أحرج السلطات الجزائرية "المتكتمة" أفاد لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي، أن ثلاثة جنود جزائريين سيشاركون في الاحتفالات المخلدة لذكرى الثورة الفرنسية يوم 14 جويلية. ويضع هذا التأكيد، السلطات الجزائرية في حرج بعد أن كان قد نفى السعيد عبادو الأمين العام لمنظمة المجاهدين من قبل صحة هذا الخبر الذي جرى تداوله في الصحف الفرنسية. أوضح لوران فابيوس، في حوار مع قناة "أر أم سي" الإذاعية، أمس، في رده على سؤال يستفسر عن تمثيل الجزائر في عيد الثورة الفرنسية، قائلا: "نعم، سيكون هناك ثلاثة جنود جزائريين في الشانزيليزي يوم 14 جويلية. لا أرى لماذا يسبب ذلك الصدمة. إنها مشاركة لتخليد التضحية الجزائرية في الحرب العالمية الثانية". ويرمي فابيوس من خلال تصريحه إلى الرد على اليمين المتطرف الذي يقوم نواب محسوبون عليه، بحملة تعبئة للتأسيس لحركة تحت شعار "لا لمشاركة القوات الجزائرية في استعراض 14 جويلية"، بدعوى أن "الحضور العسكري الجزائري فوق التراب الفرنسي، هو بمثابة وصمة عار ويعتبر استفزازا لا يشرّف فرنسا واحتقارا لكل الأموات والمفقودين وضحايا الجيش الجزائري"، على حد وصفهم. ويقف وراء هذه الحملة برلمانيان من حزب الجبهة الوطنية الذي تقوده مارين لوبان، هما جيلبار كولار ونائب رئيس الحزب لويس أليو، وقد أصدرا بيانا وقّعه معهما محمد بلَبو المستشار البلدي للحزب بباربينيان ورئيس جمعية تدافع عن الحركى، حسب ما ورد الأسبوع الماضي في مجلة "لونوفيل أوبسارفاتور". لكن هذا الخبر لم تكن له تداعيات في الجانب الفرنسي فقط، فقد أثار بالمثل جدلا في الجزائر التي خرج فيها الأمين العام لمنظمة المجاهدين، السعيد عبادو، عن صمته، لينفي نفيا قاطعا في تصريح سابق ل«الخبر" مشاركة الجنود الجزائريين في الاستعراض، حيث قال إن ذلك "غير وارد ولا يستحق الحديث عنه أصلا". وسئل عبادو إن كان يمثل موقف منظمته أو السلطات الجزائرية، فأجاب سائله: "قلت لك إن الجزائر لا يمكنها تلبية دعوة المشاركة في هذه الاحتفالات، مادام ملف تجريم الاستعمار يظل مفتوحا بيننا وبينهم (الفرنسيين). المشاركة في احتفالاتهم تكون في حالة واحدة فقط، هي عندما تكون علاقاتنا الثنائية عادية، وهي حالة لن تتحقق إلا بالاعتذار على جرائم الاستعمار والتعويض عن كل الخسائر التي لحقت بنا من احتلالهم، بشريا وماديا، وحتى الخسائر التي تكبدتها الطبيعة والحيوان في أرضنا. وليكن هذا الأمر واضحا للفرنسيين". وعادة ما تؤخذ تصريحات عبادو فيما يخص ملف العلاقات التاريخية مع فرنسا، الطابع الرسمي نظرا لثقل منظمة المجاهدين التاريخي وطابعها الرمزي المميز، حيث تعرف بالمنظمة الأم في الجزائر، رغم أن هذه المنظمة التي يرأسها مستقلة عن السلطات الرسمية، إلى جانب أن السعيد عبادو شغل منصب وزير المجاهدين في الدولة وله علاقات واسعة في دواليب السلطة. وإذا ما تأكد خبر وزير الخارجية الفرنسية من قبل السلطات الجزائرية، فإن ذلك سيشكل حرجا شديدا لرئيس منظمة المجاهدين، وسيجبر على اتخاذ موقف صريح قد يصادم لأول مرة الموقف الرسمي، لأن مشاركة الجنود الجزائريين في استعراض الشانزيليزي سابقة منذ استقلال الجزائر، وتؤشر بتحول تاريخي في تعاطي السلطة في الجزائر مع القضايا التاريخية التي كانت إلى وقت قريب مصدر التوتر شبه الدائم بين الجزائروفرنسا.