غلاّم عبد الله الرئيس الذي كان وراء التحاق المدرب وحيد حليلوزيتش بالمغرب بعد 3 سنوات من البطالة، وضع فيه ثقته ومنحه زمام أمور الرجاء البيضاوي رغم معارضة بعض المسيرين، ونجح الرجل في رفع التحدي وكان في مستوى الرهانات، وقد اتصلنا بعبد الله يوم أمس فاستقبلنا بكل ترحاب وأحسسنا في نبرة كلامه أنه يكن حبا كبيرا للمدرب الفرانكو – بوسني الذي تمنى له النجاح مثلما يتمناه للمنتخب الجزائري.. مساء الخير، السيد عبد الله معك صحفي من جريدة “الهداف” الجزائرية، ونريدك لبعض الوقت إذا لم تكن منشغلا؟ مرحبا بكم وبكل الإخوة الجزائريين، هذه المرة الثانية التي يتصل بي إعلامي من الجزائر، أكيد أن الموضوع يتعلق بالمدرب الجديد للمنتخب الجزائري وحيد، الذي عمل معي في سنوات التسعينيات وترك بصمته من خلال مروره على الرجاء، وإلى اليوم لازالنا نتذكره بخير، ونحنّ إلى تلك الأيام. ما دامت قد عرفت الموضوع الذي نريد أن نتحدث فيه، هل لك أن تصف لنا شخصية وحيد حليلوزيتش منذ أن عرفته سنة 1997؟ عرفته في سنوات التسعينيات، هو مدرب رائع، وإضافة إلى ذلك إنسان له مبادئ، وشخص متخلق، أي فريق يمشي معه مثلما يريد هو وليس مثلما يريد اللاعبون، جاءنا من فرنسا أين كان يدرب فريقا في القسم الثاني، عمل بإخلاص ووفقه الله فرفع كأس عصبة (يقصد رابطة) أبطال إفريقيا بنسختها الجديدة، فكنا أول فريق إفريقي يحملها بهذه التسمية الجديدة سنة 1997، كما قلت لك كملخص لشخصيته هو إنسان لا يؤمن إلا بالعمل، يعرف كيف يضع اللاعبين عند حدهم، ويعرف في الوقت نفسه حدوده مع المسيرين، لهذا لم نر منه ما يسوؤنا فكانت علاقتنا مبنية على الاحترام المتبادل. بعد كل هذا المدح هل يمكن أن تعتبره بما أنك رأست الرجاء البيضاوي عدة مرات أفضل مدرب عملت معه؟ بكل صراحة نعم هو أفضل مدرب على الصعيد العملي، وكإنسان فقد نجح في الاتجاهين. هل صحيح أنه كان يتدخل حتى في الأمور الشخصية للاعبين، مثل قصات الشعر واللباس؟ بالفعل كان يلوم البعض منهم خاصة الشبان على هذه الأمور ولكن من دون أن يحرجهم أمام زملائهم، إضافة إلى هذا كان يفضل اللاعب المنضبط والمتخلق، كما أتذكر أنه كان يلح على اللباس الموحد بالنسبة الجميع، ويقيم الدنيا ولا يقعدها لو يخل لاعب بالانضباط، الشيء الجميل الذي أعجبني فيه أنه يؤمن بالنجوم الذين يصنعهم هو فقط، وليس بالنجوم الذين لهم أسماء، فكل شيء يقاس عنده بمعيار الميدان، وكم من لاعبين نجوم وضعهم على الهامش لأن آداءهم لم يكن يسمح لهم بأن يكونوا أساسيين معه، لا أحب أن أعطي أسماء ولكن أرجعوا للأرشيف وستجدون كل شيء. إذن لا يؤمن بالنجوم ويفضل الشبان؟ يؤمن بشيء واحد وهو العمل، وكما قلت لك، في التشكيلة الأساسية دائما يضع اللاعبين الأفضل في التدريبات ولا يهتم بأن هذا اسمه محمد و الآخر عمر، صديقه هو اللاعب الذي يتعب في التدريب ويقدم كل شيء، وبفضل هذه الطريقة تألق لاعبون وصعدوا بل تحول بعضهم إلى نجوم للكرة المغربية رغم أننا لم ننتظر منهم كمسيرين أن يحققوا شيئا لأن مستواهم كان يبدو لنا متوسطا. حسب معلوماتنا فإن هنري ميشال المدرب الفرنسي الذي كان على رأس المنتخب المغربي هو الذي عرض عليكم استقدام هذا المدرب، هل هذا صحيح؟ صحيح ما تقوله، هنري قال إنه مدرب ممتاز ونصحنا بتجريبه، وشخصيا وثقت في كلامه، وتوكلنا على الله، طلبناه فحضر ووقع العقد وشرع في العمل في كأس عصبة الأبطال الإفريقية، عندما بدأ مهمته كان الفريق في وسط الترتيب وأموره سيئة، غير أن التوفيق جاء معه، وتوجنا معه كما حصلنا على البطولة، وحقق الإجماع في أول موسم حط فيه رحاله بالمغرب. نريد أن نعرف كيف وضعتم ثقتكم فيه، واستقدمتموه خاصة أنه لم يعمل سوى في البوسنة وفي ناد متواضع في القسم الثاني الفرنسي، ثم قضى 3 سنوات في حالة بطالة؟ أنا سمعت نصيحة هنري ميشال الذي أشاد به كثيرا، ولا أخفي عليك بعد مرور سنوات طويلة على قدومه، أن بعض أعضاء مكتب التسيير كانوا ضده ولم يتحمسوا كثيرا بحجة أنه لا يملك سيرة ذاتية غنية، ولكن بعد قدومه وفق في عمله، وصار الكل ينادي باسمه، الآن بعد تجربته في كوت ديفوار أعتقد أنه تعلم أكثر واكتسب خبرات إضافية من شأنها أن تساعده في مشواره مع الجزائر وبالمناسبة أقول: “الله يوفقكم ويوفقه” لأن الجزائر ووحيد لهما مكانة خاصة في قلبي. ما هي الذكريات التي تحتفظ بها ولا تنساها مع هذا المدرب؟ هي ذكريات كثيرة وكلها سعيدة، سواء كمسيرة أو كمسير، وحيد الإنسان “تبارك الله”، شخص رائع يمكنه أن يؤثر في اللاعبين وحتى على شخصياتهم من خلال طريقته، ومن خلال العمل إنسان “خدام” يعمل بقلبه ويحب النجاح، عندما شاهدناه كيف يعمل لم نتفاجأ بما حققنا فيما بعد. في صيف 1998 غادر إلى ليل، لماذا لم تصروا على الاحتفاظ به؟ وقتها كنت قد غادرت الرئاسة وجاء أوسكار فيلون وإلا لما تركته يرحل (قالها مازحا)، فكيف يغادر وأنا الذي لا زالت أحتفظ بعلاقتي به إلى اليوم. تتبادلان الاتصالات إلى اليوم؟ تعاملنا منذ 13 أو 14 سنة ومع هذا نحن على اتصال إلى اليوم، هذا ما يؤكد القيم الإنسانية لهذا الرجل، وليس أنا فقط فحتى الجهاز الإداري في ذلك الوقت، وحتى بعض اللاعبين، منهم حتى من الذين أدخلهم بيت الطاعة و “رجعهم للصف” حيث كانوا في الأول يمتعضون منه، ولكن بعد مرور سنوات أصبحوا يقولون لولا وحيد ربما لما كان لنا هذا المشوار، ومن بين هؤلاء اللاعبين من يتصلون به حتى اليوم. هل صحيح أنه كان وراء انتقال لاعبين من الرجاء البيضاوي إلى نادي ليل الفرنسي عندما رحل إليه؟ نعم هذا صحيح أخذ معه صلاح الدين بصير وعبد الإله فهمي بعد مدة من إشرافه على هذا الفريق الفرنسي، فخدم أيضا الكرة المغربية. وحيد وصف أيضا ب “الديكتاتور” إلى أي مدى هذا الوصف صحيح؟ ليس ديكتاتورا ولا أي شيء من هذا القبيل، قولوا عنه كل شيء إلا هذا الوصف، وسأشرح لك لماذا، هو رجل طيب وقلبه أبيض، يصاحب دائما اللاعب الذي يتعب في التدريبات ولو كان عمره 17 سنة، يمنحه ثقته، واهتمامه ولا يعبأ بأصحاب الأسماء، الأمر الذي خلق تنافسا شديدا وجعل الكل يشقى في التدريبات، فريقنا مع قدومه أخذ بعدا جديدا، وتغيرت المفاهيم، هناك نجوم وجدوا أنفسهم على التماس أو في المدرجات، على كل حال من بين الأشياء التي يعرف بها أنه لا يقبل النقاش بشأن خياراته التكتيكية، يرسم كل شيء على السبورة ويمنح التوصيات ولا يتكلم مع أحد بعدها، كما أن ملامحه الصارمة تمنع أي لاعب من الاقتراب منه ليفهم لماذا لم يلعب (يضحك مطولا)، حتى نحن لا نناقشه وقد وضعنا خطا في الأمور الفنية التي تركناها له، وفي أمور الإدارة لم يكن يتدخل مع أنه كان يصر على النجاح وتوفر ظروفه. هل ترى أنه المدرب المناسب لمنتخب الجزائر؟ أنا أتكلم عن تجربتي معه وأقول إنها كانت موفقة 100 بالمئة وكما يقال “الله يرضى عليه“، وفق معرفتي بطبيعته ومستواه، أعتقد أنه قادر على النجاح، وأتمنى له ذلك، الجزائر اختارت مدربا كبيرا له مستواه، وبعد الخبرة التي اكتسبتها في كوت ديفوار خاصة في أدغال إفريقيا لا أعتقد أنه يخشى شيئا اليوم، وفروا له ظروف النجاح وسيقود المنتخب الجزائري إلى بر الأمان. المنتخب الجزائري مفكك في الوقت الحالي، ما هي الإضافة التي تتوقع أن يمنحها؟ سعيد النظام إلى البيت، يفرض الانضباط، لن يتلاعب مع من يعتقدون أنفسهم نجوما، في وقتي كان يقول دائما: “من يظن أنه نجم ومكانه أكبر من هذا الفريق يحمل حقيبته ويغادر، لأنني أنا أيضا لا أريده”. شكرا لك وبماذا تختم السيد عبد الله؟ شكرا لأنكم تذكرتموني، وبلغوا تحياتي إلى وحيد، أتمنى له التوفيق وللجزائر، وحيد مدرب كبير وعندما ينجح مع جارنا وشقيقنا المنتخب الجزائري سأكون من أكثر الناس سعادة.