مازالت الحرب الكلامية التي حملتها التصريحات الأخيرة لكل من رئيس "الفاف" روراوة والناخب الوطني حليلوزيتش تصنع الحدث، خاصة أنّها أظهرت بطريقة واضحة الخلاف الموجود بين الرجلين والذي بدأ منذ تصريحات المدرب البوسني الانهزامية مباشرة بعد سحب قرعة المونديال، حين قزّم "الخضر" بطريقة لم تعجب أحدا وخاصة المسؤول الأول على الكرة الجزائرية، قبل أن تزداد الأمور تعقيدا بسبب رفض حليلوزيتش تجديد عقده الذي سينتهي بنهاية شهر جويلية المقبل. الصراع المحتدم بين أكبر فاعلين على مستوى المنتخب الوطني خلّف ردود أفعال متباينة من جهة اللاعبين وأيضا الجمهور الرياضي، الذي تعجّب من الوقت الذي اختاره الرجلان من أجل تبادل التصريحات، في وقت مازال لم يتم الفصل نهائيا في أسماء المنافسين اللذين سيواجههما المنتخب وديا استعدادا للمونديال يوم 31 ماي المقبل في الجزائر ويوم 5 جوان في أوروبا. اللاعبون لا يعرفون في أي صف يقفون ويوجد اللاعبون في وضع استثنائي وسط الصراع القائم بين روراوة وحليلوزيتش، فإضافة إلى استغرابهم من الخرجتين الإعلاميتين الأخيرتين للرجلين، فإنّهم لا يعرفون من يساندون وفي صف من يقفون، وهو ما جعلهم يتهرّبون من الحديث لوسائل الإعلام في الساعات الأخيرة خوفا من طرح أسئلة عليهم بشأن الموضوع، خاصة أنّهم يعلمون بأنّ لا روراوة ولا حليلوزيتش سيغفران لهم أي تصريح يساندون فيه الطرف الآخر، خاصة من جانب المدرب البوسني المعروف بأنّه لا يتقبّل أي انتقاد وأمثلة اللاعبين الذين اختلفوا معه بشأن خياراته التكتيكية والفنية وأبعدهم نهائيا عن "الخضر" كثيرة على غزال، العيفاوي، مترف والبقية. من التصريحات الانهزامية إلى الحديث عن الإقالة أو الاستقالة ... ما الذي أصاب حليلوزيتش؟ والواضح أنّ الكثير من اللاعبين لم يفهموا ما يحدث في محيط المنتخب الوطني منذ اقتطاع تأشيرة التأهل إلى المونديال، فقد كثرت خرجات حليلوزيتش الإعلامية الغريبة وتصريحاته التي يقزّم فيها المنتخب الجزائري وتاريخه الكروي (انتقاده الدائم لمنتخب 2010 تحت قيادة سعدان)، قبل أن يفجّر موضوع تجديد عقده مع "الفاف" المستور بينه وبين الرئيس روراوة ليصبح الحديث الآن عن إقالة المدرب أو استقالته، وهو ما يعني أنّ شيئا ما يدور في ذهن حليلوزيتش لأنّ اسمه ارتبط بكل الهزات التي عرفها المنتخب الوطني في الشهر الأخير. جدير بالذكر أنّ رفض حليلوزيتش برمجة مباراة ودية أمام البرتغال وتفضيل سلوفينيا عليها يبقى من الأمور الغريبة التي قام بها في المدة الأخيرة والتي فاجأت كل الرأي الرياضي العام. الجمهور الرياضي متخوّف من تأثير المشاكل على المنتخب وإذا كان القلق والحيرة يسيطران على لاعبي المنتخب، فإنّ الجمهور الرياضي بدوره يوجد في حسرة كبيرة بسبب الصراع الدائر هذه الأيام بين روراوة وحليلوزيتش، ويجمعون على أنّ هذا الخلاف لم يأتي في وقته خاصة أنّ "الخضر" على بعد 5 أشهر وبضعة أيام عن أولى مبارياتهم في المونديال، مؤكدين أنّه كان يفترض أن يكون هناك تنسيق وتفاهم كبير للفصل في أفضل برنامج تحضيري للمنتخب حتى يتسنى له التنقل إلى البرازيل في أفضل حال خاصة من الناحية المعنوية، كي يراهن على تحقيق هدفه المتمثل في بلوغ الدور الثاني. اجتماع صادي مع حليلوزيتش قد يهدّئ الأوضاع مثلما قد يفجّرها أكثر ويبقى الجميع يترقّبون عن كثب الاجتماع الذي سيعقده وليد صادي الذراع الأيمن ل روراوة مع حليلوزيتش نهاية الشهر الجاري حسب الموعد المتفق عليه بين الرجلين، والذي يفترض أن يمنح فيه الناخب الوطني قراره النهائي الخاص بتجديد عقده من عدمه، رغم أنّه نفى أن يكون هناك اجتماع مبرمج مع "الفاف" بشأن هذا الموضوع، غير أنّه من جهة روراوة الذي لن يحضر الاجتماع بسبب تواجده وقتها في جنوب إفريقيا لحضور كأس أمم إفريقيا للمحليين فإنّ استدعاء سيصل حليلوزيتش للقدوم إلى الجزائر نهاية الشهر الحالي لمنح قراره النهائي. والأكيد أنّ الاجتماع الذي سيحصل بين الطرفين قد يهدّئ الوضع ويعيد الاستقرار إلى "الخضر" مثلما قد يفجّره أكثر. التحضير للمونديال لا يكون بهذه الصراعات وفي انتظار ما سيؤول إليه اجتماع وليد صادي مع حليلوزيتش الذي سيكون هاما قبل شروع "الخضر" في التحضير الفعلي للمونديال بداية من التربص الذي سيسبق لقاء سلوفينيا المبرمج يوم 5 مارس المقبل، فإنّ التعقّل والحكمة مطلوبان لأجل تجاوز هذه الفترة الصعبة التي يمر بها المنتخب والتي لم تكن بهذا الشكل حتى لما أقصي في "الكان" الأخيرة من الدور الأول، وهنا ترمى الكرة أكثر في ملعب حليلوزيتش المطالب بمراجعة الكثير من حساباته ومواقفه التي قد تضره أكثر مما تنفعه، مادام أنها ليست المرة الأولى التي يدخل فيها في صراع مع مسؤولي اتحادية يعمل فيها بعد التأهل إلى المونديال، وتجربته مع كوت ديفوار سنة 2010 أكبر دليل على ذلك.