نشرت : المصدر جريدة الشروق الثلاثاء 22 ديسمبر 2015 09:33 لا تزال تجارة المفرقعات في الجزائر بمثابة اللغز المحير..، فبالرغم من حظر تسويق هذه المواد منذ سنة 1963 وتشديد العقوبات مؤخرا على تجارها، والتي تصل إلى 10 سنوات سجنا وغرامات بالملايير، غير أن المفرقعات باتت تسوّق على طول السنة، وتستعمل في الأفراح والحفلات والملاعب..، ومع حلول كل مولد تفتح أسواق الجملة الخاصة بهذه المواد على غرار "جامع ليهود" والعلمة .. والتي تمون السوق بكميات هائلة من المواد المحظورة والقاتلة التي تغزوا الشوارع وتباع بكل حرية وعلى مرأى المسؤولين وأعوان الأمن..والسؤال الذي يبقى مطروحا "لماذا تغمض السلطات عينيها عن تطبيق القانون على تجار وبارونات المفرقعات..؟" عقوبات تصل إلى 10 سنوات سجنا وغرامات بالملايير القانون الجزائري يساوي بين المفرقعات والمخدرات والأسلحة يعاقب القانون الجزائري على تجارة المفرقعات وإلقائها في الشارع واستعمالها لترويع الناس وتخويفهم منذ سنة 1963، حيث ينص المرسوم رقم 63-291 المؤرخ في 2 أوت 1963 القاضي بحظر صناعة وبيع المفرقعات والألعاب النارية على أن صناعة واستيراد و بيع المفرقعات وجميع الألعاب النارية محظور داخل التراب الوطني، كما يقضي ذات المرسوم بحظر إلقاء المفرقعات في الطريق العمومي. وبالرغم من تشديد العقوبات مؤخرا على تجار المفرقعات، حيث تتراوح العقوبات بين 05 و10 سنوات سجنا وغرامات تصل إلى الملايير، وهي نفس العقوبات المسلطة على مستهلكي وتجار المخدرات والأسلحة البيضاء، غير أن الترويج للمفرقعات في الجزائر تبقى جريمة دون عقاب، ما شجع على كثرة تجارها الذين يتجاوز عددهم عشية المولد النبوي الشريف 30 ألف تاجر غير شرعي. وفي هذا الإطار أكد المحامي حسان براهيمي في تصريح ل"الشروق" أن القانون الجزائري يصنف المفرقعات في خانة المواد المهربة والممنوعة، والتي تصل عقوبتها إلى 10 سنوات سجنا وغرامات بالملايير، وأضاف أنه وقف شخصيا على قضايا محاكمة أحد المواطنين الذي كان يحمل معه مفرقعات اشتراها لأولاده، حيث صدر في حقه حكما بسنتين سجنا نافذا، وأضاف محدثنا أن عقوبة المفرقعات تختلف من المستورد إلى التاجر إلى المستهلك، حيث يصنف القانون مستورديها في دائرة المهربين لمواد ممنوعة ومحظورة وتصل عقوبتها 10 سنوات سجنا وغرامات تمثل ثلاثة أضعاف السلع المحجوزة ووسيلة النقل. وبيّن محدثنا أن حمل المفرقعات يمثل حمل مادة محظورة مثلها مثل الأسلحة البيضاء والمخدرات والممنوعات، وهذا ما يجهله الكثير من الجزائريين الذين يشترون لأطفالهم المفرقعات والذين يمكن أن يذهبوا ضحايا تطبيق القانون.
بعد عجز السلطات عن مراقبتها.. بلنوار: نطالب بالترخيص لتجارة المفرقعات..! استغرب رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، الحاج الطاهر بولنوار، من تعامل الدولة مع ملف تجار المفرقعات في نقاط البيع المعروفة، والتي برغم منعها والعقوبات المفروضة قانونيا على تجارها ومستورديها إلا أنها تباع جهارا نهارا، مشيرا أن هذه السوق يحتكرها مابين 5 إلى 10 بارونات، داعيا السلطات لتقنين تجارة المفرقعات، فكما هو معلوم أن القانون يحظر استيرادها وتسويقها، فمصالح الحماية المدنية في كل سنة تحصي عشرات الجرحى رغم منعها، ويزداد الطلب عليها في مواسم الأعياد والحفلات والمولد ويتم إدخالها عن طريق الموانئ أو التهريب لأن هامش الربح فيها كبير جدا، فالمستورد يشتريها بسعر زهيد ويعيد بيعها بثلاثة أو أربعة أضعاف سعرها الأصلي، وكشف رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين أن حجم سوق المفرقعات قدره 20 مليار دينار، وأرباحها تفوق 10 ملايير دينار، مشيرا إلى أن أغلبها صينية الصنع، وهي منخفضة جدا فتكاليفها لا تتجاوز 30 دج، وتباع ب 100 دج، وأردف المتحدث أن الكثير من البلدان ترخص لتجارة المفرقعات لذا بات من الضروري جدا القيام بذلك أيضا بوضع قائمة للألعاب المسموح بها ونشر ثقافة استعمالها، فالكثير من البلدان يتم الاحتفال بها ولا تشكل أدنى خطر، وذكر بولنوار أن الرقابة تم تشديدها على مستوى الموانئ فالكميات الموجودة هذه السنة أقل مما كانت عليه العام الماضي، إلا أنه يستحيل منعها في ظل وجود الأسواق الموازية التي تشجع على بيع المنتجات الممنوعة، المسروقة والمهربة لذا يستحيل العثور على محل تجاري يبيعها، وحدهم التجار الفوضويين يبيعونها على طاولاتهم.
تجارها ينشطون بحرية على مرأى السلطات مفرقعات "داعش" تغزو شوارع وهران وإصابات بالجملة البداية كانت مع أحياء مديوني والحمري الساخنة، حيث صادفنا خلال رحلتنا القصيرة شباب في عمر الزهور، يتخذون من الزوايا مراكز مراقبة، وكأنهم يحضرون لشن معارك، والغريب في كل ذلك أن هناك أطفال انضموا لتلك المجموعات، مهمتهم هي تحديد أماكن تواجد العدو مثلما يسمونهم وهم أصدقائهم في الضفة الأخرى من الحي، ولم يجد هؤلاء حرجا في تسمية أنفسهم بالتنظيم الإرهابي الخطير"داعش" بالنظر لشدة القصف الموجه نحو الخصوم، وتبدأ المعركة بعد تخييم الظلام، والتي تقوم على عامل المباغتة والرشق المكثف، حيث يتم توجيه الصواريخ التي هي عبارة عن ألعاب نارية نحو الهدف، فعوض أن توجه للسماء يتم توجيهها للزوايا التي يكون فيها الهدف، وكثيرا ما تكون الإصابات بليغة تصل لحد الحروق مثلما وقع السنة الماضية، ومع ذلك لازال الشباب المتهور يجد متنفسا ومتعة في ممارسة هاته الألعاب الخطيرة.
المفرقعات وسيلة للتحرش بالفتيات؟ أما بأحياء الصباح والياسمين فالمعتقد يتغير، حيث تتحوّل تلك المفرقعات والألعاب النارية، إلى أداة للتحرش بالمارة وترويع النسوة لاسيما اللواتي يرتدين ألبسة مكشوفة، بحيث تكن عرضة للرشق بالمفرقعات وتصوير لحظات الهجوم عليهن، ثم بثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يخلف في الكثير من المرات حالات إغماء وصدمة يصبحن الفتيات ضحايا للهجوم.
السينيال سلاح العصابات الجديد للسيطرة على الشجارات الدامية وإذا كانت المفرقعات في غالب المرات وسيلة للتسلية والترفيه بين شباب الأحياء، فهناك من حوّلها لسلاح في الشجارات الجماعية الدامية، حيث يتم الاستعانة في الكثير من الأحيان بما يسمى "السينيال" وهي إشارات ضوئية تعتمد عليها السفن لتطلب النجدة، حيث سقطت في أيدي عصابات إجرامية، ورغم غلاء سعرها الذي يفوق ال20 ألف دينار، إلا أن ذلك لم يمنع تلك الجماعات من شرائها واستعمالها في حرب الشوارع، وقد تمكنت مصالح الأمن بوهران في عدة مناسبات من حجز تلك الألعاب النارية بعد توقيف أفراد العصابات، وهو ما يؤكد أن تلك الألعاب تحوّلت من الهزل والطرفة إلى الإجرام والعنف.
أئمة الجزائر يجمعون: المفرقعات حرام أكد الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، الشيخ جلول حجيمي، عدم جواز إحياء ذكرى مولد النبي عليه السلام بالمفرقعات والألعاب النارية لما فيها من خطورة على سلامة المواطنين قد تودي بحياتهم، مشيرا أن إظهار الفرح بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم جائز، ويكون بأساليب متعددة بعيدا عن الإسراف والتبذير، فالملايير التي تحرق في هذه الليلة والبيوت والسيارات التي تتضرر من هذه المفرقعات لا أصل لها في الدين، مشيرا أنه بالإمكان إظهار الفرح بمولد خير الأنام بأسلوب حضاري راق وتذكر عظمة النبي صلى الله عليه وسلم. من جهته، رفض إمام مسجد التقوى بالشراقة ونائب رئيس لجنة الإفتاء، الشيخ عبد الحميد زبيري، صرف المال الذي أعطاه المولى عز وجل للإنسان لإنفاقه فيما يرضيه ونهى عن الإسراف والتبذير، لذا فهذه الاحتفالات بالمفرقعات بدعة بإجماع الأئمة، فالاحتفاء بذكرى مولد خير الأنام لا يكون بهذا الشكل الذي هو عليه في مجتمعنا، مضيفا أنها تكون بتذكر سيرته عليه الصلاة والسلام واسترجاع سيرة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، أما هذه الألعاب فهي دليل على عدم حب النبي ولو كانت هذه الاحتفالات جائزة لاحتفل بها النبي.
التجار يؤجرون طاولاتهم ب02 مليون للأسبوع "جامع ليهود" أكبر سوق للمفرقعات ينشط بحراسة أمنية يعد حي "جامع ليهود" بالقصبة القلب النابض لتجارة المفرقعات بمختلف أنواعها في الجزائر، حيث تتحول السوق الممتدة من جامع كتشاوة جنوبا إلى السوق المغطاة شمالا إلى مسرح كبير يضم طاولات بيع المفرقعات مع اقتراب المولد النبوي الشريف، كما يعتبر من بين الأسواق المفضلة لبائعي هذا النوع من المواد والألعاب النارية، وتعد الوجهة المفضلة لشبكات التهريب بالرغم من الرقابة الشديدة، التي تفرضها مصالح الأمن على هذا النوع من المواد، إلا أن حركة الزبائن والبائعين على حد سواء لا تهدأ في جامع ليهود... الشروق وفي جولة استطلاعية قادتها إلى أهم سوق للمفرقعات على مستوى الوطن، لاحظت انتشارا مكثفا لطاولات بيع المفرقعات والألعاب النارية، التي امتدت على طول حي "جامع ليهود" الذي تحتضنه القصبة العتيقة بالعاصمة، وبالرغم من تجريم بيع هذا النوع من المواد، إلا أن البائعين عرضوا سلعهم بكل أريحية وهم ينادون على الأنواع الجديدة التي ضمتها طاولاتهم هذا العام بغية استمالة المزيد من الزبائن الذين التف الكثيرون منهم حول الطاولات يستفسرون عن الأنواع الجديدة وثمنها. وفي حديثنا إلى أحد البائعين تعرفنا على أهم الأنواع التي تدعمت بها سوق المفرقعات، على رأسها "بوق قالاكسي4" الذي يتجاوز سعره1700 دج، "الحنش"، "الشيطانة"، "الوردة"، "زربوط"، "الأرنب"، "المنقوشة"، "داعش" التي سميت كذلك نظرا لقوة تفجيراتها، وأسر لنا أحد البائعين أن هذه السوق التي تعد الممول الرئيسي لمختلف أحياء العاصمة تسيل لعاب الكثير من البائعين المختصين في بيع الأواني والخضر والفواكه وغيرها الذين يقومون بكراء أماكنهم وطاولاتهم لبائعي المفرقعات بمبلغ 20000 دج للأسبوع الواحد.
نائب رئيس المنظمة الجزائرية للمستهلكين سمير القصوري: تجار المفرقعات ينشطون برخصة غير معلنة أكد "سمير القصوري" نائب رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك أن تجار المفرقعات ينشطون برخصة غير معلنة، وهذا ما يجعل السلطات الرسمية والأمنية تتساهل معهم، لاقتران تجارة هذه المواد ببارونات وتجار يصعب التصدي لهم، وأضاف أن المفرقعات لا يمكن أن تسوق في محلات نظامية، بل في أسواق فوضوية، لذا يصعب التحكم فيها، إلا أنه يجب توفر الإرادة لدى السلطات المحلية لمحاربة باروناتها، حيث كشف عن تسامح وتسريح غير مباشر من طرف هذه الأخيرة، حيث تباع على مرآأى أعينهم في الطرقات، دون منحهم أوامر للسلطة التنفيذية التي تتمثل في رجال الأمن من أجل منعهم. وكشف محدثنا أن الجزائريين سيقومون بإنفاق 15 مليار سنتيم في اقتناء المفرقعات ليلة المولد النبوي الشريف، حيث أنه بالرغم من تجريم بيع هذه الأخيرة، إلا أن حوالي 5 ملايين عائلة ستنفق ما معدله 3000 دج، حيث سيقوم 2 من 3 أفراد باقتناء المفرقعات بكميات قليلة.