أعلن وزير العدل العراقي حسن الشمري، الثلاثاء، إغلاق سجن بغداد المركزي ("أبو غريب" سابقاً) في شكل كامل وإخلائه من نزلائه لأسباب أمنية، لافتاً إلى أن هذا الإجراء اتُخذ بالتعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية. وقال الشمري في بيان إن "وزارة العدل أنهت نقل جميع نزلاء السجن المذكور البالغ عددهم 2400 نزيل، بين موقوف ومحكوم في قضايا إرهابية، إلى السجون الإصلاحية في المحافظات الوسطى والشمالية". وعزا قرار إغلاق السجن الى "إجراءات احترازية تتعلق بأمن السجون، كون سجن بغداد المركزي يقع في منطقة ساخنة". وأوضح ان لجنة في الوزارة باشرت توزيع الموظفين والحراس الإصلاحيين في السجن المذكورعلى بقية السجون في بغداد. وكان سجن بغداد المركزي شهد العام الماضي أكبر عملية هروب لمئات النزلاء بعد هجوم مسلح. من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن في تصريح ل"فرانس برس" إن "غلق السجن يأتي في اطار اجراءات لوجستية اضافة لكونه من السجون القديمة". واشار معن الى ان "هناك رؤيا امنية تتعلق بموقع السجن" في منطقة ابو غريب (20 كلم غرب بغداد) التي تشهد هجمات شبه يومية لقربها من مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) التي تخضع لسيطرة مسلحين مناهضين للحكومة منذ بداية العام. وردا على سؤال حول ما اذا كان السجن اغلق بصورة نهائية، قال معن ان "هذا اجراء اداري يتعلق بوزارة العدل". ويقع سجن أبو غريب، أو سجن بغداد المركزي، الذي أعلنت وزارة العدل العراقية إقفاله اليوم بشكل نهائي، يقع في العاصمة العراقيةبغداد، وبُني في الستينيات على يد مقاولين بريطانيين، وتم توسيعه في عهد الرئيس الراحل صدام حسين ليُضاف عليه ستة أقسام أخرى عام 2002. في أوائل 2004 تفجّرت فضيحة كبرى هزّت العالم إثر نشر صور لأفراد من الجيش الأمريكي أثناء قيامهم بإذلال وتعذيب بعض المساجين، ما أثار موجة من الإستياء العالمي والعربي على وجه الخصوص، وسميت هذه الحادثة بفضيحة أبو غريب وترتّب عليها محاكمات وتحقيقات قامت بها وزارة الدفاع الأميركية. وقد أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية تقريراً أفاد عن اكتشاف حالات من التعذيب الجسدي والجنسي مارسها أفراد من الجيش الأمريكي على السجناء. وتم توثيق هذه التعديات من خلال شهادات وافادات المعتقلين الذين عايشوا هذه التجربة. وقامت الحكومة الأميركية بإجراء تحقيق شامل بعد انتشار الصور المشينة أخلاقياً عن سجن أبو غريب، وتم توجيه الإتهامات الى أفراد في الشرطة العسكرية من الرتب الصغيرة أمثال الرقيب مايكل سميث الذي حكم عليه بالسجن 8 سنوات خُفِّضت لاحقاً إلى 8 شهور فقط. وضمّ السجن الآلاف من المعتقلين من المدنيين، وصنّف المساجين بين "مجرمين عاديين" و"مجرمين ذو قيمة عالية"، بحسب تصنيفات الولاياتالمتحدة أمثال مسؤولي تنظيم القاعدة وبعض المعاديين للقوات الأميركية. وفي وقت لاحق من العام نفسه، استُهدف السجن بالسيارات المفخّخة، الأمر الذي أسفر عن فرار أكثر من 150 سجيناً، قبل أن تخلي القوات الأميركية السجن عام 2006 حيث وزّعت 4500 سجين على سجون مختلفة في المدن العراق. وعام 2008 حكم على النقيب شوان مارتن ب45 يوم سجن و غرامة 12000 دولار أميركي، يُشار الى أن مارتن وهو الجندي الأعلى رتبة الذي تمت محاكمته في قضية أبو غريب من الجيش الأميركي. وأثارت الفضيحة اهتمام الرأي العام الأمريكي والعالمي الذي أرخى بظلاله على السياسة الأمريكية الحديثة، اذ أعلن تقرير صادر مؤخراً حصلت عليه صحيفة "واشنطن بوست" أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية استعملت العديد من وسائل التعذيب غير المبررة على الرغم من أن معظم الحالات التي تم تعذيبها كانت اعترفت قبل أن يتم تعذيبها، وهذا لم يمنع الوكالة من تعذيبها بصفتها ذات أهمية عالية للأمن القومي الأمريكي.