كشفت لنا مصادر موثوقة أنّ الاتحادية الجزائرية لكرة القدم بعثت برسائل هاتفية قصيرة للاعبين الدّوليين، طالبتهم فيها بتفادي الحديث عن المنتخب الوطني في الحوارات التي يجرونها، وبتفادي انتقاد مدرّبهم أو انتقاد العمل الذي يقومون به في التربصات التي يجرونها من الآن فصاعدا، وهي رسائل انصاع لها اللاعبون ما إن تلقوا الأمر عبر هواتفهم النّقالة. والظّاهر أن الاتحادية قرّرت اللجوء إلى سياسة تكميم أفواه لاعبيها إرضاء للناخب الوطني وحيد حليلوزيتش الذي دخل في صدامات حادة مع بعض اللاعبين ممن انتقدوه وانتقدوا طريقة عمله في جنوب إفريقيا علنا عقب الإقصاء المخزي ل "الخضر" من الدور الأول لنهائيات كأس إفريقيا. تصريحات فغولي، قادير وبودبوز خلّفت انشقاقا بين المدرب ولاعبيه وبعدما تعوّد "الكوتش" وحيد على تلقي الثناء والمدح والشكر على العمل الذي يقوم به منذ قدومه، انقلبت الطاولة عليه منذ العودة من جنوب إفريقيا، وتخلّى بعض اللاعبين عن كلامهم المعسول أو ما يسمّى بلغة الخشب، وراحوا يسردون حقيقة إقصاء "الخضر" بطريقة غير مباشرة في الحوارات التي أجروها، في صورة فغولي الذي وحتى إن لم يذكر إسم حليلوزيتش في تصريحاته ل "الهداف"، إلا أنه قال إن العمل البدني المكثف والشاق في جنوب إفريقيا انعكس عليه وعلى أدائه وعلى أداء زملائه سلبا، ليحذو قادير حذوه في تصريحاته للإعلام الفرنسي حول تراجع مستواه، عندما برر ذلك بالتعب الذي نال منه في جنوب إفريقيا جراء السبب نفسه، قبل أن يجري بودبوز حوارا ساخنا انتقد فيه حليلوزيتش على إبعاده عن صفوف المنتخب، وكشف فيه أن مدربه تعامل بسياسة الكيل بمكيالين، وأبعده دون وجه حق في وقت أن العديد من زملائه سهروا معه في غرفته (تحاشى أن يقول تناولوا الشيشة معي). ردّه كان عنيفا في الندوة الصحفية التي سبقت لقاء البينين كلّ تلك التصريحات وكل ما قيل لم يتعوّد عليه حليلوزيتش، إلى درجة أنّ عدم هضمه لما قيل في حقّه، جعله يردّ بعنف خلال الندوة الصحفية التي سبقت لقاء البينين الأخير، عندما وصف لاعبيه دون أن يسميهم بالمنافقين الذين يدّعون حبّ الجزائر في الجزائر، في وقت أنهم يلجؤون معه لأسلوب المساومة واشتراط اللعب كأساسيين في التعداد، كما أنّه شكّك في نزاهة البعض منهم، عندما قال إن هناك لاعبين لم يكن عقلهم وتركيزهم مع المنتخب في جنوب إفريقيا، بل كان مع أنديتهم ومستقبلهم الكروي في أوروبا، إلى غير ذلك من ردود الفعل العنيفة تجاه كل من انتقدوه عقب العودة من جنوب إفريقيا، كل ذلك جعله يدخل في صدامات مع لاعبيه، وأوجد فجوة بينه وبينهم، ما جعل روراوة يتفطن للأمر، وخوفا من أن تعرف الأمور انزلاقات أخرى بين الطرفين، قررت الاتحادية اللجوء إلى سياسة تكميم الأفواه، ومطالبة اللاعبين بتفادي الانتقاد في حواراتهم المقبلة. تصريحات جابو القطرة التي أفاضت الكأس رغم أنه دافع عن نفسه فقط ورغم أن لاعبا مثل جابو دافع عن نفسه في الصحافة الجزائرية والتونسية، وردّ فقط على ما قاله مدربه بأنه لاعب لا يصلح للعب سوى في 10 دقائق من المباراة، قائلا: "لست لاعب 10 دقائق وأعرف إمكاناتي جيدا"، إلا أن ردّ جابو كان بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس حسب ما علمناه، وجعلت "الفاف" تأمر لاعبيها بألا يدلوا بتصريحات من هذا النوع مستقبلا، لأن التصريحات التي أدلى بها جابو ورغم أنه لم يتجاوز فيها الخطوط الحمراء، إلا أنها لم تعجب البوسني حليلوزيتش ولا رئيس "الفاف" محمد روراوة حسب ما علمناه، وأفضت إلى إصدار القرار الذي نحن بصدد الحديث عنه. روراوة يسعى إلى تجنب حدوث صدامات مع المدرب وإن كانت سياسة تكميم الأفواه هذه، تؤكّد بأن حرية التعبير في منتخبنا الوطني لا وجود لها، في وقت يسمح للمدرب فقط بأن يقول ما يشاء ووقتما شاء وبالطريقة التي يريدها كأن يقول في كل مرة: "عندما أرغب في الرحيل فسأرحل... أنتم منتخب عادي وليس منتخبا كبيرا... الإقصاء في الدور الأول من الكان عادي وليس بمثابة المفاجأة..."، فإنّها من جانب آخر تبدو في نظر روراوة إيجابية، لأنّ الرّجل يسعى من وراء ذلك إلى منع حدوث الاصطدامات بين المدرب ولاعبيه مستقبلا، لا سيما وأن ذلك يوتّر العلاقات بين الطرفين، وهو ما من شأنه أن يوجد انشقاقات داخل المجموعة، وينعكس سلبا على المنتخب وعلى مسيرته التّصفوية نحو "مونديال 2014". ويسعى إلى تجنيب اللاعبين إقصاء المدرب لهم لأنه يرفض الانتقادات كما يسعى روراوة من وراء ذلك إلى حماية لاعبيه من أي إقصاء في حقهم من طرف البوسني مستقبلا، لأن المدرب السابق لمنتخب "الفيلة" بات لا يتقبل أي انتقاد في حقّه، ومصادرنا تؤكّد أنّه جنّ لما قاله فغولي، قادير وخاصة بودبوز عنه في حواراته السابقة، وهو الذي كما قلنا تعوّد تلقي الثناء والإشادة وسماع وقراءة الكلام المعسول منهم ومن آخرين، وحتى لا يحقد عليهم ومن أجل تفادي إقصائهم مستقبلا في وقت أن منتخبنا يحتاج إلى كل لاعبيه في الفترة المقبلة، قررت الاتحادية أن تطالب من لاعبيها التخفيف من الكلام الكثير في الجرائد وتفادي الانتقادات في حديثهم. كل شيء على مقاس حليلوزيتش وعليه ألا يفشل في تحقيق هدف "المونديال" ومرة أخرى، تتّخذ الاتحادية قرارا جديدا على مقاس حليلوزيتش، فهذا الرجل الذي استفاد من عدد من الامتيازات منذ توليه العارضة الفنية للمنتخب، سينام وهو مرتاح من الآن فصاعدا، لأنه لا يوجد لاعب من لاعبيه سيتجرأ على انتقاده أو انتقاد منهجيته في العمل، وعليه فقط أن يردّ الجميل بأن ينجح في قيادة "الخضر" إلى البرازيل، لأنه وحتى الآن فشل فشلا ذريعا في بلوغ الأهداف التي سطرت له ولعل خروج منتخبنا من الدور الأول في جنوب إفريقيا لخير دليل على ذلك، ولم يتبق له سوى التأهل إلى البرازيل، وإلا فإن كل ما تفعله "الفاف" من أجله سيذهب في مهبّ الريح مثلما ذهبت كل مجهودات "الفاف" في مهب الرّيح مع مدرب منتخب أقل من 20 سنة الفرنسي "جون مارك نوبيلو" الذي على الأقل فهم قدره ورحل قبل أن يرحّل.