لا أسواق باريسية ولا"باتيميتال" ولا هم يحزنون عجزت الحكومة في القضاء على مظاهر التجارة الفوضوية وتجسيد مشاريع أسواق باتيميتال التي وعدت بتجسيدها منذ سنتين، فيما لا يزال نمط الأسواق الباريسية الذي قيل عنه الكثير مجرد حبر على ورق. لم تتمكن الحكومة من طي ملف القضاء على التجارة الفوضوية بشكل نهائي، بعد مرور سنتين على تطبيق المخطط الميداني، حيث عادت الطاولات والعربات والشاحنات لتحتل الأرصفة والطرقات.. كما تحوّلت الفضاءات التجارية التي استحدثتها البلديات إلى مجرد بنايات خالية من المواطنين بسبب سوء التخطيط للنشاطات التجارية التي تضمها أو لكونها في مناطق شبه معزولة. ميدانيا، أخلّت السلطات المعنية ممثلة في وزارتي الداخلية والتجارة في تجسيد المخطط الاستعجالي المسطر عقب إصدار تعليمة أعطت الضوء الأخضر لمصالح الأمن بشن حملة على التجار غير الشرعيين، حيث تم الشروع في إنجاز عشرات الأسواق الجوارية على مستوى مختلف ولايات الوطن وبالأخص منها المدن الكبرى على غرار العاصمة ووهران وقسنطينة وسطيف وعنابة البليدة، من طرف شركة باتيميال، حيث حدد أجل تسليمها بستة أشهر، لكن الواقع يوحي أن مختلف المشاريع تجاوزت السنتين ولم تسلم وأخرى لم تنطلق بتاتا. بالعاصمة مثلا عجزت مصالح ولاية الجزائر عن فتح الأسواق الجوارية على غرار سوق بن عمر وباب الزوار، والجرف، والرغاية ورويبة، إلى جانب بلديات أخرى لا تزال تنتظر استلامها، ما جعل عشرات الشباب المطرودين من المساحات التي كانوا يشغلونها يحتجون، كما أجبروا على العودة بقوة لممارسة نشاطهم بطريقة فوضوية في ظل عدم وجود نية من قبل السلطات للقضاء عليها نهائيا، بينما يبقى سوق بومعطي اللغز المحير بعدما تأخر انطلاق الأشغال رغم وجود الأرضية المخصصة له، ما يجعل القضاء على التجارة الموازية هدفا يصعب تحقيقه. وما يسجل في هذا الإطار غياب "الأسواق الباريسية" التي وعدت بها السلطات لتكون الفضاء الذي يجمع التجار من أجل عرض بضائعهم في فضاء مفتوح عبر الأحياء، يكون منظما بالشكل الذي يسمح لهم بعرض ما يلزم في وقت محدد، وتكون العملية مؤطرة من طرف المصالح البلدية. وبلغة الأرقام، تحصي وزارة الداخلية 2500 نقطة بيع سوداء تشغّل 200 ألف شخص، ما حوّل المدن إلى "بازار" كبير، يكبد خزينة الدولة خسائر تقدّر ب400 مليار سنويا بسبب التجارة الموازية. في الموضوع، يرى الناطق الرسمي لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين الحاج الطاهر بولنوار أن فشل تطهير الاقتصاد من السوق الموازية، مرده عجز السلطات المحلية وغياب تام لأدائها الاقتصادي والتنموي، فضلا عن نقص في الأسواق الجوارية التي تشهد عجزا يقدر ب 1000 سوق جواري عبر الوطن، فضلا عن غياب رؤيا واضحة ودراسات موضوعية عند تجسيد مشاريع أخرى بدليل تعرض عشرات الأسواق التي التهمت الملايير للإهمال، على غرار ما هول حاصل بسوق الحراش للبيع بالجملة وأخر بمليكة قايد، إلى جانب سوق الخروبة ببومرداس، وانتقد بولنوار في اتصال هاتفي مع "الشروق" أداء رؤساء البلدية الذين عجزوا عن إيجاد حلول فعالة، معتبرا أن غالبيتهم لا يفقهون معنى الأسواق الباريسية.