جمال السلامي اللاعب الدولي المغربي السابق وقائد الرجاء البيضاوي عندما توج بكأس رابطة أبطال إفريقيا 1997، كما كان عنصر التواصل بين اللاعبين والممرن وحيد حليلوزيتش، يتذكر تلك الأيام بحنين شديد، ويذكر المدرب الجديد ل “الخضر” بكل خير. ويرفض السلامي أن يوصف المدرب بالمستبد، مشيرا إلى أن أهم شيء في هذا الرجل قلبه الكبير، الذي جعل علاقته باللاعبين تسودها محبة واحترام. كما تطرق قائد الرجاء السابق إلى تأثره وزملائه بماضي الرجل والمأساة الإنسانية التي تعرض لها في حرب البوسنة، خاصة لما كان يروي لهم التفاصيل.. كيف أحوالك جمال، نعرف أنك عينت على رأس الفتح الرباطي قبل أيام.. فعلا وشكرا على السؤال، فقد نصبت على رأس الفتح منذ أيام، بعد تجربتي الموسم الماضي في حسنية أغادير، ولكن بصراحة فاجأتموني بهذا الاتصال!. نريد فقط أن نعرف رأيك في بعض الأمور المتعلقة بالمدرب السابق للرجاء البيضاوي الذي عملت معه قبل سنوات طويلة وحيد حليلوزيتش. آااااه.. نعم، نعم بكل فرح وسرور، وحيد إنسان رائع وأنا تحت تصرفكم. عملت مع وحيد حليلوزيتش وكنت قائدا لفريق الرجاء البيضاوي وقتها، فماذا تتذكر من تلك الأيام؟ أتذكر أننا أدينا موسما رائعا 97-98 مع وحيد، الذي كان في بداية مشواره التدريبي، جاء ولا أحد يعرفه ثم فرض نفسه بالعمل وأسلوبه المميز، ولا أنسى القلب الكبير لهذا الرجل، فقد كان في داخله شخص رائع، فيما كان البعض ربما ينخدع بملامحه الصارمة. من الأشياء التي لا زالت عالقة أيضا في مخيلتي بعد وقت طويل من تلك التجربة، حبه للعمل والوقت الطويل الذي كان يخصصه للحصص التدريبية، كان لا يهدأ له بال حتى يسير كل شيء على ما يرام، فهو يحب بل يعشق الدقة، وبعد كل هذه السنوات من الأكيد أنه اكتسب تجربة أكبر، وتعلم أشياء أخرى ستفيده في تجربته مع الجزائر وحتى مستقبلا. يقال إنه كان لا يحب النجوم، إلى أي مدى هذا الكلام صحيح، وهل فعلا كان يفضل الشبان في إستراتيجيته؟ كان في الرجاء البيضاوي في ذلك الوقت نجوم من العيار الثقيل، ولم تكن له مشاكل معهم وأنا كنت لاعبا وأشهد بذلك، بالمقابل لا أنفى أنه كانت له بالمقابل مشاكل مع كل من يخل بالانضباط مهما كان اسمه وسنه وانجازاته، فقد كان شديد الميل إلى الدقة والنظام هذه هي كل الحكاية. كيف كان التعامل بينه وبينكم كلاعبين؟ اشتغلنا بجد طيلة الموسم لأنني في الموسم الموالي غادرت، وأتذكر أننا لم نخسر سوى لقاء واحد في البطولة. حليلوزيتش كان يدفع اللاعبين إلى الانتصارات والعمل لأنه من يتعب هو الذي يلعب، إنه إنسان التحديات الكبرى كما أصفه، يكره تماما من يتقاعس أو يتلاعب، ولم يكن يتردد في القول إنه “شخص خارج من الحرب”، وفي هذه الجملة استنتاج عن السبب الذي يجعله لا يحب من يتقاعس أو يتأخر في التمارين. (نقاطعه) هل كان يتكلم عن الحرب التي خرج منها في البوسنة؟ نعم، كان يتكلم دائما وبتأثر شديد، كنا نحس أن ما مر عليه خلّف آثارا على شخصه وعلى عائلته، لأنه كان يمكن أن يموت والله أعطاه حياة أخرى، هكذا قال. ومرة لما كان يحدثنا عن تفاصيل مطاردته بالرصاص من طرف القوات الكرواتية كدنا نذرف الدموع، خاصة لما قال إنه أصيب برصاصة في أعلى الفخذ، لقد تعرض إلى مأساة إنسانية في تلك الحرب العرقية، ومع هذا كان إنسانا رائعا والدليل أننا تعلقنا به، ليس فقط لأنه عاش هذه الأمور أو لأنه مسلم بل لأن قلبه كبير، ولا يأخذ حق أي لاعب ولا يظلم إلا من يصر على ظلم نفسه. ماذا تتذكر أيضا من تلك المغامرة؟ كنا لما نقرأ الفاتحة في غرف تغيير الملابس كان يعيش تلك اللحظة معنا، ونرى انقباض ملامحه من شدة التأثر، هذه أيضا صورة لا أنساها. كنت قائد الفريق، فكيف كانت الأمور بينكما؟ فعلا كنت عميد الفريق، وعلاقة مودة واحترام بيننا رغم أنه ليس فيها كلام كثير لأن الأمور واضحة، فقد قلت لك إنه يحب الدقة كثيرا، إضافة إلى هذا كنت همزة وصل بينه وبين اللاعبين، فبعضهم لم يكن يجرؤ على مواجهته والحديث إليه. وهل تنفي أنه حصلت له مشاكل مع بعض اللاعبين في موسم 97- 98؟ بكل صراحة وقعت بعض الصدامات، وهذا شيء عادي في كرة القدم، ولكن من دون أن يتجاوز أي لاعب حدوده. بعد 14 سنة عن تلك التجربة أقول إنه كان لا يعرف الحقد، يمكن أن يبعدك عن التعداد تماما في لقاء، وفي المباراة الموالية تجد نفسك أساسيا وهو يمدحك، تعمل أنت صديقه، تتقاعس “ياكلك البانك” (يقصد الاحتياط). هل تعتقد أنه قادر على النجاح في الجزائر؟ أتمنى ذلك، ولو يحصل ذلك لن يكون مفاجأة لي، خاصة أن الرجل له تجربة في السعودية، تركيا، كرواتيا، وفي منتخب كوت ديفوار دون أن أتحدث عن فرنسا. وبخصوص تركيا أعرف جيدا فريق طرابزون سبور، والضغط الرهيب الذي يفرضه أنصار هذا النادي، من الصعب على أي مدرب أن يحتمل ولو تلاحظون شيئا في تجاربه السابقة، هناك قاسم مشترك. ما هو؟ كل الفرق التي عمل فيها لها أهداف رياضية وطموحات، وتملك أنصارا وضغطا من الرجاء البيضاوي حتى فريق دينامو زغرب أكبر فريق في كرواتيا الذي دربه الموسم الماضي. وهذا الأمر يعني أنه لن يجد صعوبة في التعامل مع ضغط الشارع الجزائري أو الإعلام وسيتحكم في المجوعة، أتمنى له النجاح لأنه رجل نقي. كمدرب اليوم، ماذا أخذت من وحيد؟ أخذت منه الجانب الإنساني، والقلب الكبير ولا أريد أن أظلم أحدا معي. ماذا تضيف؟ كما قلت لك الرجل أينما ذهب وجد الضغط وجمهورا لا يريد إلا الانتصارات، وأتمنى بتعاونكم معهم أن يعود كل شيء إلى مجراه الطبيعي بالنسبة لمنتخب الجزائر، وتحياتي إلى الشعب الجزائري الشقيق.