يقولون لك: اتق شر من أحسنت إليه!!... لماذا أتق شر من أحسنت إليه؟ أليس في هذا معاكسة للمنطق والذوق السليم؟ أنت تُحسن إلى إنسان ما، سواء بقصد أو بدون، والمنطق السليم يقول بأن هذا الذي أحسنت إليه، سيحتفظ لك بالجميل والإحسان لكي يرده إليك بأحسن مما قدمت له وأجمل.. فكيف تريدني أن أحذر منه وأن شراً قد يتطاير منه نحوي؟ هذا مثل يتداوله كثيرون في أحاديثهم.. ولي وقفة معه. أول ما يجب التنبيه إليه أن هذا المثل يعتبره كثيرون على أنه حديث للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد قال علماء الحديث بأنه ليس حديثاً بل ربما ينسب إلى أحد من السلف، وقد قاله في حادثة معينة، فاختلط الأمر بمرور الزمن على الناس فظنوه حديثاً. الإحسان أمره عظيم وهو مطلوب ومحمود على الدوام .. وقد سُئل النبي الكريم في حديث جبريل عن الإحسان.. قال: "فأخبرني عن الإحسان"، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.. وفي هذا دلالة على رقي وعظم مرتبة الإحسان، التي هي أعلى مراتب الدين وأشرفها، حيث اختص الله أهلها بالعناية وأيدهم بنصره في قوله تعالى (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون). نحن المسلمين مطلوب منا الإحسان في كل شيء، لاعتقادنا الجازم أن الإحسان من الدرجات العليا من الإيمان، ولأن من يحسن منا تعاملاته مع الغير فكأننا نعبد الله ونحن نراه وليس هو يرانا فقط.. فأية منزلة هذه؟ وأي شعور هذا؟ لاشك أنه شعور راق ومنزلة عالية، فكيف ندعو إلى اتقاء شر من أحسنَّا إليه؟!