل ما يحلو لك وأنا مستعد لتحمّل أي عقوبة”... وأود أن أقص عليك ما حدث لنا مع المدرب في أنغولا سنة 97.
تفضّل؟
لقد لعبنا في أنغولا أمام بريميرو أغوستو في رابطة أبطال إفريقيا وفزنا بهدفين مقابل صفر، اللاعبون كانوا في قمة السعادة والحرارة كانت مرتفعة جدا يومها على ما أتذكر، ولما عدنا إلى الفندق طلبنا من المدرب إفتيسان أن يسمح لنا بالنزول إلى المسبح للاحتفال بهذا الفوز لكنه رفض ذلك بشدة، فذهبت إليه وقلت له: “الشيخ مع كل احترامي لك فهذا القرار ليس له أي معنى”، وكنت أول من حملت فوطتي ونزلت إلى المسبح، بعدها تبعني كل اللاعبين ولم يجد المدرب ما يقوله.
هل لديك حكايات كثيرة مع مدربين آخرين؟
هناك مدرب آخر كان يطلب منا أن نرتدي لباسا رياضيا شتويا موحدا ونحن في أدغال إفريقيا ودرجة الحرارة لا تقل عن 35 درجة، كيف تريدني أن أطبق قرارا مثل هذا... الآن فهمت أن كل “مدرب يتفلسف حسب أهوائه”، بعد أن دخلت عالم التدريب وتلقيت دروسا في ذلك فإن أغلبية المدربين “يطبعو برك” ولا يطبقون في الميدان ما يتعلمونه نظريا.
من هو المدرب الذي كانت لديك مشاكل معه؟
الحمد لله، لقد تركت مكاني نظيفا ولم تكن لدي مشاكل مع أي مدرب، والوحيد الذي تشاجرت معه طيلة مشواري الكروي هو نور بن زكري. هذا المدرب دخلت معه في صراع حاد ولكنني تفوقت عليه في النهاية لأن عليق كان يعلم جيدا “أنني عاقل بزاف” ولست من اللاعبين الذين يتسببون في المشاكل.
هل لك أن تروي لنا بالضبط ما حدث بينك وبين بن زكري؟
هذا المدرب كان معروف عنه أنه لا يحب الكوادر، خاصة اللاعبين الدوليين الذين يكونون في المنتخب الوطني. كل ما حدث بيننا هو أننا خسرنا أمام شباب بلوزداد في أحد “الداربيات” في أواخر التسعينيات ، وفي حصة الاستئناف وجدني أنا رفقة بعض اللاعبين نغسل سياراتنا في الحظيرة التابعة لملعب بولوغين مثلما جرت عليه العادة، وبعد أن دخلنا إلى غرف حفظ الملابس دعانا إلى اجتماع وأول ما قاله: “أنتم ماشي رجال وخاصة هؤلاء الذين كانوا يغسلون سياراتهم في الحظيرة”، قلت في نفسي “ضرك يحشم ويسكت علينا” لكنه تمادى في قول الكلام الفاحش ويشتمننا نحن وعائلاتنا فلم أعد أحتمل وهنا قاطعته.
وماذا قلت له؟
طلبت منه أن يحترم نفسه، وبعد ذلك سألته وقلت له إن كان يقصدني ما دام أنني كنت أغسل سيارتي فرد عليّ بجملة واحدة: “حتى أنت معاهم كيف كيف”، فقلت له: “أنت ما تحشمش ولو كنت كذلك لا تشرب الخمر أمامنا”، تركته واقفا، خرجت وقلت له: “هاي ليك لياسما” لكن المسيرين منعوني من المغادرة وغلقوا في وجهي الباب الكبير لحظيرة بولوغين .
وماذا كان رده على ما قمت به؟
أتذكر أن بن زكري أعلن يومها حالة طوارئ حقيقية ورفض أن يستأنف التدريبات إذا لم يأت عليق، الذي جاء مسرعا بعد أن اتصل به أحد المسيرين، بن زكري قال ل عليق بالحرف الواحد: “وراس ولادي إذا بقي حمداني في الإتحاد قطعولي راسي... يا هو يا أنا”. عليق استدعاني بعد ذلك إلى مكتبه وطلب مني أن أشرح له ما حدث فرويت له ما حدث ونصحته أن يستغني عن هذا المدرب، أفضل من أرحل أنا. ورغم أن بن زكري خيّر عليق بيني وبينه، إلا أنني وجدت نفسي أساسيا في اللقاء الموالي أمام مولودية وهران، والأكثر من ذلك بشارة القائد، وهو ما لم يحتمله زغدود الذي لم يفهم شيئا وقال ل بن زكري: “يا الشيخ كيف يدخل حمداني أساسيا بشارة القائد وأنا في الاحتياط؟”، فأجابه قائلا: “روح شوف مع عليق”. بصراحة يجب أن يفهم رؤساء النوادي أن المدرب ليس من يحمل شهادات ولديه خبرة، بل يجب أن يكون صاحب أخلاق عالية ويعرف كيف يجعل اللاعبين يحترمونه... لا يمكن أن تدخن وتحاول أن تقنع أبناءك أن التدخين مضر بالصحة.
من هو اللاعب الذي وقعت لك مشاكل معه في مشوارك الكروي؟
هذا اللاعب كان ينشط في منصب مدافع أيمن في سنة 91 لما وقّعت في “العميد”، لم يحتمل أنني أخذت منصبه وأحلته على الاحتياط، صدقوني أنه حاول أن يدهسني بسياراته في إحدى المرات لما كنا متوجهين لتناول وجبة الغذاء. في بادئ الأمر كنت أعتقد أنه يمازحني، لكنني اكتشفت مع مرور الوقت أنه كان يريد أن يتخلص مني فعلا بعدما أكد ذلك لأحد اللاعبين. إنه يعرف نفسه جيدا لأنه ما زال على قيد الحياة ويعيش حاليا في إسبانيا. على كل لقد نسيت ما حدث و«راني مسامحو دنيا وآخرة” (نلح عليه كثيرا لكنه يرفض أن يمنحنا اسم هذا اللاعب).
لنعرج الآن إلى الحديث قليلا عن تجربتك مع المنتخب الوطني، كيف كانت بداياتك مع “الخضر”؟
لقد كنت لاعبا دوليا حتى قبل التحاقي بالمولودية مع المنتخب العسكري والمنتخب الأولمبي أيضا، لكن أول دعوة لمنتخب الأكابر وصلتني سنة 1991، كان ذلك بمناسبة المباراة الودية أمام المغرب في ملعب 19 ماي بعنابة، كان يومها الشيخ كرمالي مدربا للمنتخب ولكنني أصبت بعد ذلك ولم تتم دعوتي للمنتخب حتى سنة 1992، تشرّفت كثيرا باللعب إلى جانب مغارية، ماجر، سرار وعدة نجوم آخرين من الجيل الذي أحرز الكأس الإفريقية الوحيدة في تاريخ الجزائر، خاصة مغارية الذي أعتبره قدوتي سواء من خلال طريقة لاعبه أو أخلاقه العالية. بصراحة أنا أتساءل فقط لماذا لا يجلبونه للتلفزيون ليكون محللا.
وما هي أحسن مباراة لك مع المنتخب؟
لقد خضت مع المنتخب ما بين 40 إلى 45 مباراة بين الودية والرسمية، ولكن المباراة التي لا يمكنني أن أنساها هي التي خضتها أمام زامبيا لما وضعت الأسطورة كالوتشا بواليا يومها في الجيب، وحتى أمام نيجيريا في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 98 في فرنسا، لقد حاربتهم لوحدي رغم الهجوم الناري الذي كان يضم أسماء من قيمة أموكاشي، رشيدي يكيني، فيندي وآخرون، كدت أن أقصيهم وأهدي التأهل للكامرون لكننا لم نكن نملك الإمكانات اللازمة وخسرنا في النهاية بهدفين مقابل هدف واحد. لقد تلقينا الهدف الثاني في الدقائق الأخيرة.
الكل يعلم أن قصتك مع المنتخب انتهت بعد الإصابة التي تعرّضت إليها في عنابة سنة 97، هل لك أن تحكي ما حدث يومها بالضبط؟
الإصابة التي تعرضت إليها مع المنتخب أسوأ ذكرى في حياتي وليس في مشواري الرياضي فقط، أتذكر يومها أننا واجهنا منتخب ليبيريا في عنابة وقد سقطت على يدي اليمنى فوق أحد قنوات صرف المياه المحاذية لخط التماس، لقد كانت بعيدة كثيرا عن موضعها الأصلي، فتعرضت إلى كسر مزدوج على مستوى عظمة المرفق وفقدت وعيي تماما ولما استعدته وجدت نفسي في مستشفى عنابة. ما حز في نفسي هو أنني لم أجد إلى جانبي أي شخص يمثل المنتخب الوطني، لم أشاهد إلا الطبيب الذي أجرى العملية، ملابسي غير موجودة، لم أجد حتى من يعيدني إلى الفندق لآخذ أغراضي ولحسن حظي أنني وجد الأخوين سلاطني، ياسين ومراد. هذان الشخصان “في حياتي ما ننسى خيرهم”، لقد قاموا بي كما ينبغي في ظل الغياب التام لمسؤولي المنتخب الوطني. تصوّر أنهم هم الذين نقلوني إلى المطار وفي كل هذا الوقت لم يكلف أي مسؤول في المنتخب من رئيس الاتحادية كزال إلى آخر مسير نفسه حتى عناء الاطمئنان على حالتي الصحية.
ألم تجدهم في انتظارك في مطار هواري بومدين بعد عودتك إلى العاصمة؟
حتى أنا كنت أتوقع أن ذلك ما كان سيقوم به كزال وحاشيته كأضعف الإيمان من أجل حفظ ماء وجوههم أمامي، تصوّر أنني لم أجد أي شخص في انتظاري وكأنني كنت أدافع عن ألوان منتخب وطني آخر، “غاضتني عمري بزاف” وأنا اتصل بأحد أقاربي حتى يأتي إلى المطار وينقلني إلى بيتي في بوفاريك. لو لم أجد ياسين ومراد سلاطني كنت أنوي أن أخذ سيارة أجرة، ما كان يهمني أن أعود إلى عائلتي رغم أن الأمر فيه اهانة كبيرة للمنتخب.
هل تعتقد أن ما حدث معك يعطي صورة واضحة عن حالة الإهمال الموجودة داخل المنتخب الوطني في تلك الفترة؟
في وقتنا الاهتمام بالمنتخب الوطني كان قليلا جدا، خاصة في ظل الظروف الأمنية، السياسية والاقتصادية الصعبة التي كانت تتخبط فيها البلاد. تصوّر أنه حتى قيمة التعويض الذي منحته لي وكالة التأمينات يومها كانت 3 ملايين سنتيم فقط، وهل هذه القيمة تليق بسمعة لاعب دولي، خاصة أن الإصابة سببت لي عجزا مدته شهرين كاملين. يجب أن لا نكذب على أنفسنا، المنتخب يومها لم يكن يملك إمكانات الجيل الحالي ويجب أن نشكر روراوة لأنه صاحب الفضل في ذلك. صحيح أنه يستغل منصبه لخدمة مصالحه ويبحث دائما عن مناصب أرقى، لكن يجب أن لا نحاسبه ما دام أنه صاحب التغييرات الجذرية التي حدثت على مستوى المنتخب سواء من حيث الإمكانات المادية أو ذهنيات المسيرين.
لذلك قرّرت اعتزال المنتخب الوطني منذ تلك الحادثة رغم أنك كنت ما زلت قادرا على العطاء، أليس كذلك؟
لو كان أي لاعب آخر مكاني للجأ ربما إلى مقاضاة المسؤولين ولكن بما أنني ابن عائلة و«خاطيني المحاكم والشروعات” فقد فضّلت أن أطوي الملف نهائيا وأن أنسحب من المنتخب في صمت، لقد قررت عدم تلبية دعوات المنتخب منذ تلك الحادثة مهما يحدث. وفعلا فقد حاول شارف وسنجاق إقناعي بالعدول عن قراري في أكثر من مرة لكنهما عجزا عن ذلك وتفهما موقفي جيدا.
وما هي أجمل ذكرى لك مع المنتخب الوطني؟
صدقني أنني خرجت من المنتخب الوطني وأنا لا أحتفظ معه بأي ذكرى جميلة، وحتى النتائج في وقتنا كانت مخيبة للآمال رغم أننا كنا نملك لاعبين ممتازين ويملكون إمكانات أحسن بكثير من إمكانات لاعبي المنتخب الحالي. في كأس إفريقيا التي احتضنتها بوركينا فاسو سنة 98 تنقلنا بأفضل الأسماء الموجودة في الجزائر، لكننا انهزمنا في مبارياتنا الثلاث وعدنا إلى الجزائر دون أي نقطة، أتذكر أننا انهزمنا (3 -0) أمام الكامرون وخيّل لنا أننا نواجه منتخبا من كوكب آخر، كان الفارق في التحضيرات والحوافز واضح جدا خاصة أن منتخب الأسود الجموحة كان متأهلا إلى نهائيات كأس العالم في فرنسا حينها.
بصراحة فيصل، هل أنت من اللاعبين الذين كانوا يترددون على الملاهي الليلة؟
بصراحة سؤالك يذكرني بما كان يقوله لي دائما لعزيزي وتسفاوت، لقد كانا يقولان لي دائما: “أنت ما تعرف تسهر، ما تعرف تدخن ولا تأتي معنا إلى الملاهي فهّمنا واش تعرف تدير”، أظن أن هذه الجملة هي الجواب الكافي عن سؤالك. أنا لست من اللاعبين الذين يحبون السهرات ولكنني ضد ما يقوم به بعض اللاعبين الحاليين الذين يتفاخرون بذلك ويقومون بما يسيء لسمعتهم وسمعة فريقهم أمام الملأ، رغم أن ديننا الحنيف يحثنا على تفادي الجهر بالمعاصي ويقول: “إذا لم تستحي فأفعل ما شئت”. اللاعب يجب أن يكون عبرة للشباب، في الإتحاد كان هناك لاعبون يتشاجرون من أجل فتاة.
الكثيرون يتساءلون لماذا لم تحترف في أوروبا، رغم أن إمكاناتك تسمح لك بذلك، فهل لنا أن نعرف السبب؟
حكايتي مع العروض الخارجية بدأت سنة 93 وبالضبط بعد مشاركتي الرائعة مع المنتخب الأولمبي في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، حيث وصلني عرضين رسميين من ناديي تولوز ونيم اللذين كانا ينشطان في بطولة الدرجة الأولى الفرنسية. لقد اقترب مني أحد المناجرة في نهاية الدورة وحاول أن يعرف رأيي في الموضوع، ولكنني اعتذرت له بما أنني كنت ما زلت في الخدمة العسكرية ولا يمكنني أن أغادر أرض الوطن، وحتى أكون صريحا معك حتى أنا لم أكن متحمسا كثيرا للعب في أوروبا لأسباب دينية وللاختلاف في العادات والتقاليد. يا أخي أنا لا أحب الابتعاد كثيرا عن العائلة وكنت دائما مستعدا لأتنازل عن الأموال من أجل ذلك مثلما حدث سنة 2002 لما فضلت النصرية على عرض بجاية رغم أنه أفضل بكثير.
قلت منذ قليل إنك رفضت الإحتراف لأسباب دينية، فهل من توضيح؟
أنا أريد أن أكون بعيدا دائما عن الأمور المشبوهة كما يحثنا عليه ديننا الحنيف. تصوّر أنني تشاجرت مع ماجر في البرتغال بعدما خضنا هناك مباراة ودية، لقد طلب مني أن آكل اللحم رغم أنني رفضت ذلك بشدة وطلبت منه أن يتركني وشأني ما دام أن السمك كان موجودا. وبعد أن طلبت منه أن يمنحني جواز سفري حتى أعود إلى الجزائر، فإن المسؤولين عن المنتخب رفضوا ذلك خوفا من أن يؤثر ذلك في المجموعة والأمر الخطير جدا الذي له صلة بالموضوع حدث في نهائيات كأس إفريقيا للأمم في جنوب إفريقيا سنة 96.
وماذا حدث بالضبط في هذه الدورة؟
لقد خضنا تلك الدورة في شهر رمضان المبارك، وكل اللاعبين تقريبا لم يكونوا مركزين على الجانب الرياضي بقدر ما كانوا مهتمين بالجانب الديني في ظل كثرة الفتاوى بين من يدعونا للإفطار بحجة أننا على سفر وهناك من يقول إنه لا يجوز لنا أن نفطر لأجل مباراة في كرة القدم. اللاعبون كانوا يفكرون فقط في: هل نفطر أم نصوم؟ بسبب ذلك “راحت النية” وأقصينا أمام جنوب إفريقيا.
وماذا قررتم في النهاية؟
للأسف الشديد أن بعض اللاعبين “شافو الفتوى اللّي تخرج عليهم” وأكلوا شهر رمضان رغم أننا كنا مقيمين في جنوب إفريقيا لقرابة ثلاثة أسابيع كاملة. ضميري لم يسمح لي بذلك رغم أنهم جلبوا لي مفتي وأكد لي أنه يمكنني أن أفطر وهناك عدة أيام أخر، رفضت أن أفطر وقلت له إن أجر الشهر المبارك لن يعود، وهذا ما جعل المدرب يبعدني في مباراة الدور ربع النهائي أمام جنوب إفريقيا بحجة أنني صائم، وقد دخلت يومها في الشوط الثاني ورغم الإقصاء عدت إلى الجزائر وأنا مرتاح تماما رغم أنني فهمت أن الله غضب منا بعد الطريقة التي خسرنا بها.
ما حكاية العرض الذي وصلك من أولمبيك مرسيليا وأنت في الإتحاد؟
صدقني أنني سمعت بذلك العرض من أحد المناجرة الذي جاء إليّ وأكد لي أن أولمبيك مرسيليا أرسل لي دعوة رسمية حتى أسافر إلى فرنسا وأجري التجارب اللازمة، ولكن عليق –حسب كلام المناجير- أخفى عني الدعوة. في البداية غضبت كثيرا ولكنني بعدما وضعت نفسي مكانه وفكرت بطريقة الرؤساء غيّرت موقفي لأنه ربما كان بحاجة ماسة إلى خدماتي وتخوف أن تخطفني مرسيليا، كما رفضت كذلك عرضا من فريق النصر السعودي الذي كان يدربه صفصافي يومها، لقد رفضت ذلك العرض بلباقة وهناك عرض آخر من فريق باجة التونسي ولكنني لم أندم عليهم لأنني كنت مرتاحا في الاتحاد ومن طبعي أيضا أنني لا أحب الابتعاد كثيرا عن العائلة.
هل تتابع البطولة الوطنية في أول موسم الإحتراف؟
صدقني أنني لا أشاهد إلا الأهداف، ولا أستطيع حتى مشاهدة 10 دقائق أو ربع ساعة بسبب ضعف المستوى باستثناء الوفاق والشلف اللذان يمتعان ويقنعان فبقية النوادي كلها بمستوى واحد. لما تلاحظ أن الجمهور الجزائري يهجر المدرجات و«داربي” المولودية والإتحاد مثلا يلعب أمام مدرجات شاغرة تفهم كل شيء، لأن الجمهور الجزائري ذواق ويعرف الكرة. بصراحة حتى “الداربيات ما بقات فيها حتى بنّة” لأن نكهة “الداربي” في الأجواء التي يصنعها الأنصار فوق المدرجات. في وقتنا كنا نلعب أمام 80 ألف متفرج وحتى لما يكون الأداء ضعيفا “تخرج زاهي” لأن الأجواء في المدرجات تكون حماسية جدا.
وما هي الذكرى التي بقيت لك من “داربيات” المولودية والاتحاد؟
لم أفهم إلى حد الآن كيف يقول الناس إن صايفي “طيّح “ غول رغم أنني كنت حاضرا وأقسم بالله أن طارق لم يسقطه صايفي وأن أرضية الميدان هي التي فعلتها به، كما تشاهدون الأرضيات في الجزائر “الله يبارك “ وفيها كل شيء ممكن.
من هو اللاعب المحلي الذي تراه قادر على الذهاب بعيدا في مشواره؟
جابو دون منازع، فهذا اللاعب فنان بأتم معنى الكلمة، ولو يبقي قدميه على الأرض ويجد الرعاية اللازمة سيحترف في أوروبا بسهولة. وبالنسبة إليّ بقية اللاعبين المحترفين الذين يلعبون في المنتخب الأول بانتظام ليسوا أحسن منه. كما يعجبني أيضا لاعب جمعية الشلف محمد سوڤار الذي يملك إمكانات عالية أيضا وكان بإمكانه الذهاب بعيدا لو عرف كيف يسير مشواره بعد رحيله من سعيدة.
كيف ترى مهمة المنتخب في التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا 2012؟
أعتقد أن الأمور تغيّرت مع المدرب الجديد عبد الحق بن شيخة، والبداية كانت بتغيير الذهنيات داخل المنتخب مقارنة بعهدة سعدان، فمن خلال تجربتي مع سعدان ومن خلال ما سمعته عن بن شيخة الذي يلقبونه بالجنرال تيقنت أن هناك فرق شاسع بينهما في طريقة التعامل مع اللاعبين وخاصة المحترفين منهم. سعدان “عاقل بزاف” وبن شيخة على ما أعتقد “قبيح بزاف”، ولذلك لا أتوقع أنه سينجح مع لاعبينا الذين يرفضون أن تعاملهم مثل العسكر ويشعرون أنهم مقيدين داخل وخارج الملاعب. لذلك لا أتوقع أن يطول التعايش بينهما، هذا ما يجعلني غير متفائل تماما بمستقبل المنتخب ناهيك عن الانطلاقة غير الموفقة تماما في التصفيات ومع موجود منتخب عربي قوي إلى جانبنا مثل المغرب.
هل نفهم من كلامك أن سعدان نجح لأنه لم يكن صارما مع اللاعبين؟
سعدان يعرف كيف يتعامل مع اللاعبين، حيث لا يضيق عليك الخناق حتى “يكرّهلك حياتك” ولا “يطلق لك الحبل” حتى تصبح لا تعرف ما لك وما عليك. سعدان يتركك أنت وضميرك فإذا كنت محترفا لا تحتاج إلى مدرب يتدخل في كل كبيرة وصغيرة وأود أن أعطيك مثالا بسيطا حتى تفهم ما أقصده.
تفضّل...
اللاعب الذي لديه ضمير حي ويكون مشبعا بالوطنية ويعرف أن شعب بأكمله ينتظر أن تفرحه يدرك جيدا أن السهر ليلة المباراة مضر جدا لسمعته ويؤثر في مستواه لأنه أكيد سيكون بعيدا عن مستواه يوم المباراة، لذلك لا يحتاج إلى من يراقبه أو يفرض عليه نظاما عسكريا يرغمه على النوم في ساعة مبكرة، واللاعب الذي مات ضميره وتجده يبحث في المنتخب عن المنح والشهرة فذلك لن يفيد معه لا أسلوب الترغيب ولا الترهيب. سعدان كان يتعامل معنا حسب عقلية اللاعبين وليس وفق لما يمليه عليه الشارع. سعدان لم يكن يراقبنا مثل الجنود في الثكنة وحتى لما نخطئ لا يقيم الدنيا حيث يستدعي اللاعب إلى غرفته ويتحدث معه دون أن يحدث أي ضجة.
ما تعليقك على رحيل سعيد عليق عن اتحاد العاصمة؟
في نظري “لياسما” أصبحت دون عليق “قفة بلا يدين” لأنني تعلمت ومن خلال تجربتي المتواضعة أن الأموال ليست هي كل شيء في كرة القدم. عليق وضع أصابعه على موضع الخلل والقوة في البطولة الوطنية والمنافسات الإفريقية، لا يوجد أي شخص في محيط الإتحاد يعرف الكواليس مثله لأنه يجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا لا يمكن لأي فريق مهما كان اسمه وقيمته أن يتوج بلقب بعيدا عن الكولسة، وأحسن دليل على ما أقول تجربة منادي مع إتحاد عنابة. لقد جلب لفريقه أحسن اللاعبين الذين كانوا في الساحة الوطنية لموسمين أو ثلاثة مواسم متتالية، لكنه عجز حتى عن تحقيق لقب واحد فقط.
هل نفهم أنك غير متفائل بوجود رجل الأعمال حداد في الإتحاد؟
أهم شيء في الكرة هو العقلانية في التسيير. صحيح أن الأموال هي العمود الفقري لهيكلة فريق قوي في الوقت الحالي، لكن يجب عليك أن تعرف كيف تسير هذه الأموال. وجود حداد في الإتحاد مهم جدا، لكن كان عليه أن يضع يده في يد عليق ويتفقان لو كان يريد فعلا إعادة الإتحاد إلى منصة التتويجات، أنا لا أقول إن حداد يمنح الأموال لعليق ويتركه يفعل بها ما يشاء، لكن أن يمنحه صلاحيات واسعة أو كما يسمى “الباترون” ما دام أنه يعرف اللاعبين، الحكام، رؤساء النوادي وحتى كواليس الرابطة والاتحادية. لذلك وحسب رأيي الشخصي، فإن إبعاد عليق خطأ فادح ارتكبه حداد وسيُكتشف ذلك مع مرور الوقت.
حداد أعاد بعض قدماء اللاعبين مثل دزيري وزغدود، فماذا سيكون موقفك لو يعرض عليك العودة؟
سأكون صريحا معك، لست مستعدا لأشغل منصب مناجير عام في الفريق حتى لو يعرض عليّ حداد مليار شهريا لأنني لا أعترف بهذا المنصب. أكون مناجير على من وما هو دوري بالضبط، هذا المنصب “شيعة فقط” أفضل أن أشتغل في الميدان مدربا للفئات الصغرى مقابل أجرة محترمة على أن أكون مناجيرا. ف عليق سبق له وأن اقترح عليّ هذا المنصب عدة مرات لكنني رفضته رغم احترامي له، لم يغضب مني لأنني كنت صريحا معه ومبرراتي أقنعته كثيرا.
إذن رفضك منصب مناجير قضية مبدأ وليس لأنك غير مقتنع به؟
في هذه الحياة يجب أن يكون الإنسان صاحب مبدأ رغم كل الإغراءات. أنا لا يمكنني أن أعرض خدماتي على حداد وأقول له مستعد أن أشغل أي منصب، المهم أنني أتقاضى أجرة شهرية معينة فقط، أقسم لك أنني ومنذ أن غادرت الإتحاد لم أعد إلى بولوغين ولو لمرة واحدة. لا أترك المجال لأي كان أن يتحدث عني بأي سوء ويقولون إن حمداني “راه حاب يشحم فيها منصب”، إذا يحتاجونني لأكون مدربا للفئات الصغرى فهم يعرفون أين يجدونني ولديّ شروطي التي تحفظ كرامتي، أما أن تعيّنونني مناجيرا عاما فهذا لا أقبله، كيف تتفاوض مع اللاعب وتعرض عليه مبلغا معينا ثم يأتي شخصا آخر ليدفع له؟ وماذا سيكون رد ذلك اللاعب معك لو ينقلب ضده الرئيس ولا يمنحه الأجرة التي اتفق عليها معي؟.
ما الذي تعلّمه حمداني من كرة القدم؟
اكتشفت أن محيط الكرة الجزائرية متعفن جدا، وكل الرؤساء عندهم غير كلمة “السلام عليكم” صحّ، وصفتهم الأولى الكذب والنفاق. تصوّر أن رئيس وداد بوفاريك سليماني كنت أدين له بمبلغ 120 مليون سنتيم، ولما طلبت منه أن يمنحني مستحقاتي جلب لي 12 مليون فقط. لقد ضحكت عليه كثيرا وطلبت منه أن يوزع ذلك المبلغ على عائلته، منذ ذلك اليوم لم أعد إلى بوفاريك رغم تطمينات البعض وهذا مثال بسيط وحي ربما عمّا يعانيه حتى لاعبي الجيل الحالي في ظل العقليات البدائية التي ما زال يسير بها بعض الرؤساء نواديهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.