نشرت : المصدر الشروق الجزائرية السبت 26 سبتمبر 2015 10:00 م يمض أسبوعان على حادثة سقوط الرافعة بالحرم المكي التي خلفت أكثر من مئة قتيل، حتى استيقظ الحجاج الميامين وعائلاتهم على فاجعة أليمة ومأساوية أخرى بمشعر منى، أخذت معها أكثر من 700 حاج و863 جريح. والأكيد أنها ستبقى محفورة في ذاكرة حجاج 2015 بعد أن حولت عيد الأضحى إلى يوم أسود. كانت الساعة تشير إلى التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي للمملكة العربية السعودية عندما كان الحجاج الميامين شعوبا وقبائل جمعهم الإسلام يهمون بخطوات ثابتة.. يكبرون ويهللون لله تعالى ودموع الفرحة تغمرهم لوجودهم في أنقى نقطة من بقاع العالم ولسانهم ينطق: "الله أكبر.. الله أكبر ولله الحمد ولا إله إلا الله.."، وأيديهم مرفوعة إلى السماء تضرعا للمغفرة لأنفسهم ولعائلاتهم... غير مدركين أن الأقدار والأمتار التي سيخطونها وهم متوجهون إلى منطقة رمي الجمرات بشارع 204 في مشعر منى ستكون الأخيرة.. وسيختارهم الله ليكونوا بجواره في يوم عظيم.. عيد الأضحى المبارك. يوم انتظروه طويلا.. رجال ونساء، شيوخ وأطفال جاؤوا من كل فج عميق لأداء فريضة الحج آملين في الرجوع إلى بلدانهم كلحظة ولدتهم أمهاتهم وبقلوب تعكس لباس إحرامهم الأبيض.. لكن لحظات قليلة حولت شارع مشعر منى إلى مأتم ويوم أسود.. بسبب التقاء فوجين من الحجاج كانوا عائدين من رمي الجمرات قبل أن تسقط نتيجة التقاء المجموعة المغادرة مع القادمين صوب مكان الرجم، تعرضوا على إثرها للدهس من قبل الحجاج حتى الموت. روايات بعض الحجاج ممن عايشوا الحادثة، تُصور وقع الفاجعة التي لم تكن في الحسبان.. فلا صوت يعلو فيها على التكبيرات والصراخ والعويل من هول حادثة التدافع والزحمة التي كانت النجاة منها أشبه بمهمة مستحيلة.. فلا أحد يستطيع الفرار من الآخر، في مشهد مروع لم يجد حجاج بيت الله فيه من مغيث سوى النطق بالشهادتين، فهرولوا من كل الأماكن لكن المأساة كانت أكبر، وأحدثت صدمة في العالم الذي راقب تفاصيلها غير المكتملة على شاشات التلفزيون. واختلفت الآراء بين من اعتبرها قدرا من الله وبين من حمل السلطات السعودية جانبا منها.. فكيف للحادثة أن تتجدد بعد ربع قرن في خضم التطور الذي يعشيه العالم. وسط أقاويل ترجع أسباب الحادثة إلى مرور موكب رسمي، لكن الرياض تنفي ذلك طبعا. وتضيف روايات بعض الحجاج أن المشهد كان تراجيديا بأتم معنى الكلمة، خاصة أن التدافع وقع عند مدخل الجمرات وبالتحديد عند تقاطع شارع 204 بمنى مع شارع 223. ولعل أسوأ ما في الفاجعة صور جثث الحجاج وهي مفترشة على الأرض في صفوف طويلة ودماؤهم تغمر المكان، وعائلاتهم فوق رؤسهم تبكي على فراق الأحبة لكن ما يخفف آلامهم أن الموت كان في أطهر منطقة.. صور هزت العالم الإسلامي وتم تداولها عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي في ديكور محزن.. لم يكن التنظيم فيه على مستوى فريضة الحج ليبقى مشعر منى النقطة السوداء التي تؤرق الحجاج وترعب المنظمين في المملكة.