صحيح أن كوفي كوجيا حكم مرتش وصحيح أن سمعته وسخة وكل إفريقيا تعرف ذلك من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، فكل الأدلة تفضحه وتدينه، لكن ما لم نجد له تفسيرا، هو كيف أنه استمر في سلك التحكيم كل هذه السنوات دون أن تتفطن “الكاف”. لما كان يقوم به من ممارسات مفضوحة. قد يستغرب القارئ عندما يعرف أن هذا الحكم الذي فعل كل شيء من أجل تحطيم “الخضر” في مباراة نصف نهائي كأس إفريقيا الأخيرة يملك “فيلا” في مصر، قد يستغرب أكثر عندما يتأكد أنها في مدينة بور سعيد الساحلية ويكون استعجابه أعظم عندما يعلم أن سعرها يبلغ 26 مليار بالعملة الجزائرية... هي التفاصيل التي تقصتها “الهداف” طيلة 3 ساعات من التواصل مع هذا الحكم، انتهت إلى تحديد موعد لملاقاته في مصر من أجل إنهاء الأمور واشتراء “الفيلا” بعد أن قدّمنا أنفسنا على أساس أننا زبائن من تونس نريد الحصول عليها. البداية من إعلان نشر على موقع عقارات ترك فيه كل بياناته البداية كانت من إعلان نشره كوفي على شبكة الأنترنت في أحد المواقع الخاصة بالعقارات الإفريقية، عثر عليه أحد مرتادي شبكة الأنترنت ووضعه على أحد المنتديات العربية. الإعلان يتضمن الإشارة إلى “فيلا” في بور سعيد بمصر تقع في 23 شارع الشيخ حسين ب بورسعيد، مساحتها 1000 متر مربع منها 600 متر مربع مبنية (شيّدت الفيلا سنة 2008 فقط)، تطل على شاطئ البحر وبها ملعب “ڤولف”، ومسبح وتسع (9) غرف نوم وأربع غرف استحمام ومرأب سيارات يسع عشر سيارات وميدان للتنس وغير ذلك من لوازم الرفاهية. الإعلان الإشهاري مرفق بالصور فضلا عن إسم صاحب الفيلا الذي ليس إلاّ البنيني كوفي كوجيا، مع عنوانه البريدي وهو صندوق بريدي 1322 كوتونو البنين، ليس هذا فقط ولكن كان الإعلان مصحوبا برقم هاتف الحكم حيث تأكدنا أن الرقم صحيح (يبدأ ب 229) وهو متعامل خاص بشبكة بنين تلكوم. يملك “فيلا” على شاطئ البحر في بورسعيد سعرها الأوّلي 4,5 مليون دولار! المحيّر في الأمر (لو نصدّق الإعلان الإشهاري وبأنه ليس أكذوبة سمكة أفريل) أن السعر الأوّلي الذي حدده كوجيا للبيع يقدر ب 4,5 مليون دولار (أكثر من 33 مليار سنتيم بالعملة الجزائرية)، وقد اتصلنا به هاتفيا من أجل التأكد من أن الرقم صحيح وأنه صاحب الفيلا الذي نبحث عنه، حيث قدمنا أنفسنا على أساس أننا زبائن من تونس نريد اشتراء العقار، فرحب بنا، قبل أن يطلب العديد من المعلومات عما نشتغله بالتحديد، وظهر أنه “توسوس” فعلا، وبعد مكالمة هاتفية دامت أكثر من 9 دقائق أقنعناه فيها بكل شيء طلبنا منه البيانات الخاصة به من أجل البقاء على اتصال في شبكة الأنترنت، فمنحنا “أيميل” خاص به لإكمال المفاوضات وهو ما حدث. وافق على البيع نظير 3,5 مليون دولار ووعد أن “ينقلب” على كل الزبائن الآخرين الملاحظ أن الإيميل (ياهوو) الذي يملكه كوجيا مسجل باسم عربي وهو الياس أبو غورين (مصري بنسبة كبيرة)، قبل أن ندخل دردشة كتابية معه دامت أكثر من ساعتين ونصف، أي إلى غاية السابعة من مساء أمس، طرح فيها هذا الحكم الكثير من الأسئلة حتى يتأكد من هويتنا الصحيحة، كما كان متحفظا جدا من أي سؤال نوجهه له، خاصة عندما يتعلق الأمر بأملاكه، وقد عرضنا في بداية المفاوضات مبلغ 3,5 مليون دولار مقابل “الفيلا” فيما اشترط الحصول على 4 ملايين دولار ونصف دون زيادة أو نقصان وبعد إصرار شديد منا رضخ أخيرا واقتنع. وما استغربنا له هو أن ممارساته في التحكيم تنطبق على شخصيته بدليل أنه أكد لنا أنه “رايح يدور” على كل الزبائن الآخرين لصالحنا، رغم أنهم يلحون وقد يعرضون عليه مبلغا أكبر مما عرضناه. طلب اللقاء في مصر لإنهاء الصفقة يوم 7 أفريل ولما طلبنا من كوجيا الإلتقاء في تونس بعد أيام قليلة لإنهاء الموضوع، رفض وأكد أنه من المفترض أن نتنقل كلانا (الطرفان) وليس أن يسافر هو لأجلنا، فكان الإتفاق الوسط هو الإلتقاء في القاهرة يوم الأربعاء القادم 7 أفريل، لمعاينة “الفيلا” في بورسعيد ثم ننهي الأمور، لكن قبل السفر أصر على أن يتأكد من بعض المعلومات بشأن بطاقة “واسترن يونيون” الخاصة بنا، ما إذا كانت صالحة أم لا، حتى يسافر وهو واثق ولئلا يحدث ما لا يريده، ولما وعدناه أننا سنتكفل بكل مصاريف تنقله إلى مصر حتى لا يخسر أي سنتيم من جيبه، طلب الإتصال به في اليوم الموالي حتى يتأكد مما يريد أن يتأكد منه. قدّم نفسه متعاملا إقتصاديا ورياضي له ممتلكاته، لكنه رفض الحديث عن كرة القدم وخلال الفترة الطويلة التي قضيناها مع هذا الحكم على شبكة الأنترنت، حاولنا جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عنه، فقال إنه متعامل اقتصادي له أعماله الخاصة، كما أشار بعد تلميحات منا إلى أنه رياضي، أما عن أملاكه فقد رفض بصورة قطعية الإجابة عن هذا السؤال، خاصة فيما يتعلق بممتلكاته في مصر، معتبرا أنه أمر شخصي ولو أنه اعترف أنه يزور مصر أحيانا. وحتى لا نثير حفيظته أكدنا له أن اسمه ليس غريبا على أحد شركائنا في العمل الذي أوهمناه أنه بجانبنا وأخبرنا أنه (أي كوجيا) قد أدار بعض مباريات النجم الساحلي (بإعتبار أننا تونسيون) فرفض كوجيا الإجابة وقال بالحرف الواحد: “قلت لك أترك هذا حتى لقائنا في القاهرة”، وأصرّ على التهرّب تفاديا لأي ورطة قد يقع فيها. كوجيا: “أرجو الإسراع في إنهاء الأمور... الفيلا تسبّب لي قلقا” وفي الوقت الذي ظننا أن الإتصال انقطع، عاد كوجيا وأرسل طالبا مبلغا من المال نرسله اليوم الجمعة حتى لا يخسر شيئا من جيبه، كما عاد من جديد وقال إنه يريد التأكد من رقم حسابنا وبطاقة “واستر يونيون” وأمورأخرى في اليوم الموالي لحديثنا، ليواصل قائلا: “يجب أن ننهي الأمور غدا، لدي أمور كثيرة في البنين وإضافة إلى هذا الأمر فقد صارت هذه “الفيلا” مصدر قلق بالنسبة لي”، ولمّا أردنا معرفة السبب بإلحاح شديد، رفض الحكم المرتشي كليا الإجابة واكتفى بالقول إنه سيشرح لنا كل شيء في القاهرة يوم الأربعاء. لما قلنا له إننا صحفيون “هرب” عندها إتصل به صحفي آخر من الجريدة وقدم نفسه له على أنه شخص من المغرب، لأننا كنا ندرك مسبقا ما هي ردة فعله لو أننا قلنا له إننا من الجزائر، فرد علينا قائلا:” لا، لست الحكم الذي تبحثون عنه، نحن نملك فقط نفس الإسم واللقب، لعلمك أن الأسماء تتشابه كثيرا هنا في البينين، ولعلمك أيضا أني هذه الأيام صرت أتلقى مكالمات بالجملة من جزائريين يشتمونني وفي اعتقادهم أني كوجيا الحكم” قال لنا محدثنا. بعدها عاودنا الإتصال به مرة أخرى، وهذه المرة قدمنا أنفسنا وعرفنا بهويتنا باعتبارنا صحفيين جزائريين، لكنه رفض الحديث معنا جملة وتفصيلا، وقال لنا بصريح العبارة “ أنتم لا تملكون الدليل الذي يثبت بأنكم صحفيون، فمنحناه العنوان الإلكتروني ليتأكد من ذلك، لكنه إعتذر لنا وطالبنا بالإتصال به بعد ربع ساعة من الزمن، وهو ما فعلناه، لكنه تحاشى الرد على مكالماتنا الهاتفية.....قضية للمتابعة. لو يعش حياته 10 مرات لن يُمكنه إمتلاك “فيلا” مثلها وقبل الاتصال بكوفي كوجيا، ساورنا شك لبعض اللحظات أنه قد لا يكون هو نفسه الحكم بل مجرد تشابه في الأسماء، لكن كل الدلائل أكدت أنه هو من نريد، بداية بتأكيده أنه في الأربعينيات من عمره ورياضي، وعدم نفيه أنه أدار بعض مقابلات النجم الساحلي الإفريقية طالبا تأجيل الحديث عن هذا الكلام إلى لقائنا في القاهرة، وأكثر من هذا فإن عدد الأسئلة التي طرحها علينا في البداية تؤكد أنه “موسوس” من أي إتصالات أخرى (مثل اتصالنا) خاصة أنه يملك “فيلا” في مصر التي لم ينهزم أي من فرقها في التاريخ بحضوره حكما، ليبقى السؤال المثير الذي يستحق أن يطرح يتعلق بمن أهدى له هذه “الفيلا”، خاصة أنه لو يعش حياته 10 مرات فلن يتمكن من اشترائها. أنهى كرة القدم والوقت صار مناسبا لأجل جمع الوسخ حتى يعيش ويبدو أن كوجيا بعد أن انتهى مشواره الرياضي بقرار من لجنة التحكيم الإفريقي التي أقصته من المشاركة في كأس العالم بسبب ما فعله في لقاء الجزائر- مصر، قد تفرغ إلى جمع الوسخ ومال الحرام الذي تلقاه في مسيرته من الرشاوي، مثل هذه “الفيلا” التي لا يمكن وصفها بالهدية ولا بالهبة ولا بشيء آخر، لكنها بالتأكيد رشوة بالدليل، كما أن وقت البيع يؤكد عدة أمور، وهي أنه جاء بعد انهائه مساره التحكيمي لما صار يملك متسعا من الوقت، لأنه لو كان معنيا بإدارة مباريات المونديال لما كان له الوقت للنزول إلى القاهرة أو التفكير في بيع “الفيلا” إلا ما بعد المونديال. من أهدى هذه “الفيلا ” إلى كوجيا!؟ وعندما يمنح المصريون “فيلا” إلى كوفي كوجيا، العامل البسيط في أحد القطاعات العمومية في البنين، فلا يجب أن نستغرب أن تفوز كل فرق مصر ومنتخباتها بالطرق التي كنا نشكك فيها وصرنا نعرفها، حيث يفرح المصريون عندما يُعيّن هذا الحكم لأنهم يعرفون ماذا سيقدم لهم من خدمات بالمقابل طبعا، كما نتساءل: أليس من المفترض أن تحقق هيئة “الكاف” في أملاكه لأن حكما مهما كان اسمه لا يمكنه أن يمتلك “فيلا” في الخارج تساوي الملايير إلا إذا كان ابن رئيس دولة”؟. هذه التفاصيل تعيد مقابلة مصر والجزائر إلى الواجهة من جديد، حيث تأكد أنها خسارة مشبوهة بما لا يدع مجالا للشك مع حكم مرتش اكتشفنا خلال 3 ساعات من الحديث معه أن نفسيته مريضة، يحب الأموال، لا يملك كلمة وأكثر من ذلك “موسوس” وخوّاف وتابع للمصريين الذين أهدوه “فيلا” على أرضهم، فأهداهم تأهلا إلى النهائي على الأراضي الأنغولية.