بكل سعادة نقابل كريم زياني في كل مرة على صفحات "الهدّاف"، سواء كان ذلك في الجزائر، فرنسا أو ألمانيا وحتى في مناطق أخرى، دائما ما كانت لقاءاتنا به مهمة خاصة أن اللاعب معروف بصراحته الكبيرة. وحديثه المباشر والمتميز بذكاء حاد، هذه المرة زرناه في مكان إقامته بمدينة كايزري وفي شقته الفخمة التي وضعتها إدارة النادي التركي تحت تصرفه في الطابق الرابع "بليراس إيفلري" مدخل "أ"، الذي يقع في أفخم حي في المدينة والمسمى "كايزري بارك". عندما يكون مرتاحا، زياني يسحر وفيًا لقيمه، لم يرد كريم زياني الكشف تماما عن حياته الخاصة وقال: "حياتي الشخصية لا تعني أحدا، أعيش مثل الناس جميعا ولا يوجد أي داعي لأكشف كيف أعيش في بيتي"، مؤكدا دائما أنه يضع مسافة بينه وبين وسائل الإعلام التي تملك شعبية كبيرة ومعروفة باحترامها لدى الجميع، كما أنه يعرف الحديث جيدا عندما يكون مرتاحا ويتحدث معك في ظروف جيدة، وهذا لا يحدث إلا إذا كان يتمتع بثقة كبيرة في النفس، وهنا يبدأ الحديث على وقع الغليان الذي يشعر به في دمه والذي يجري في عروقه خاصة فيما يتعلق بالجزائر ومصلحة المنتخب الوطني، والتي يصنفها فوق كل اعتبار. تفكيره يشد الانتباه وقبل أن نجلس معه في حوار مطول، طلب منا كريم زياني أن ننسى الليلة التي قضيناها سويا قبل اليوم الموالي الذي أجرينا فيه الحوار، حيث طالبنا بنسيان العمل الصحفي والجريدة وكل ما يتعلق بالعمل، حيث أمضينا معه وقتا رائعا بعيدا عن كل البروتوكولات في حديث مفتوح على المواضيع ودون توقف، وهو ما جعلنا نكتشف حقيقة كريم زياني وطباعه العالية وكذا كرمه وصراحته، بطبيعة الحال دون أن نكشف ما دار بيننا من حديث في تلك الجلسة نؤكد لكم بأن كريم زياني ليس قائدا للخضر بمجرد الصدفة، ولم يتردد لحظة واحدة في سرد الأمور بواقعية وقسوة نوعا ما لكن بطريقة صائبة وهو ما جعل تفكيره يشدنا. وطني، مُحترم وشرف الجزائر فوق كل اعتبار ولم نسجل الحوار المطول الذي أجريناه معه حتى في اليوم الموالي، حيث جلسنا مع زياني وجها لوجه في الوقت الذي بقي فيه وفيا لكل مواقفه وعلى جميع المستويات، وحتى نفهم لماذا يكنّ له الجمهور الجزائري كل هذا الحب والتقدير، علينا أن نضع في الحسبان ثلاثة عوامل مهمة لمتابعة طريقة تفكيره والاحتفاظ بها في الذاكرة، ويتعلق الأمر بوطنيته، الاحترام وشرف الجزائر الذي يضعه فوق كل اعتبار، ومن هنا تولد القيم الغالية التي يتمتع بها زياني. حديثه يدل على نضجه وخبرته الواسعة إنه كريم زياني المتفتح وخاصة الحذر الذي وجدناه في مدينة كايزري يومي الاثنين والثلاثاء المنصرمين، وهذا ما ظهر على تصرفاته وكذا في طريقة حديثه التي تتناسب مع عمره كشاب، وبدون تردد يمكننا الجزم بأن قائد "الخضر" نضج كثيرا، لكنه ما زال يعرف كيف يمازح صديقه المغربي نور الدين مرابط الذي يقاسمه نفس الغرفة في مركز التدريبات الخاص بالفريق، وهو ما يفسر ترافقهما الدائم داخل الملعب وخارجه، وهو ما جعل كريم يكتشف فيه بأنه من بين أحسن المدافعين، وهو ما جعله يحتج إن صح التعبير على عدم استدعائه لمنتخب أسود الأطلس. صداقة قوية تربط زياني ومرابط عندما ترى لصداقة التي تجمع بين زياني مرابط تتأكد بأنهما يتعاملان مع بعضهما البعض بشكل طبيعي ودون أي مقدمات، وهو ما تتأكد منه عندما تراهما يمازحان بعضهما البعض، عندئذ تتأكد بأن صداقتهما قوية مثل التي تجمع بين شعبي البلدين، وهذا على بعد أسابيع قليلة من الموعد المرتقب بين المنتخبين الشقيقين لكن دون أن تتجاوز الحدود، بلغة واحدة هي متانة الصداقة التي تربطهما. ----------- زياني يحب ممارسة الكرة داخل القاعة عند الفئات الشابة لم يخف كريم زياني حبه الشديد لممارسة كرة القدم داخل القاعة، حيث أفصح لنا بأنه عندما كان ينشط في الصفوف الشابة كان يتجه مباشرة إلى القاعة للعب مع أصدقائه بعدما ينتهي من التدريبات التي يقوم بها مع فريقه، وقال: "كنت كثيرا ما أفعلها لكن دون علم والدي الذي لم يكن يحب أن يراني ألعب خشية علي من الإصابات"، لكن ذلك لم يكن يمنعه من القيام بها، مؤكدا اليوم بأن الشباب لا يملكون القاعات كفاية للعب فيها، "علينا أن نساعد هؤلاء الشبان على التطور"، متمنيا أن تصل رسالته إلى المسؤولين. مرابط دائما يصطحب زياني معه إلى الطابق 10 عندما يتوجهان مساء إلى مقر إقامتهما للنوم، يتعمد الثنائي زياني ومرابط على التسابق للفوز بأحد التحديات بما أنهما يقيمان في مبنى واحد، والذي يتركز أساسا على من يسبق الى الضغط أولا على زر المصعد الذي يقودهما إلى منزليهما، حيث يتسابقان في كل مرة، وهو ما يتيح لمرابط الضغط على رقم 10 لاصطحاب زياني معه إلى غاية الطابق 10 أين يقيم قبل أن يجعل زياني يعود لوحده في المصعد إلى الطابق 4 مقر شقته، وقال: "أريد دائما اصطحاب زياني معي إلى الطابق 10 لأنني أريد أن يكون آخر شخص أتحدث معه قبل النوم". ---------------- زياني: "في المغرب سنكون بكل قوانا لتحقيق نتيجة إيجابية وإذا كانت لدينا حرارة الفوز لن يحدث لنا أي مكروه" "لو يطلبون رأيي عن حليش سأعرضه دون تردد على كايزري" "في تركيا سيتقاضى بوڤرة عشر مرات ما يناله في اسكتلندا" "في القاهرة عانينا من كل ضغوط العالم ليتم إقصاؤنا وصمدنا، إذن في مراكش..." "ليس عيبًا أن يحترف أي لاعب في قطر، لكن أنا شخصيا أفضل البقاء في أوروبا من أجل المنتخب الوطني" "كرة القدم تفقد نكهتها عندما تلعب أمام 4 أو 5 مناصرين مثلما هو الحال في قطر" "أوروبا بلد كرة القدم والأموال ليست كل شيء حتى تصبح ثريا" "أنصح بوڤرة أن يواصل اللعب في المستوى العالي بأوروبا لأن لديه إمكانات ليصنع أياما جميلة في أي فريق محترم وكبير" "كيف تريدون من منتخبنا أن يسجل ونحن لا نلعب بطريقة جيدة" "في تركيا بدأت أسترجع الطعم الذي لم أتذوقه لما كنت في ألمانيا، وهذا هو المهم" "لم يتسرب إلي الشك في فولفسبورغ، لأنني أعرف أنني بالعمل سأعود" "المشكل أنه في وقت ما، كانت لدي رغبة للعب في فريق آخر، ولكن لم تكن هناك اقتراحات مكتوبة وموثقة، وعندما لا تلعب بطريقة منتظمة مدة عام، الفرق التي تريدك تبدأ بطرح الأسئلة، وهو الأمر الذي أثار بعض الغموض" "من المهم أن نرى بوڤرة وبلحاج في 150 من المائة من إمكاناتهما مع المنتخب" "أتمنى أن يجد مغني بسرعة المنافسة الضرورية، وأنصحه بالانضمام إلى فريق ولو أقل من قيمته، حتى يتمكن من الحصول على وقت للعب" - منذ سنوات نراك تلعب مرات في وسط الميدان ومرات على الجانب، فأين تجد راحتك أكثر؟ -- كل شيء متعلق بطريقة اللعب حتى إن كنت أحب أن تمنح لي الحرية في اللعب حتى لما ألعب على الأطراف. - لا تحب أن تكون مكبوحا، أليس كذلك؟ -- لا أحب ذلك، لأنني أقوم بعملي الدفاعي دون مشكل وعلى أكمل وجه، في الساعة الحالية أعتقد أن المنصب الذي أحس فيه براحتي، هو رقم 8، وفقا لطبيعة نظام اللعب الذي يختاره المدرب، يمكنني أن ألعب وسط ميدان محوري، أهاجم، أدافع، هل ترى ماذا أريد أن أقول؟ أحب دائما أن تكون بحوزتي الكرة، لبناء اللعب، ولكن أستطيع التأقلم وفقا لحاجة الفريق ومتطلبات الخطة، مع التأكيد أيضا على حبي لامتلاك بعض الحرية خاصة في المحور الذي يبقى منصبي المفضل والذي أجد فيه راحتي. - ماذا تغير في طريقة لعبك مقارنة بما كان عليه الحال في ألمانيا؟ -- هنا حيث أتواجد اليوم، أنا بكل صراحة سعيد لأنني بدأت أسترجع الطعم الذي لم أتذوقه لما كنت في ألمانيا، وهذا هو المهم، لأنه ليس من السهل إيجاد المعالم بعد كل هذه الفترة الطويلة من الغياب. - هذا ما يقتل اللاعب، عندما لا يلعب كثيرا، أليس كذلك؟ -- لا أدري، ولكن في كل الحالات، يمكنني القول، إنه أيضا من الصعب استئناف المنافسة، لأن الأمور تكون صعبة، ثم تبدأ بطرح الأسئلة، الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينقذك، هو أن تكمل العمل دائما وفي كل الأوقات. - العمل، أو الجانب الذهني، هو الذي يمكنه إعادة الأمور إلى نصابها؟ -- إذا لم تكن قويا من الناحية الذهنية، لا يمكنك العمل كما يلزم ولن تتمكن من الوقوف على ساقيك، العمل يدفعك لتجاوز الأمر، ويمنحك القوة للذهاب إلى أقصى حد فتقف في وجه نقص المنافسة عندك. - هل أكملت مع فولفسبورغ تجربتك ببعض الشك؟ -- لا، ليس هكذا، لم يتسرب إلي الشك، لأنني أعرف أنني بالعمل سأعود، المشكل أنه في وقت ما، كانت لدي رغبة للعب في فريق آخر، ولكن لم تكن هناك اقتراحات مكتوبة وموثقة، وبعدها مع الوقت، تعرف أنك عندما لا تلعب بطريقة منتظمة مدة عام، الفرق التي تريدك تبدأ بطرح الأسئلة، وهو الأمر الذي أثار بعض الغموض بخصوص حالتي، الأمر يتعلق بشكل أخص بالفرق التي تريد لعب تحديات مهمة في مستقبلها. أفهمهم جيدا، لأنه ليس من السهل التعاقد مع لاعب لم يلعب منذ عام، لا تعرف حتى الحال التي سيلتحق فيها، بعدها وجدت كيزري سبور، مسيروه لم يشكوا في قدراتي، ومن يومها تخلصت من المرحلة السابقة. - بماذا تنصح لاعبا مثل مغني؟ -- بكل صراحة، أتمنى أن يجد مراد بسرعة المنافسة الضرورية، أنصحه بالانضمام إلى فريق ولو أقل من قيمته، حتى يتمكن من الحصول على وقت للعب. - ألا يقلل ذلك من شأنه باللعب في فريق أقل من مستواه واسمه؟ -- لا أبدا، لأنني متأكد أنه سيجد المنافسة الضرورية، ثم يجد طريقه ويصل إلى مستواه بعد إعادة الانطلاق إن شاء الله. المهم أن يضع قدميه في المكان الصحيح، المهم أيضا أن يعود للعب بطريقة منتظمة ومتواصلة، كل شيء سيتبع بعضه البعض، أفضل له أن يكون في فريق متوسط، على أن يكون في ناد كبير يجلس فيه على كرسي الاحتياط فيعرض نفسه لفقدان قيمته ومستواه، ويتأثر بالغياب عن المنافسة. - لاحظنا منذ سنوات ولا سيما الأخيرة منها أنه طرأ تغيير على طريقة لعبك، حيث صرت تركز أكثر على التمرير، عوض التسديد باتجاه المرمى رغم أنك كنت تفعل ذلك دائما؟ -- المشكل الذي لدي، هو أنني تعودت على البحث عن منح كرة هدف لزميل على أن أسدد باتجاه المرمى كما كنت أفعل من قبل، وأنا أشتغل دائما على هذا الأمر. صحيح أنني الآن أبحث كثيرا عن الوضعية المناسبة قبل القذف، رغم أنه في الكرة أحيانا لا يجب أن تطرح أسئلة قبل التسديد، فمن خلال هذه الطريقة أحيانا نتوصل للتسجيل، وكما قلت قبل قليل، عندما لا تلعب كثيرا يلزمك وقت لتسترجع كل مؤهلاتك، وفي اللقاءات الأخيرة، جربت بعض القذفات من بعيد، وأعتقد أن الأمور سارت بطريقة إيجابية، الغريب أنني أتذكر الفترة التي مررت بها في لوريون، تحديدا أول 6 أشهر، تأثرت قليلا، وبعدها انفجرت في الموسم الموالي، أنا لم ألعب منذ سنة، لا يمكنني أن أكون ميسي بمجرد عودتي، يلزم وقت لأجد كل إمكاناتي. - ما هو رأيك في اللاعبين الذين يفضلون التحول إلى قطر، مع أنه يمكنهم لعب بعض السنوات، في بطولات أوربية أكثر قوة؟ -- شخصيا، أمنع نفسي من اتخاذ حكم في حقهم، لأنني لا أعرف وضعيتهم، ولا الحالة التي يتواجدون فيها على كل المستويات، لا نعرف ما في أذهانهم، هل هو أمر متعلق بالدين، أو مسألة أموال، لهذا لا يمكن إطلاق أي حكم، هناك أيضا لاعبون أصغر من لاعبين آخرين من حيث السن. - نأخذ مثلا نموذج اللاعب مجيد بوڤرة، حيث تلقى عرضا من قطر رغم أنه يملك المؤهلات والقدرات التي تسمح له بمواصلة اللعب في مستوى أحسن، بالنسبة لك هل تعتبر البطولة القطرية أفضل حال؟ -- لا على الإطلاق، أقول إنها دون شك ليست الحل المثالي، صحيح لا يمكن إعطاء حكم دقيق، ولكن كرويا أقول بكل وضوح لا، كلنا نحترم البطولة القطرية التي تطورت كثيرا في السنوات الأخيرة، وستكون أفضل في السنوات القادمة خاصة مع إرادة الجميع في تطويرها، لكن يمكننا الجزم أيضا بأنها لم تصل بعد المستوى الموجود في أوربا، لهذا السبب أنصح مجيد بالمواصلة في البطولات الأوربية قبل الذهاب إلى قطر، لأن لديه إمكانات ليصنع أياما جميلة في أي فريق محترم وكبير. - ألا ترى أنه خيار انتحاري التحول إلى قطر، خذ مثلا نذير بلحاج الذي انتقل إلى هذه البطولة، ثم فقد مكانته الأساسية في المنتخب؟ -- إنه من الصعب الحديث عن أمر كهذا، لأنه مشوارهم بدرجة أولى، غير أن الحقيقة أنه من المهم أن نرى مجيد ونذير في 150 من المائة من إمكاناتهم مع المنتخب. - هل يمكن أن تكون هذه ال 150 من المائة من خلال اللعب في البطولة القطرية؟ -- لم لا؟ عندما تعمل أكثر يمكن أن يحصل هذا، ففي كل الحالات هي مسألة ذهنية بصورة أولى، لا أعلم إن كان هناك لاعبون ينشطون في البطولة القطرية، يذهبون للعب مع المنتخب بقوة كبيرة. - مثل عبد القادر كايتا لاعب كوت ديفوار مثلا؟ -- نعم، هذا مثال، وهناك بالمقابل آخرون لا يأتون بنفس القوة. - هل ستقبل اللعب في قطر؟ -- اليوم؟ لا، ولكن من السهل الحديث هكذا، لأنه غدا يمكن لفريق أن يمنحك عرضا يجعلك لا تحتاج شيئا في بقية حياتك، من الناحية المادية، مع العائلة والأبناء، هناك أناس يقبلون التنقل حتى كاليدونيا الجديدة لأجل 1000 يورو (يضحك)، نعم لأجل هذا المبلغ يذهبون لأبعد من هذا. - ولكن عندما يكون هناك اسم وسمعة، وخاصة احترام الشعب، سيكون من الصعب اختيار الأموال على حساب كل هذه العوامل أليس كذلك؟ لاسيما أن الإمكانية موجودة للمواصلة في أوربا مع احترام المناصرين. -- أنا شخصيا، لأجل المنتخب الوطني لن أذهب إلى قطر، مادامت قادرا على اللعب للمنتخب، أكررها مرة ثانية، ليس انتقادا أو تقليلا من قيمة البطولة القطرية، في أوربا المستوى مرتفع، لهذا إذا أردت أن تبقى في قمة مستواك عليك أن تواجه الأقوى، ودائما أفكر في المنتخب الوطني وأقول إن هناك دائما تحديات تنتظرنا، على هذا الأساس لا يمكنني الذهاب هناك في هذا الوقت، فمثلا خلال كأس العالم الأخيرة لم نمثل الجزائر فقط ولكن كل الدول العربية مجتمعة. = هذه التّشكيلة دخلت التاريخ من أوسع الأبواب، لكن تصور بعد سنوات من الآن، أن يقال عنكم أن هذه التشكيلة الأسطورية، لم تفز بأي لقب يذكر، وحتى لو لا يقال ذلك فلمصلحتكم أيضا وسمعتكم وصورتكم الطيبة أكيد أنكم الآن ستسعون إلى التتويج بكأس إفريقيا ولمَ لا الذهاب بعيدا فيها؟ == نعم، من المؤكّد أننا نبحث عن "الكان" من أجلنا نحن اللاعبين ومن أجل الجزائر أيضا، لكن علينا قبل ذلك أن نبحث عن التأهل أوّلا، لأن الوضعية الحالية توحي بأن المأمورية ستكون صعبة للغاية بالنظر إلى عدّة عوامل رئيسية، لكن إذا ما تأهلنا وفي حال ما جرت كأس إفريقيا في ملاعب جيدة، وظروف حسنة أيضا، سيكون لنا الوقت الكافي للتحضير للمباريات كما ينبغي، وسيكون حينها من الملائم جدّا الحديث عن الذهاب بعيدا في "الكان"، عكس ما نعيشه حاليا، لا نلتقي سوى مرة في ثلاثة أشهر، لا نمكث مع بعضنا البعض سوى ثلاثة أيام من أجل خوض مباريات هامة في ظروف صعبة. = اللاعب الذي يلعب في قطر ويفوز بالأموال لكنه في آن واحد قد يخسر حبّ الشعب، قد يفقد أيضا مكانه في المنتخب الوطني، ثم إن الأنصار صاروا لا يحبذون لاعبا يبحث عن الأموال على حساب المنتخب الوطني، ما رأيك؟ == لكن تصور معي لو أن لاعبا ما يتنقل إلى قطر وفي كل مرة يلتحق بالمنتخب الوطني يخوض مباراة كبيرة ويؤدي دوره على أكمل وجه، ما الذي سيقولونه؟ من الخطأ أن نحكم على اللاعب بالموت بمجرد ألا يلعب في أوروبا، لأن كل شيء ممكن في كرة القدم، لاسيما إذا ما نجح مع المنتخب الوطني. زميلي في المنتخب ندير بلحاج صحيح أنه فقد مكانته الأساسية منذ خسارتنا ضدّ إفريقيا الوسطى، والجميع أرجع هذا لأنه يلعب في قطر، لكنه لم يكن سيئا صراحة، وما أريد قوله هنا، أن لا أحد منا سيصبح سيئا بمجرد أن يلعب في بطولة قطر، أنظر إلى من يلعب هناك، عدد كبير من اللاعبين ممن خاضوا تجارب في أوروبا من قبل نجحوا في قطر، ولا زالوا حتى الآن يؤدون مشوارا طيبا مع منتخبات بلدانهم، هم يلعبون بانتظام في قطر، ويوفقون في مهامهم مع منتخباتهم. = وأنت شخصيًا لو كنت مكانهم هل كنت لتلعب هناك؟ == أنا في مكان هؤلاء وفي هذه الفترة الحالية التي أعيشها لا يمكنني أن ألعب في تلك البطولة، فالوقت أثبت أن أوروبا هي أفضل مكان للاعبي كرة القدم، هي أفضل مكان لكي يطور اللاعب إمكاناته، وثق أن قطر ليست الوحيدة من أجل الفوز في هذه الحياة، فبإمكاننا أن نلعب في أوروبا ونفوز بكل شيء، ونعيش حياة رغدة، اللاعب ليس في حاجة إلى أن يكون "ملياردير" حتى يكون سعيدا ومرتاحا من الناحية المادية. = هل بوڤرة باستطاعته أن يحقّق ذلك لو أنه يلعب في تركيا؟ == أكيد أنه سيربح أكثر مما هو عليه الحال في "رانجيرز". = لو ينضم مثلا إلى "قيصر سبور" فهل سيتقاضى أكثر مما يتقاضاه حاليا في "رانجيرز"؟ == صدقني سيتقاضى ضعف ما يتقاضاه في "رانجيرز" 10 مرات، لكن علينا ألا نقارن ذلك بقطر مثلا، لأن الأسعار هناك خيالية، فاللاعب في أوروبا مثلنا لا يمكنه أن يتقاضى ما قد يتقاضاه في قطر لو أنه ينضم إلى البطولة القطرية، من المستحيل صراحة، لكن الفرق بيننا أننا في أوروبا نتطور، نتقدم، نعيش جيدا أيضا، نتأقلم بسهولة كذلك، وأضيف لك شيئا مهما، أي لاعب يلعب مباراة في كرة القدم أمام ثلاثة أو أربعة مناصرين سيفتقد حلاوة ونكهة هذه الرياضة، ويفتقد أيضا الحماس فوق الميدان، فالفرق شاسع بين خوض المباريات لاسيما المحلية في ظل حضور الجمهور وخوضها من دونه، لذلك قلت لك أنا شخصيا أفضل البقاء في أوروبا حاليا. = ما هي النصيحة التي بإمكانك أن تسديها لبوڤرة مثلا؟ == أنصحه أن يواصل اللعب في المستوى العالي، إنه لاعب كبير باستطاعته التألق لفترة أطول في الملاعب الأوروبية، وهو قادر على تخطي عقبات أخرى، والوصول إلى فرق أخرى أكبر، وعيش لحظات أجمل في المستوى العالي. = في رأيك ما هي الوسيلة التي تمكّن المنتخب من تجاوز مشكل التنسيق والانسجام بين خطوطه الثلاثة في ظل قلة تواريخ "الفيفا" التي تتيح لكم فرص الملاقاة والتربص مع بعضكم البعض؟ == في رأيي الشخصي الحل أن يكون لنا لاعبون يلعبون في نفس النادي، كأن يكون لنا اثنان أو ثلاثة في كل نادٍ مثلا طيلة الموسم، الأمر سيسمح بخلق الانسجام فيما بينهم من دون أدنى شك، فمثلا أن يتقدّم فريقان إلى طلب خدماتك، ويكون لاعب جزائري يلعب ضمن أحد هذين الفريقين، فمن الأفضل أن تختار اللعب أين يلعب ابن جلدتك، حتى تعمل معه على خلق الانسجام طيلة موسم كامل، يا أخي طريقة تسيير المنتخب مختلفة تماما عن الأندية، والانسجام علينا أن نبحث عنه بطرق أخرى لا مع المنتخب في ظرف زمني قصير خلال الأيام القليلة التي نلتقي فيها. = وماذا لو أنكم تلتقون أنتم المحترفون فيما بينكم خلال تربصات قصيرة بأوروبا مرة في الأسبوعين؟ == لا يمكن أن يحدث ذلك، فبالنسبة لي مثلا، أن أتنقل إلى باريس سأكون في حاجة إلى يوم كامل من السفر، عليّ أوّلا أن أتنقل من هنا إلى "إسطنبول"، قبل أن أتحول إلى باريس، أنت ترى معي أن يومي سيضيع في المطارات، لذلك قلت لك أنه من المستحيل أن يتحقق ذلك، لكن تأكد أن ما اقترحته لن يحل مشكل الانسجام، فالمشكل ذهني بدرجة أولى، لأنّ كل واحد منا لو يضع في ذهنه بأنه مطالب بالتحلي بالشجاعة، واللعب من أجل الفوز ولا بديل عنه، والرغبة الملحة في تحقيق الفوز، فأضمن لك أن لا مشكل سيواجهنا وأننا قادرون على تحقيق العديد من الأشياء الإيجابية، أنت تذكر كيف وصلنا إلى كأس العالم، لقد واجهنا أفضل منتخب في القارة السمراء، لقد واجهنا المتوج بالكأس الإفريقية في ثلاث مناسبات متتالية، ونجحنا في دحره مرتين من ثلاث، كما نجحنا في إقصائه خلال مباراة فاصلة، الأمر لم يحدث صدفة، ولو تذكر فإن المصريين كانوا أفضل منا من حيث طريقة اللعب والانسجام بين خطوطهم الثلاثة، لكننا عندما نرغب في تحقيق الفوز، نحقق ذلك بفضل الإرادة التي نتحلى بها في كل مرة. = منتخبنا يمتلك العديد من الفرديات، غير أنه لا يسجل منذ فترة زمنية طويلة، والأمر صار يؤرّق الجزائريين كثيرا... == كيف نسجل ونحن لا نلعب جيدا؟ علينا أن نعترف أننا في الفترة الأخيرة صرنا لا نلعب بطريقة جيدة، لذلك فمن المنطقي ألا نسجل أهدافا كثيرة.